بقلم روبير شعيب

الفاتيكان، الخميس 18 نوفمبر 2010 (ZENIT.org). – عندما نتكلم عن كلمة الله ونشرحها لسنا أبدًا معلمين، بل نحن مثل إخوتنا السامعين والقارئين تلاميذ للكلمة. جميلة جدًا ومليئة بتواضع مؤثر كلمات البابا غريغوريوس الكبير الذي قال مرة: "أعرف أني في كثير من المرات فهمت بحضور إخوتي أمورًا كثيرة من الكلمة المقدسة لم أتمكن من فهمها لوحدي. أنتم تعلموني ما أنا أعلمكم. أعترف أنني مرات كثيرة أصغي معكم لما أقوله لكم".

ما يقوله القديس غريغوريوس لهو واقع روحي عميق ويصعب تفسيره. يفهمه فقط من يعيشه ويخبره مباشرة. هذا الواقع هو التالي: كلمة الله هي كلمة تتوجه إلى الجماعة، كلمة تبني الجماعة وتقوي الفرد كونه عضو في الجماعة. في هذا الصدد يقول القديس بطرس في رسالته الثانية: " ما من نبوءة في الكتاب تقبل تفسيرا يأتي به أحد من عنده" (2 بط 1، 20) وقصده أن يشرح أيضًا – بحسب التفسير الذي يقدمه اللاهوتي إيف كونغار في كتابه عن التقليد الكنسي "التقليد والتقاليد" - أن الفهم الحقيقي للكتاب المقدس، لنبوءات العهد القديم ولأسفار العهد الجديد، يتم فقط في إطار جماعي-كنسي. الكنيسة هي الأرضية المناسبة لكي تضحي بذرة كلمة الله شجرة وارفة الظلال.

وهذا الأمر قد أدركه آباء الكنيسة الأولون الذين قاوموا الهرطقات والتفاسير الخاطئة مرتكزين على ما يسمى "regula fidei" قانون الإيمان، وفي الوقت عينه على تراتبية الإيمان "hierachia fidei" التي تقدم المفاتيح التأويلية المناسبة لفهم النصوص الكتابية بعضها على ضوء بعض. بهذا الشكل قدم أثناثيوس الشرح القويم للكلمات المتعلقة بالحكمة في العهد القديم، وثبت مؤمنيه في الإيمان بابن الآب المتجسد المساوي للآب في الجوهر.

هذا وإن الفهم الجماعي لكلمة الله لا بد أن يقوم في إطار صلاة – ولا عجب أن الكنيسة اختارت الإطار الليتورجي إطارًا متميزًا لتلاوة كلمة الله وتفسيرها لأن "قانون الصلاة يحدد قانون الإيمان". فالصلاة تولد جواب الكنيسة لكلمة الله التي تتوجه إليها، وفي روح الصلاة يهمس الروح القدس إلى النفوس ويردد صدى كلمة الله حية وآنية في يوميات المؤمنين.

وقد وعى آباء الكنيسة هذا الأمر و كان الكثير منهم يرددون ما نجده ملخصًا في كلمات القديس هيرونيموس القائل: "أتصلي؟ فأنت تتحدث إلى عريس النفوس. أتقرأ؟ ها إن عريس النفوس يتحدث إليك". وعليه فإن فهم كلمة الله في الكتاب المقدس يحتاج إلى هذين الإطارين المتكاملين، إطار جماعة المؤمنين، وإطار صلاة المؤمن.