الفاتيكان، الجمعة 12 نوفمبر 2010 (ZENIT.org). – إن زينيت لا تريد أن تكون مجرد وكالة أنباء تنقل الأخبار بتجرد وبرودة، خصوصًا عندما نعرف أن هناك أبرياء يموتون نتيجة لإيديولوجية حمقاء تظن أن الله يفرح بقتل الأطفال والرضّع. ولهذا أردنا في هذه المقالة أن نعطي صوتًا لمن لا صوت لهم. فهم بحاجة إلى صلواتنا، ولكنهم بحاجة أيضًا إلى حلول عملية تحسن أوضاعهم المعيشية. كثير من المسيحيين يعرفون أوضاع العراق فقط من خلال الأخبار. والعديد منهم يريد أن يقوم بشيء عملي لمساعدة المسيحيين، ولكن معظم الأشخاص لا يعرفون ماذا يستطيعون فعله عمليًا.
نعرف أن الصليب هو واقع يومي، إلا أننا مدعوون إلى قبوله ولا إلى البحث عنه بمازوخية واستسلام. فالرب الذي قال في التطويبات: “طوبى لكم إذا عيروكم واضطهدوكم من أجل اسمي” هو نفسه قال: “وإذا امتنع بيت أو مدينة عن قبولكم أو سماع كلامكم، فاتركوا المكان وانفضوا الغبار عن أقدامكم” (مت 10، 14). لذلك أردنا في زينيت العربية ألا نكون فقط “ناقلي أخبار ومآسي” بل ناقلي “مؤاساة ورجاء”… وأن نكون صوتًا لإخوتنا المصلوبين والذين يساقون كحمل للذبح في أرض إبراهيم خليل الله. جمعنا في هذه المقالة كلمات تلقيناها من بعض الأشخاص الذين لهم علاقة مباشرة قريبة أو بعيدة بواقع المسيحيين في العراق. احترامًا لخصوصيتهم وأمنهم (وأمن أهلهم) حرصنا على عدم ذكر أسمائهم أو أماكن تواجدهم بالتحديد.
الرسالة الأولى وردتنا من كاهن لبناني الأب أ. ف. يُعنى منذ فترة بمساعدة اللاجئين العراقيين من مسلمين ومسيحيين، وقد لفت انتباهنا ليس فقط إلى العراقيين الموجودين في العراق بل أيضًا إلى العراقيين المنسيين في دول صغيرة وفقيرة نسبيًا استقبلتهم ولكنها تجد صعوبة مادية ومعنوية في مساعدتهم. وتحدث إلينا عن وضع اللاجئين في لبنان فقال: “هناك الآلاف من العراقيين في لبنان ويحتاجون الى دعم مادي ومعنوي”، ووجه نداءًا إلى المؤسسات الدولية والإنسانية لكي تمد يد المساعدة إلى الكنائس والأديرة والمؤسسات اللبنانية التي تقوم بمساعدة هؤلاء اللاجئين ولكنها تحتاج إلى يد عون ومساعدة لكي تؤمن خدمات أفضل”.
الرسالة الثانية جاءتنا من الكاهن العراقي أ. ن.، صديق الأبوين الشهيدين ثائر ووسيم، كتب لنا: “كمسيحي وكاهنٍ عراقي أطلبُ أن يشاركَ الجميع في إيصال صوت المسيحيين العراقيين إلى العالم مستخدمين سلطة الاعلام، فوسائلنا فقيرة ونحنُ بحاجة إلى إعلامٍ قوي وبكل اللغات من شأنه أن يوصل صوتنا إلى أصحاب الشأن”.
وشدد الأب ن. على أنه يجب على الجميع أن يعرفوا الحقيقة التي يعيشوها العراقيون والتي لا تقتصر فقط على ما حدث في مجزرة كنيسة سيدة النجاة بل أيضًا “في جميع أعمال القتل والتهجير والخطف التي تعرض ويتعرض لها مسيحيونا في العراق” مشددًا على أن “الحقيقة وحدها هي القادرة أن تخلّص العالم، فلنشهد لها جميعًا”.
هذا وأخبرتنا الناشطة الإنسانية العراقية و.و، والتي فقدت في الاعتداء سبعة من أصدقائها عن الوضع بعض الاعتداء على الكنيسة والاعتداءات الأخيرة فقالت: “إن المسيحين في العراق الآن بين صامد و بين خائف لكن الوضع متردي جدا في العراق”.
وأضافت: “أعلم أن رغبة الكنيسة هي أن لا يهاجر الناس، لكن الآن الموضوع اكبر من موضوع الحفاظ على التراث و الحضارة المسيحية .. الموضوع موضوع نفوس في عنق الكنيسة و لا أتخيل أن الكنيسة التي هي أم و معلمة تفضل الحجر على البشر” ومن هذا المنطلق دعت إلى خطوات عملية انطلاقًا من اقتراح تأمين توطين للعراقيين المسيحيين في دول أخرى، علمًا بأن معظم العائلات لا تملك الوسائل المادية لتوطيد ذاتها في الخارج.
وبما أنه غير ممكن أن تقوم عائلات أوروبية مفردة بتبني عائلات عراقية دعت السيدة و. إلى القيام بعمل جماعي على صعيد رعوية مثلاً فتتبنى كل رعية عائلة واحدة وتؤمّن لها إمكانية الحظي بعيش أمين وكريم.
من ناحية أخرى دعا الراهب ب. م. إلى توجيه نداء دولي إلى الدول الإسلامية وإلى المسلمين داعيًا إياهم إلى عدم الوقوف مكتوفي الأيدي أمام هذا العمل الإرهابي إذا كانوا حقًا يرفضونه. ودعا إلى رفع الأنظار إلى الرجاء المسيحي فقال: “لن نيأس فهكذا بدأت الكنيسة الأولى، فبعد العنصرة جاء الإضطهاد وانتشرت الكنيسة”.
وقارن السينودس بعنصرة جديدة للشرق، يأتي بعدها الاضطهاد فقال: “واليوم نشهد انطلاقة جديدة للكنيسة في العالم العربي فالسينودس كما وصفه الآباء بالعنصرة الجديدة وها بعد العنصرة أتى الاضطهاد، فافرحوا أيّها الشهداء لأنّ الرّب سمع صوت دمائكم الّتي عليها ستبنى الكنائس من جديد”.
وختم بالقول: “كل ما نستطيع أن نفعله هو أن نري العالم أنّ قوّة المحبّة أقوة من قوّة السّيف”.