الدكتور حبيب الصدر: " لم يفرق الإرهاب يوماً بين مسيحي أو مسلم " (2)

مقابلة مع السفير العراقي لدى الكرسي الرسولي

روما، الأربعاء 17 نوفمبر 2010 (Zenit.org) – في 31 من اكتوبر، قامت جماعة ارهابية بالاعتداء على كنيسة سيدة النجاة للسريان الكاثوليك في بغداد.  الاعتداء أسفر عن مقتل لا يقل عن 55 شخصاً وجرح حوالي المائة.

عقب هذه الحادثة كان للقسم العربي في وكالة زينيت لقاء مع السفير العراقي لدى الكرسي الرسولي في روما، الإعلامي الدكتور حبيب محمد هادي علي الصدر.

ننشر في ما يلي القسم الثاني من المقابلة:

هل حققت هذه الهجمات هدفها؟

الواقع انها لم تحقق الكثير من اهدافها بسبب تعاظم الوعي الجماهيري، وتمسك العراق بالخيار الديمقراطي بمشروع العراق الجديد التحولي التعددي، بدليل ما شهدناه من نجاح القادة السياسيين في انتخاب الرئاسات الثلاث، وتكليف دولة المالكي بتشكيل حكومة جديدة. من الأهداف الرئيسية للتفجيرات، تعويق تشكيل الحكومة، وجاء الرد على أيدي قادتنا السياسيين الذي ارتقوا بوعيهم ليردوا على هذه المؤامرة التي تستهدف وحدتنا الوطنية وذلك بتشكيل الرئاسات الثلاث وبالشروع فوراً بتشكيل الحكومة الجديدة. ولعل هذا التفجير كان حافزاً للسياسيين لنبذ خلافاتهم والرقي بوعيهم الى مستوى ما يريده الشعب. ما نجح فيه الأشرار الأوغاد، هو لفت أنظار الإعلام  الدولي وإثارة قلق الأوساط المسيحية الغربية. وهنا أريد أن اقترح على الأوساط المسيحية الغربية أن لا تعتني فقط بالمكون المسيحي، ويجب أن تكون المساعدات لكل مكونات الشعب العراقي لسبب وهو أن الإرهابيين يرددون بان المسيحيين العراقيين هم أتباع الغرب وهو ينفذون السياسية الغربية في العراق، ولذلك يستهدفونهم. ولذلك فأنا اناشد المنظمات والأوساط المسيحية بأن تهتم بكل مكونات الشعب العراقي لئلا يلصقوا  هذه التهمة بالمسيحيين العراقيين من حيث لا يدرون. والحقيقة ان المكونة المسيحي في العراق هو مكون وطني، وهو متمسك بتراب وطنه ولا يريد اي تبعية أجنبية.

مع الأسف الشديد يردد الإعلام الغربي بأن هناك مؤامرة على الوجود المسيحي العراقي وبأن هذه المؤامرة منظمة وضالعة فيها أطراف عراقية وأن هناك طمس منظم للإرث الثقافي الديني المسيحي. وأنا أقول بأن هذه الصورة غير حقيقية، بدليل بسيط أن يوم الأحد الدامي استهدف الارهابيون المسيحيين في كنيسة سيدة النجاة، ثم مالوا يوم الثلاثاء على المسلمين فأوقعوا فيهم من القتلى والترويغ والتدمير أضعاف ما فعلوا بالمسيحيين، ثم مالوا على زوار العتبات المقدسة في كربلاء والنجف، فأوقعوا فيهم شهداء وجرحى وكان من بينهم عدد من الزوار الأجانب. حتى المملكة العربية السعودية اليوم تخشى على الحجاج من شرور الزمر الإرهابية. هؤلاء إذن هم أعداء الإنسانية، اعداء البشرية، وليسوا اعداء المسيحيين فقط. هم ولغوا بدماء المسلمين قبل أن يلِغوا بدماء المسيحيين. لم يفرق الإرهاب يوماً بين مسيحي أو مسلم.

 

بالحديث عن التفجيرات، هل كان هدفها ديني أم سياسي؟

لقد كان الهدف من هذه التفجيرات سياسياً محضاً، ولكن الإرهابيين أرادوا التعتيم على هذا الهدف فادعوا زوراً بأن هذه العملية تمت من أجل استنقاذ سيدتين قبطيتين مصريتين تحولتا من المسيحية الى الاسلام وقد حجزت عليهما كنيسة قبطية في مصر. هذا هو الادعاء المعلن لهؤلاء الارهابيين. ولكني أقول بأن هذا الادعاء باطل. كان ذلك فقط للخداع، والسبب الحقيقي هو سياسي كما سبق وقلنا.

برأيكم، هل هناك علاقة بين الاعتداء والسينودس الأخير، سينودس أساقفة الشرق الأوسط؟

أنا لا استبعد وجود ربط بين السينودس والتفجيرات، ذلك لأن آباء السينودس من أساقفة الشرق الأوسط وبحضور عدد من الشخصيات الاسلامية ومنهم المفكر محمد السماك، استطاعوا ان يؤسسوا لحوار ديني مسيحي اسلامي. من شروط هذا الحوار أن يبني على المشتركات – والمشتركات كثيرة بين الديانات السماوية وحتى مع اليهودية – وينحّي الاختلافات، والاختلاف طبيعي، وصولاً الى رؤيا مشتركة والى احترام متبادل والى قبول بالآخر. ارادت هذه التفجيرات أن تعطي رسالة الى آباء السينودس لأنه لا يروق للإرهابيين هذا التقارب بين الديانة المسيحية والإسلامية. ارادوا أن ينسفوا هذا التقارب وأن يوجهوا رسالة وكأنهم يريدون زوراً وبهتاناً أن يتحدثوا نيابة عن كل المسلمين التواقين الى هذا الحوار، يريدون أن يقولوا أن لا حوار مع المسيحيين.

ما هو شكل الحوار المسيحي الاسلامي في العراق؟

الحقيقة أن العلاقات بين الزعامات المسيحية والاسلامية هي علاقات محبة واحترام متبادل. أقولها وأنا متأكد من هذه الزعامات كل منها تحترم وتبجل الأخرى. ولا يشوب هذه العلاقات التنابذ والتشاحن. لم أسمع يوماً أن رجل دين شن حملة على رجل من غير ديانته. في العراق، هذا لا يوجد. قد تقول لي هل هذا الحوار المطلوب وصل الى درجة النضج المطلوبة؟ أقول لا، لم يصل الحوار الى درجة من النضج مطلوبة. وهذا خلل يجب معالجته. أسباب عدم نضج هذا الحوار عائدة أيضاً الى حالة الانطواء التي يتميز بها المشهد المسيحي في العراق. إضافة الى أن هناك هشاشة في الشراكة الكنسية بين مختلف الكنائس المسيحية العراقية الكاثوليكية والارثوذكسية. هم انفسهم موقفهم غير متماسك، وبالتالي عدم التماسك هذا، أخّر حسم أمور كثيرة ومن بينها موضوع الحوار.

Share this Entry
Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير