إعداد الأب شربل رعد
بيروت، الخميس 2 فبراير 2012 (ZENIT.org). – طبعًا، إن حاملي هذا الاسم كُثرٌ في سوريا. ولكننا نتحدَّث عن مارون الناسك، الذي عاش في الشمال السوري ومات قبل مجمع خلقيدونيا (سنة 451)، أي عاش في نهاية القرن الرابع وبداية الخامس. وهو ينتمي إلى الحضارتين اليونانيَّة والسريانيَّة. إنه مارون الذي شيَّد الأمبراطور مرقيانوس ديرًا على اسمه في منطقة أفاميا (سوريا الثانية) سنة 452، والذي كتب عنه ثيودوريطس أسقف قورش.
مَن هو ثيودوريطس أسقف قورش؟
إسمه من أصل يوناني يعني “فضل الله”. ولد في أنطاكية عام 393، سرياني اللسان، نشأ في ظل الكنيسة التي كان يعظ فيها القديس يوحنا الذهبي الفم، وهو رجل مثقف تعلم جيدًا اللغة اليونانيَّة. ترهَّب سنة 416 في أحد ديري النقيرة، تحت قانون مرقيانوس الراهب في دير بناه أغابيطس تلميذه. عُيِّن أسقفًا سنة 423 على أبرشيَّة قورش الواقعة في سوريا الفُراتيَّة التي كانت تضم 800 رعيَّة. وهو صاحب مؤلَّفات كثيرة في الكتاب المقدس والتاريخ الكنسي والتاريخ الرهباني والعقيدة… توفِّي على الأرجح سنة 460. لم يعرف ثيودوريطس مارون الناسك بشكل مباشر، فقد توفي مارون حوالى سنة 410 قبل أن يتسلم ثيودوريطس زمام الأبرشيَّة القورشيَّة.
في أي كتاب من مؤلفات ثيودوريطس ترد سيرة مارون الناسك؟
ترد سيرة مار مارون في كتاب وحيد حتى الآن هو “تاريخ أحباء الله”، أي تاريخ رهبان سوريا، للمؤلف ثيودوريطس والذي كتبه سنة 444. وهذا المؤلف هو مرجع أساسي، لا بل هام جدًّا، عن الحياة الرهبانيَّة في سوريا من القرن الرابع إلى سنة 444، ودونه تبقى هذه الحياة شبه مبهمة. وقد ألَّفه في اللغة اليونانيَّة، وهو يحتوي على مقدِّمة وثلاثين فصلاً. يعرض لنا القورشي في هذا الكتاب “تاريخ أحبَّاء الله” الحياة الرهبانيَّة الثلاث المعاشة آنذاك: الحياة التوحديَّة، الحياة النسكية والحياة العموديَّة؛ وفي الفصل السادس عشر منه يروي لنا سيرة مارون الناسك. وفي الختام ملحق في الصلاة والمحبة الإلهيَّة. وقد شكلت زيارات ثيودوريطس الأسقف للنساك وسماع أخبارهم ومآثرهم نواة أساسيَّة للكتابة. أما الهدف من هذا الكتاب فهو استخلاص العبر من حياة أبطال الفضيلة والتعريف بالسيرة النسكيَّة. وهو بالطبع قد سمع الكثير عن مارون وربما من تلميذه الناسك يعقوب القورشي الشهير.