لكن يسوع، ومثل ما عودنا ان يكون دائما الطبيب الآتي من أجل الأصحاء، يستقبل الأبرص لا بل يلمس الأبرص، يرفض كل الأعراف والتقاليد التي جعلت من هذا الأبرص منبوذا وكل من يلمسه منبوذا ونجساً، يتحاور يسوع معه، أي يعتبره حياً وشخصا ممكن الحوار معه، فمهما ابتلى الإنسان بالمرض، يبقى إنساناً يستحق الحياة، وكم هنالك من مرضى في بيوت الكثير من الناس مهملين ومرذولين لا بل نتقزز من الإقتراب منهم، تماماً كما كان حال الأبرص... إذا، تجاوز سافر للقانون والأعراف، يسوع لا يتخذ القانون كوسيلة للهرب من المسؤولية تجاه هذا الأبرص، بل يتعامل معه، يتخطى القانون، فقط لأن الآخر إنسان بحاجة الى مساعدة، والحب يتخطى القانون... ونحن، في الكثير من الاحيان نهرب من المسؤولية باسم القانون....
    شخص منبوذ من قبل الجميع، يصرخ إلى يسوع: "إن شئت فأنت قادر على أن تطهرني"...  هذه الكلمات من هكذا شخص بائس، ويصرخ صرخة اليائس، إن شئت، لأنني استنفذت كل المحاولات للشفاء، بقيت أنت الخيار الوحيد، فاعمل ماشئت فلا يهمني شيء... يسوع لا يقبل الإنسان لأنه غير طاهر، بل لأنه إنسان بحاجة ماسة إلى الخلاص، إذا هنالك رغبة من داخل الإنسان ليتطهر، ليكون سليماً ليكون كاملاً...
    حقيقة، ومن خلال هذه الحادثة وهذه المعجزة يظهر لنا بأن الإنسان في الأصل طيب وبريء وانه لا شيء خارجي يستطيع أن ينجسه بل ما يخرج منه هو الذي ينجسه ويجعله بعيداً عن الله، الله لا يعاقب الناس بالأمراض والكوارث لانهم خاطئون، الله دائما يعطي الفرصة للعودة والتوبة، الإنسان لديه الفرصة ليعود إلى الله ما دام حياً، فإذا عاقبه الله بالموت فكيف يستطيع هذا الإنسان الرجوع إلى الله بالتوبة، هو لا يستطيع ان يتوب لانه مات وكل ذلك بسبب الله... إذا الله يعطي الحياة دائماً، هذا هو المبدأ، وهو ينتظر الإنسان حتى آخر لحظة من حياته ليتوب، هو لن يبتليك بمرض حتى تتعلم وترجع إليه، ربنا لا يجرب احداً بالشر، مثل ما قلنا قبل يومين، ربنا ما يحتاج الى ان يجربنا حتى يعرف مقدار اسماننا والتزامنا، ربنا يعرف من نحن..... وربنا ان لم نؤمن به، فهو لن يعاقبنا، لانه لا يريد ان نؤمن به بالقوة... هو يريد ان نؤمن به كأشخاص احرار، ربنا لا يريد ان نؤمن به غصبا عن ارادتنا...  
أبرص، إذاً، إنسان قبيح، ذو جسم متقرح، مقزز لمن ينظر إليه، لا يستطيع تادية واجباته الإجتماعية، إذا إنسان غير جميل... ولكن هذا الإنسان سيصبح جميل إذا كان هنالك هذا اللقاء مع الأشخاص، لقاء مع أشخاص يعتبرونه إنسان بكل ما يحمله من تشوهات وتقرحات... حقيقة، فقط في لقاء الله بالإنسان يستطيع أن يكتشف الإنسان جمال الحياة، وجمال ذاته هو، الجمال في الشفاء الذي يعطيه الله... كم من الناس المرضى في عوائلنا بحاجة الى عناية، الكثير منهم مهملين، وكانهم اموات، لا وجود لهم... مهما كانوا متطلبين، مهما كانوا مقززين، فهم اناس....
علينا أن نتعلم بان وقت المرض والألم هو وقت التضامن وتقديم يد المساعدة، وليس الترك والتعيير والإستغلال... هنالك الكثير من المرضى في العوائل مهملين، شيوخ كانوا أم عجائز، أمراض خبيثة كانت ام عاهات جسدية، اشخاص يحتاجون إلى من يبتسم في وجوهم أبتسامة تعطي لهم الحياة والامل... فهل ستكون أنت من يبعث الحياة إلى هؤلاء الناس من جديد... خذ دورك الحقيقي كإنسان، فتكون على صورة الله، إنساناً حي يعطي الحياة للآخرين.... آمين