بقلم الأب منتصر حداد
الموصل، الجمعة 10 فبراير 2012 (ZENIT.org). – توصينا الكنيسة، أن نذكر في صلوتنا الاشخاص الذين خدموا المذبح طيلة حياتهم التي كرسوها للرب، وأيضا الأشخاص الذين عاشوا حياتهم وايمانهم في داخل الجماعة المسيحية، خاصة خلال هذه الفترة بين صوم الباعوثا والصوم الكبير، اذ تخصص الكنيسة بحسب الطقس السرياني الانطاكي، تخصص ايام الاحاد والجمع للصلاة من اجل: الاساقفة، الكهنة، الشمامسة وكل انسان متوفى قريباً كان أم غريباً، اذ لكل انسان حق علينا في الصلاة من اجله ليرحمه الله…..
اذا تاملنا في إنجيل هذا الأحد، وخاصة مطلع الانجيل ” لا تخف ايها القطيع الصغير، فإن أباكم قد سر ان يعطيكم الملكوت” أيها القطيع الصغير، كلمة حنان رائعة يخاطبنا بها يسوع، أيها المدللون والقريبين على قلبي، لا تخفوا، فهنالك شخص يهتم بكم… هذا الشخص هو الأساس الذي تبنون عليه حياتكم… لهذا لا تخافوا أن تخسروا شيئاً، لا تخافوا أن تعطوا صدقة، فاعمال الحب التي تقومون بها في حياتكم، هي الكنز الذي لا يبلى أبداً، ففعل الحب لا ينتهي ولا ينمحي…
يسوع في هذا الإنجيل، يجثنا على السهر، وان نكون دائما مستعدين لذلك اليوم الذي فيه نلتقي بالرب، ولكن متى يحين ذلك اليوم، لا احد يعرف، ولهذا علينا أن نكون مستعدين دائما فقد يكون اليوم هو اليوم الموعود أو قد يكون غدا أو قد يكون في هذه اللحظة او بعد ساعة، لا أحد يعرف….لهذا التهيؤ والإستعداد ضروري عندما يكون عنصر المفاجأة موجود… لكن، كيف يمكن أن يكون هذا الإستعداد…
حياة الإنسان فيها ثلاثة أبعاد علائقية: 1) مع الله 2) مع القريب 3) مع الذات… هذه الأبعاد الثلاثة يجب أن يكون الإنسان أميناً في التعبير عنها… فحياة الإنسان كلها تتضمن هذه الأبعاد الثلاثة… فالأمانة مع هذه الأبعاد يعني بان الإنسان هو مستعد لأن يرجع امانته التي أخذها من الله إلى الله، لانها هي هذه الوزنة الحقيقية التي اعطاها الله للإنسان، لهذا التعامل معها بأمانة تعني الاستعداد الكامل مدى الحياة لتكون هذه الامانة نظيفة….
إن الحياة المسيحية هي حياة انتظار للملكوت، وهذا الإنتظار يتطلب منا ان نكون أناس عمليين، لا نكتفي بالنظر فقط، بل تحتاج إلى شخص يحققها في الواقع، فعليك اليوم أن تعيش الملكوت، ان تحققه في حياتك اليوم، وليس بعد الموت، فما بعد الموت هو نتيجة لعملك وأنت حي، ما بعد الموت هو عمل الله، اما الإنسان فعمله الذي يعنيه هو الآن هنا في هذه الحياة… …. الإنتظار لا يعني أن تجلس مكتوف الأيدي… ولهذا يقول يسوع في الإنجيل، بيعوا مقتناكم وأعطوا صدقة، لتكن احقاؤكم مشدودة وسرجكم موقدة. إذاً، هنالك عمل من أجل الخير، العمل الذي يعني بان الإنسان لازال ملتزماً بالأمانة التي أعطاها الله له، بالوزنة التي أعطاها الله له….
إذاً، فقط الذي يعمل ويعمل، فقط الذي يحاول أن يستثمر الإمكانيات الموجودة فيه والامانة التي اعطاها الله له، فقط هذا الإنسان يستحق الملكوت، لان الملكوت هو للأحياء، وفقط الإنسان الذي يعمل هو الإنسان الحي…. أما الإنسان الذي يعش طول العمر نائم في مستنقع حياته، فهذا الإنسان لا يستحق الملكوت، بل يستحق الموت الأبدي، لأنه هو اختار الموت، فهو اكتفى بالجلوس والتفرج على الآخرين وحياته…. الكسل هو بحد ذاته يجعل الإنسان متعفن، الإنسان الكسول، فرائحة التعفن تفوح منه، رائحة التعفن هذه هي رائحة الموت…
الإنجيل يتكلم معنا بكل صراحة: “ليس مرحب بالكسول الذي يدفن امانته المعطاة له من الرب تحت الأرض” ما معنى دفن الامانة، معناها اللامبلاة تجاه الله وتجاه القريب وتجاه الذات واللامبالاة تجاه كل ما يجعل هذا الإنسان شاهد حقيقي لله في العالم… اللامبالي لا مكان له في الملكوت، عليك أن تعمل للخير حتى تكون مستعد لاستقبال الله، فمن يتعب ويشقى يجني الثمار ومن لا يتعب يبقى طول العمر بلا ثمار… اعمل ما دمت حياً، اعمل من أجل الخير، في هذه الحياة من الممكن ان تكون مستعد، فهل أنت مستعد؟.. لا تتوانى وتستخف بالإستعداد للدخول إلى السعادة مع الله، فبالنهاية ستكون أنت من يضحك عليه الآخرين…
لا تكن كسلاناً، فإذا كانت كسلانا ورأيت الآخرين يجنون الثمار الطيبة، سوف تكون مضحوك عليه، ومن يضحك أخيراً يضحك كثيراً… لا تكن كسلاناً، كن مستعداً بالعمل من أجل الخير، فالكسل يصيب النفوس بالتعفن، فهل تريد أن تكون متعفناً أم إنساناً، فاعلاً منتعشاً، حراً، مسؤولاً يعرف كيف يكون حجرة أخرى تضاف إلى الأساس الذي يسند الكنيسة والحياة الإنسانية وبالتالي يسند الملكوت…
–