" يا أبتِ مجدِ اسمك"

عظة مار مارون

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

المطران يوسف-أنيس أبي عاد

حلب، الجمعة 17 فبراير 2012 (zenit.org)- ننشر في ما يلي عظة المطران يوسف-أنيس أبي عاد، رئيس أساقفة حلب بمناسبة عيد القديس مارون.

* * *

يطلّ عيد مار مارون علينا هذه السنة حاملاً لنا, في هذه الظروف الصعبة التي نعيش،بلسمَ عزاءٍ روحي رقيق.وها هو إنجيل اليوم يرينا المسيح يسوع يحكي مع الآب ويصلّي له وهو في أوَج القلق والإضطراب…فإذا كان إبن الله هو ابن الإنسان في آن. كان لا بدّ له، مثلَ كل  إنسان أن يخشى الألم ويخاف من الموت.

 علاقته البنوية الفريدة بالأب جعلته يعرض حالته عليه، ُيخبره بها،ويطلب إليه بكل خشِّية أن ينظر بأمره، فيقول

 “يا أبتِ نجني من هذه الساعة”.
لو حصل له ذلك وأُزيحت عنه هذه الساعة، لكان كل شيء قد انتهى ولما كان تمّ العمل الخلاصي المُحب  بروحية هذه الطريقة التي تمَّ بها وعبقريتها.
– فالمسيح لم يُرد أن يأمر الشر فيتوارى، أو يضمحل… بل كان قصده أن “يغلب الشر بالخير” كما يعبّر القديس بولس.
والشر وإن لم ينتهِ … فإنه مُكتََنف بالخير… 0000
المهم بالنسبة للمسيح لا أن يعرض أمام الآب الأمور الصعبة التي يمر فيها فحسب، بل أن يقدم من خلالها أمراً واحداً مميزاًً صادراًً عن أُقنومه القدوس، ألا وهو أن يتمجّد اللهُ أبوه في الحال التي هو فيها كما وفي كل حال. وتكون هذه التقدمة بمثابة هديةِ حياة تُرفَعُ أمام عزة الآب الإلهية، بكل ما فيها من ألم وبهاء…
    صلّى إذن يسوع وقال: “يا أبتِ مجد اسمك”… فعن المجد يقول مار افرام السرياني: “إنه يعني الجمال الخفي والجلي في آن،… يعني تألق الجلال، يعني انسياب الضياء أمامه ومن حوله، ساكباً على الصغار وَمضاتِه وعلى الكبار أشعَّته…. وعندما يأتي على ذكر الإبن الآهي فيُضيف : “أما عزة مجد الآب فإن الابن الوحيد كفيءٌ لها.”
    وعليه يمكنُ القول:
    إذا كانت المرحلة الأخيرة التي يُقْدِمُ الابن عليها مُنغَّصةً بكل أنواع الألم والعذاب، وكان مآلُها الموتَ المحتم… فإن هذه المرحلة، على قساوتها، داخلة في عمل التمجيد… ونفهمها نحن  وكأنها ذروةٌ في التمجيد… لأنها ذروةٌ في المحبة… لأنها ذروةٌ في الطاعة.
    نحب الله عندما نُطيعه… ويُحبنا بأنه أيضاً يُطيعنا… عمل المحبة أن ننفذّ للآخر، بكل رضىًوارتياح، كلِّ ما يُريد. والقديسون الذين نعيّد لهم في هذه الأيام (في أسابيع التذكارات التي نحن فيها) هم إلى هذا الحدّ أعزاء عند الله حتى إنهم يجولون في بيت الله كما في بيتهم ويجترحون العجائب…. وما ذلك إلا لأنهم يحبون الله والله يُحبهم.
    فإذا كنا نحب الله والله يُحبنا، فلنسعَ إلى تمجيده… داخلين بروحية الابن الإلهي وقائلين: “ليتمجد اسمك فينا أيها الآب، وفي الظروف التي نعيش”… فلتبردْ إذن، أيها الإخوة الأعزاء، حرارةُ اضطرابكم… فتشوا كيف تحبّون الله أكثر في هذه الأوقات الحرجة، وكيف يمكن أن تحبوا الناس… وهم ينتظرون منكم موقف هناءٍ داخلي، وعبادة روحية، أُصغوا إليهم بعد إصغائكم إلى الله. صلّوا بعمق لكي يعرف كلٌ منكم  ماذا عليه أن يعمل في مثل هذه الآونة… وليكن على ثقة بأنه إذا تأّلم، فإنه لله يتألم… ومن ثم من أجل الآخرين أيضاً… وإذا تعزى فالعزاء له… ولكل الناس وللوطن الغالي.
وهكذا فإذا صرخنا إلى الرب وقلنا مع الابن: “يا أبت مجد اسمك”، فإننا نتوخى أن نسمع الجواب عينَه: “قد مَجدّتُ واُمَجِّدُ”…
    ونذهب إلى بيوتنا وفينا سلام المسيح، نحيا فيه ونحمله إلى الكثيرين بشفاعة ابينا القديس مارون وبركته. آمين.

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير