أنا مسيحي قادم من القدس، ومثل كل مسيحي فيها أخنل القدس كلها وكل من فيها في إيماني وصلاتي. ورسالتي لهذا المؤتمر وللعالم رسالة مسيحية. ولكنَّها أيضا رسالة شاملة بشمولية القدس، إذ هي مقدَّسة لليهود وللمسلمين والمسيحيين. القدس للمسيحيين هي كل شيء. للمسيحيين الذين يعيشون فيها سواء كانوا من أهلها أو قادمين إليها من العالم كله، وللمسيحيين حيث هم في العالم كله، هي مدينة الجذور وهي العاصمة الروحية لكلّ واحد منهم. في القدس وُلِدَ كلّ مسيحي، ومنها انطلقت جميع الكنائس.

2    الرؤية الفلسطينية المسيحية للقدس هي رؤية شاملة للديانات الثلاث الموحِّدة فيها، وهي في ضمن هذه الرؤية الشاملة رؤية فلسطينية إسلامية ومسيحية في آنٍ واحد. فهي عاصمة الدولة الفلسطينية التي ستنشأ، عاصمة لكل مواطنيها. ولكن الرؤية الفلسطينية والعربية الإسلامية لا تتم إلا بالرؤية الإنسانية بل الإلهية للمدينة، المقدَّسة لليهودية والإسلام والمسيحية. وهاذان عنصران متكاملان غير قابلين للانقسام: أوّلًا عاصمة خاصة، وثانيا مكان صلاة وحياة يومية بكل متطلباتها للمؤمنين فيها من الديانات الثلاث، ومن ثم للإنسانية.

القدس مدينة فيها حقوق وواجبات للإنسان كإنسان، وللإنسان الفلسطيني المسيحي والمسلم كمواطن. وبقدر ما استطاع ساكن القدس، الفلسطيني المواطن والمؤمن، أن يسمُوَ بسمُوّ المدينة، بالمقدار نفسه استحقَّ بل استطاع أن يغالب القدر المعادي له اليوم فيها.

والمؤمنون أنفسهم، أهل القدس، هم أيضا يعتبرون بما لمدينتهم من قداسة وشمولية. فيكون فيها كلُّ مؤمن مُخْلصًا لإيمانه إخلاصًا كاملًا، ويَرحَبُ قلبُه ليتّسع للمؤمن المختلف عنه ويتيح له أن يكون هو أيضا مُخلِصًا الإخلاص الكامل لإيمانه. فتصبح العلاقة فيها بين المؤمنين من مختلف الديانات علاقة إنسان بإنسان. هو موقف يتطلَّب التسامي فوق الذات البشرية، والنظر إلى سمو الله الذي أراد أن يضفي على هذه المدينة شيئًا من سموّه.

القدس للمسيحية هي مدينة الجذور، وهي للإسلام مدينة عربية وإسلامية منذ نشأة الإسلام. وهي مدينة مقدسة للديانة اليهودية، بل هي اليوم تحت سلطة إسرائيل تعمل جاهدة لتحويلها إلى مدينة يهودية. وفيها إنسان مظلوم هو الإنسان العربي الفلسطيني.  

3    فالعمل المطلوب هو سؤال يُطرَح على العرب المسلمين في فلسطين وفي العالم، وعلى العرب المسيحيين في فلسطين وعلى المسيحيين في العالم، وعلى اليهود أنفسهم في القدس وفي العالم: هل يجب أن يبقى في القدس ظالم ومظلوم؟ وماذا يعمل العرب المسلمون لتبقى القدس بطابعها الشمولي وتبقى معه عربية مسلمة، ولتبقى القدس المسيحية مسيحية عربية وعالمية، وماذا على إسرائيل أن تعمل لتحترم شمولية القدس وتبقيها مدينة حيث جميعُ المؤمنين سكّانِها متساوون لا يحكم أحد أحدًا بل كلُّهم متساوون في السيادة والكرامة والإنسانية، ومن ثم في حرية البقاء فيها وحرية الوصول إليها وإلى أماكنها المقدسة.
القدس تتطلَّب وضعًا خاصًّا يشمل إيمان جميع المؤمنين فيها وجميع مقتضيات حياتهم اليومية الدينية والاجتماعية والسياسية. فلا يبقى فيها مظلوم بل الكل فيها إنسان متساوٍ بالكرامة التي كرّمه بها الله.

4    اليوم، القدس مدينة تحتضَر، مدينة تموت. وهذا المؤتمر لن يزيل الموت عنها. مالم يكن مؤتمرا جديدا وبداية عمل جديد.
مطلوبٌ وعي آخر وفهم آخر للمدينة وللإنسان فيها، ومسؤولية مشتركة، عربية إسلامية ومسيحية ويهودية من قبل كل من يريدون بالقدس خيرًا. مطلوب أناسٌ يعملون من أجل قداسة القدس وأصالتها وشموليتها، ليجعلوا منها قلب العالم، مانحَ السلام، والمكانَ الذي يكرَّم فيه الإنسان، كل إنسان، كما كرَّمه الله.    
 

الأحد الثاني من الصوم

الأب منتصر حداد
    الموصل، الجمعة 24 فبراير 2012 (ZENIT.org). –  في إنجيل اليوم قصة إنسان بائس، مأسور من قبل مرض فتاك، غير قابل للشفاء… شخص مريض جسدياً ومبعد عن سائر الناس وعن العبادة الدينية، يحكم عليه بالابتعاد عن الناس، لأنه نجس بالمرض… وكان كل شخص يلمس أبرصاً يصبح هو أيضا نجس ولا يتطهر إلا بمرور فترة معينة يضعها الناموس وبعد مشاهدة الكهنة له… نجس نجس، هذا ما كان يصيح بيه المصاب بالبرص، محذرا الناس بعدم الاقتراب منه… وتطهير هذا الأبرص هو بمثابة إعادة الحياة لميت، والله وحده قادر على أن يعيد الحياة…

البابا يلتقي كهنة أبرشية روما مع بداية زمن الصوم المبارك

الفاتيكان، الخميس 23 فبراير 2012 (ZENIT.org). – إذاعة الفاتيكان – التقى البابا بندكتس السادس عشر صباح اليوم الخميس في قاعة بولس السادس بالفاتيكان كهنة أبرشية روما: لقاء يتجدد كل عام مع بداية زمن الصوم المبارك. تقدم الكهنة نائب البابا العام على أبرشية روما الكاردينال أغوستينو فاليني الذي وجه كلمة للبابا عبر فيها عن فرحة الكهنة لهذا اللقاء الروحي مع بداية زمن الصوم.
عبر فاليني عن امتنان الكهنة لإعلان البابا سنة الإيمان التي ستبدأ في الحادي عشر من تشرين الأول أكتوبر القادم لمناسبة الذكرى السنوية الخمسين لافتتاح المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني، والذكرى العشرين لصدور كتاب التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية.
وأعرب نائب البابا العام على أبرشية روما عن ثقته بأن سنة الإيمان ستكون زمن نعمة بالنسبة للكنيسة تماما كالسنة البولسية والسنة الكهنوتية، لافتا إلى أن هذه المناسبة تشكل دعوة قوية وملحة للعودة إلى أساس وجوهر الحياة المسيحية، إلى شخص يسوع المسيح محور الإنسان الجديد كي نوقظ مجددا لدى رجال ونساء زماننا الإيمان الإنجيلي وهذا هو ما تصبو إليه المشاريع الرعوية التي وضعتها أبرشية روما وتقوم بتنفيذها خلال السنوات الماضية بدعم وتشجيع من البابا.
 
البابا يسلم إكليروس أبرشية روما قانونا للحياة
 
أجرى البابا بندكتس السادس عشر صباح اليوم الخميس لقاءه التقليدي السنوي خلال زمن الصوم مع إكليروس أبرشية روما، وبعد إلقائه كلمة حول رسالة القديس بولس إلى أهل أفسس، سلّم البابا كهنة الأبرشية كتابا بعنوان “مختار من الله من أجل البشر”.
نقرأ في مقدّمة الكتاب، بقلم الكاردينال أغسطينو فاليني نائب البابا في أبرشية روما، المقصود من هذا الكتاب أن يقدم:” قانون حياة كمثال للإتباع ولا كمجموعة قوانين. لا بل كدليل لحياتنا ككهنة”. والجدير بالذكر هو أن هذا الكتاب هو ثمرة السنة الكهنوتية التي احتُفل بها عام 2010، وقد شجع عليه الأب الأقدس وأغناه بإهداء خاص. اهتم بصياغة النص المجلس الكهنوتي الأبرشي والذي أراده أن يكون أداة تستقي من ينابيع الكتاب المقدس وغنى تعليم الكنيسة، والفكر اللاهوتي-الروحي حول سرّ الكهنوت وشهادة حياة عدد من كهنة أبرشية روما القديسين.