ينظر يسوع إلى الشاب ويقول: بني مغفورة لك خطاياك... والناس كانوا يعتقدون ان المرض هو عقاب الله للإنسان نتيجة الخطيئة التي ارتكبها... فيتقدم يسوع ويصحح هذا الافكار عن الله وعن البشر، فيبشّر يسوع الإنسان المريض: الله لم يغضب منك، تشجّع ولا تخف، قم احمل فراشك وامشِ... فيظهر وراء يسوع قلب الله الرؤوف المستعد ان يغفر لنا قبل أن نسأله الغفران... بالتأكيد هذا المريض هو خاطيء مثلنا، لكن هو ليس تحت لعنة الله وغضب الله....  الله لا يعاقب الناس بالأمراض والكوارث لانهم خاطئون، الله دائما يعطي الفرصة للعودة والتوبة، الإنسان لديه الفرصة ليعود إلى الله ما دام حياً، فإذا عاقبه الله بالموت فكيف يستطيع هذا الإنسان الرجوع إلى الله بالتوبة، هو لا يستطيع ان يتوب لانه مات وكل ذلك بسبب الله... إذا الله يعطي الحياة دائماً، هذا هو المبدأ، وهو ينتظر الإنسان حتى آخر لحظة من حياته، هو لن يبتليك بمرض حتى تتعلم وترجع إليه، هو لا يريد ان يقيم علاقة معك بالقوة، هو يريد ان تكون أنت كإنسان، الحر من يذهب إليه ويحضنه...

وعلينا أن ننتبه إلى أمر مهم في هذه الحادثة الإنجيلية، دائما على الإيمان أن يسبق المعجزة، المعجزة لا تولد الإيمان، يعني يا رب اعط لنا آية حتى نؤمن بك... موقف خاطي في العلاقة مع الله، هذا نسميه تجربة الله لنعرف هل يلبي طلباتنا ام لا؟ فكأننا نقول له: إذا اظهرت لنا معجزة نؤمن وإلاّ فلن نؤمن بك... دائما علينا أن نتذكر، المعجزة حتى تتحقق، تتطلب منا الإيمان، ولهذا لن تحدث لنا في حياتنا أي معجزة إن لم نكن مؤمنين بحدوثها... رسالة يسوع هي، بشرى سارة للإنسان... جاء يسوع ليخبرنا ان الآب هو محب، وكله نعمة... هو يعتني بالإنسان حتى بخطاياه وموته... يلمس الإنسان عوض أن يرفض الإنسان... يغفر للإنسان عوض أن يدين الإنسان... فإذا الشلل هو وجود وواقع مرير يعيشه الإنسان، واقع خارجي بالتأكيد،  أما الخطيئة، فهي وجود مميت يدمّر داخل الإنسان... وشلل يعيق لقاء الإنسان بالله... فيطهّر يسوع حياتنا من الموت، فهو يغفر خطايانا، حتى يعيدنا إلى الله...


نتعلّم من هذه الحادثة: اولاً، يجب ان يكون هنالك أيمان حقيقي، حتى نشفى، حتى نتغيّر... فإذا لم يكن هنالك الإصرار والإجتهاد للعمل على تحقيق الهدف، لن نصل أبداً إلى الهدف... الأمر الثاني هو، لن يكون هنالك شفاء فردي، الإنسان لوحده لا يستطيع أن يعمل شيئاً، يجب أن يساعد الناس بعضهم البعض ليتغلبوا على الخطيئة، حتى يحصلوا على الملكوت، هذا الملكوت الذي طابعه هو طابع جماعي... وليس طابع فردي... يجب أن نحمل بعضنا البعض ونرفع بعضنا البعض إلى الله ليشفينا... هل ستكون محضوضاً مثل ذاك المقعد؟ الذي حمله أربعة رجال ليصل إلى يسوع ليشفى... ترى هل سترى شخصاً واحداً يساعدك للوصول إلى يسوع، هل سترى شخصاً واحداً يساعدك لتحقيق هدفك في الحياة؟....

قم، احمل فراشك، وامشِ.... ثلاثة أفعال نحتاج إلى ان نطبقها في حياتنا وفي علاقتنا بالله... علينا أن ننهض من فراشنا الذي نحن لا زلنا ملتصقين به... هذا النوم او بالأحرى السبات العميق الذي لفّنا من كل جانب، علينا أن ننهض، ان نقوم من هذا الموت... وان نحمل فراشنا، نعم نحمل ما كان يحملنا ويشلّنا، نحمل هذا الواقع المأساوي، نحمله إلى الرب، الذي من خلاله سيتحوّل إلى وقع جميل، سماء جديدة وأرض جديدة... ولنمشِ: فالإنسان الواقف في مكانه ميت، فلنمش إذا ما دامت لنا أرجل تحملنا... فقط الحي هو الذي يمشي، وفقط الحي هو الذي سيخلص... آمين