كلمة البابا بندكتس السادس عشر قبيل تلاوة التبشير الملائكي يوم الأحد 4 مارس 2012

“فلنخصص كلّ يوم وقتاً للصلاة الصامتة والإصغاء إلى كلمة الله”

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

الفاتيكان، الاثنين 5 مارس 2012 (ZENIT.org). – ننشر في ما يلي الكلمة التي تلاها قداسة البابا بندكتس السادس عشر قبيل تلاوة صلاة التبشير الملائكي في ساحة القديس بطرس في الفاتيكان نهار الأحد 4 مارس 2012.

* * *

إخوتي وأخواتي الأعزاء،

نحتفل في الأحد الثاني من زمن الصوم بعيد تجلي الرب. فبعد أن دعتنا الليتورجيا خلال مسيرة الصوم إلى أن نتبع يسوع في البرية لنتمكّن من مواجهة التجارب معه والتغلب عليها، تقترح علينا اليوم الصعود معه إلى جبل الصلاة لنتأمّل بنور الله الذي يشعّ في وجه المسيح البشري.

يُجمع الإنجيليون الثلاثة متى ومرقس ولوقا على نقل حدث تجلي المسيح، ونجد في أناجيلهم عنصرين أساسيين: في البداية، مضى يسوع ببطرس ويعقوب ويوحنا إلى جبل عال حيث “تجلى على مرأى منهم” (مر 9، 2)، فتلألأت ثيابه ناصعة البياض، وتراءى إلى جانبه كلّ من موسى وإيليا. ثمّ ظهر غمام ظلّل قمة الجبل، وانطلق صوت من الغمام يقول: “هذا هو ابني الحبيب، فله اسمعوا” (مر 9، 7). نجد في نص التجلي عنصري النور والصوت: النور الإلهي الذي يشع في وجه المسيح، وصوت الآب السماوي الذي يشهد للابن ويأمرنا بأن نصغي إليه.

ويجب ألّا نفصل سرّ التجلي عن إطار المسيرة التي يجتازها يسوع. لقد قرّر السير قدماً لإتمام رسالته، مدركاً علم اليقين بأنّه كي يبلغ القيامة، عليه أن يتألّم ويموت على خشبة الصليب. وقد حدّث تلاميذه عن هذا الأمر، ولكنّ هؤلاء لم يفهموا معنى هذا الكلام، بل إنّهم رفضوه لأنّهم لا يفكّرون بمنطق الله، وإنّما بمنطق البشر (مت 16، 23). لذا اصطحب يسوع ثلاثة منهم إلى الجبل وأظهر لهم مجده الإلهي الذي يشعّ حقيقة ومحبة. فقد أراد يسوع أن يضيء هذا النور قلوبهم عند اجتيازهم لاحقاً ظلمة آلامه وموته الحالكة. الله نور، ويسوع أراد أن يسمح لأصدقائه المقرّبين باختبار هذا النور الذي يشعّ منه، حين ستكون جهالة صلب المسيح بالنسبة إليهم قاسية لا تُحتمل. الله نور، والمسيح يرغب بأن يقدّم لأصدقائه الاختبارات الأعمق لهذا النور الساكن فيه. هكذا وبعد هذا الحدث، أصبح المسيح نوراً داخلياً في قلب الرسل، قادراً على حمايتهم من هجمات الظلمات. وحتّى في ظلمة الليل الحالكة، يبقى يسوع المصباح الذي لا ينطفئ. يلخّص القديس أغسطينوس هذا السرّ بهذا التعبير الجميل: “كما هي الشمس لعيني الجسد، هكذا هو يسوع لعيني القلب” (عظات القديس أغسطينوس، 78، 2).

إخوتي وأخواتي الأعزاء، إنّنا نحتاج جميعاً إلى هذا النور الداخلي لتخطّي تجارب الحياة، وهذا النور نستمدّه من الله، والمسيح هو الذي يعطينا إيّاه؛ “ففيه يحلّ جميع كمال الألوهية حلولاً جسدياً” (كو 2، 9). فلنصعَد مع يسوع إلى جبل الصلاة، ولنتأمّل بوجهه المفعم بالمحبة والحقيقة لنمتلئ من نوره. ولنطلب إلى العذراء مريم التي تقود خطانا على درب الإيمان أن تساعدنا على عيش هذا الاختبار في زمن الصوم، وتخصيص فترة يومية للصلاة الصامتة والإصغاء إلى كلمة الله.

* * *

نقلته من الفرنسية إلى العربية كريستل روحانا – وكالة زينيت العالمية

جميع الحقوق محفوظة لدار النشر الفاتيكانية

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير