لـلأب أنطونيو غربوني
روما، الثلاثاء 13 مارس 2012 (ZENIT.org). – يجب على الزمن الأربعيني أن يكون زمن قطاعة وصوم، وهو نوع من الزهد يبدو وكأنه وقع ضحيّة الإهمال، ولو حتى أن ممارسيه من المؤمنين ليسوا قلائل. ومع ذلك فان الأهميّة الإجتماعيّة للصوم المسيحي قد اختفت كلياً، وهي ضحيّة التصرف العام المزدرئ من الإيديولوجيات الحاليّة، التي ترى المسيحيّة كإرث قديم وثقيل وتبغي التحرر منه. إلا أنه، كما نستنتج كل يوم، ان التحرر منه هو عبوديّة جديدة، وهي ثقيلة جدا، وذات وقع اجتماعي كبير.
إن انتشار انواع عديدة من الأمراض المدمرة، التي تنطلق من مرض فقدان الشهيّة (أنوركسيا) إلى الشراهة المفرطة، تدل على العلاقة المعقدة بين الإنسان والطعام. نحن عالقون بنوع من الكماشة حيث من الصعب الهروب. من ناحية أخرى، إذا كانت وسائلالإعلامتعزز الطعام أكثر من الجنس، فمن ناحية أخرى من منّا لا يبالي بقلق بماذا وكم سيأكل، أو يتعرض بشكل متكرر لحمية غذائيّة ذات فعاليّة غير أكيدة.
من الأصول العميقة لهذه المواقف، تعلمنا العقليّة القديمة الوثنيّة أشياء كثيرة. كانت الإنسانيّة حتى قبل معرفة المسيح، تقلق كل مرة “تجلس بها على المائدة”. وكانت الفكرة الرئيسيّة أن مع الطعام يدخل المرء داخل الموت. وكانت الآلهة الخالدة تتغذى من “الأمبروزيا”(الذي على الأرجح، يعني بشكل اشتقاقي، الشيء الذي لا يموت)، أو لا يأكلوا أبدا. اذا فمن هنا كان يأتي القلق الإجتماعي-الديني بشأن الغذاء: على سبيل المثال، كل اللحوم التي تستهلك قد تم ذبحها كتضحية للآلهة، وهو نوع من “طرد الأرواح الشريرة”، ولكل ثقافة محظوراتها الغذائيّة، كما نرى اليوم في جميع الديانات غير المسيحيّة تقريبًا.
ان الغرض الأساسي من الصوم والإماتات هو تسليط الضوء على الأمور التي تفصلنا عن العريس والتي غالبا ما لا نعطيها أهميّة، لأننا غارقون في سطحيّة الهموم اليوميّة أو لأننا نفضل عدم النظر إلى عمق الأمور، وإلى جذور أخطائنا.
اذا فبالأكل أو بالصوم يمكننا ان نحب السيد المسيح بكل قوانا، بالروح والنفس والجسد، لنجد انفسنا على مثاله، كالآخر الذي هو اخينا.
*** نقلته إلى العربيّة م.ي.