روما، الثلاثاء 13 مارس 2012 (ZENIT.org). – دافع الكرسي الرسولي من منبر الأمم المتحدة عن فرادة الزواج بين الرجل والمرأة، وعن الطابع العالمي لحقوق الإنسان.
وجاء كلام المونسنيور سيلفانو م. توماسي، المراقب الدائم عن الكرسي الرسولي في الأمم المتحدة بجينيف في إطار الدورة التاسعة عشرة لمجلس حقوق الإنسان يوم الجمعة 9 مارس 2012، بمناسبة تقديم السيدة لويز أربور، المفوضة السامية للأمم المتحدة عن حقوق الإنسان، تقريرها حول “القوانين التمييزية، والممارسات وأعمال العنف ضد الأشخاص بسبب اتجاههم الجنسي وهويتهم الجنسية”.
إدانة العنف ومعاقبة مرتكبيه
جدّدت بعثة الكرسي الرسولي “إدانتها” الشديدة لـ “التمييز والعنف ضد أي إنسان”، بمن فيهم “الأشخاص المستهدفين بسبب اختلاف سلوكهم الجنسي”. كما استنكرت المعاملة “غير المقبولة” و”اللاإنسانية” التي يتكبدها هؤلاء، على أساس “العرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو الانتماء القومي أو الاجتماعي أو الفقر أو الولادة”. ودعت إلى “معاقبة” مرتكبي هذه التصرفات سواء أكانوا “أفراداً أو مجموعات اجتماعية وثقافية، أو الدولة نفسها”.
وبعد الإشارة إلى رسالة رعوية تعود إلى العام 1986، وموقّعة من قبل الكاردينال راتزينغر الذي كان حينها رئيساً لمجمع عقيدة الإيمان، أكّد المونسنيور توماسي أنّ لطالما كان هذا موقف الكنيسة، وأضاف: “يجب أن نشجب وبقوة استمرار تعرَض الأشخاص المثليين جنسياً إلى هذه التعابير العدائية وهذه التصرفات العنيفة”. وشدّد أنّ “عدم احترام الآخرين” الذي يؤثّر سلبياً في “المبادئ الأساسية” للتعايش المدني العادل “يستأهل الإدانة من قبل رعاة الكنيسة”.
احترام تفرّد الزواج
كما أشار المراقب الدائم، فإنّ التقرير يؤكّد على أنّ لجنة حقوق الإنسان لا تطلب من الدول “السماح للثنائيات من الجنس نفسه بالزواج”. ولكن كما أشار رئيس الأساقفة، فإنّ التقرير يقترح أن تكون الدول ملزمة بـ”ضمان أن تلقى الثنائي من الجنس نفسه وغير المرتبط بالزواج المعاملة والحقوق نفسها التي تُعطى للثنائي المكوّن من رجل وامرأة غير مرتبطين بالزواج”.
لذا، يُعرب الكرسي الرسولي عن “قلقه” أن يتمكّن المجلس، وتحت غطاء “الحماية ضد التمييز والعنف اللذين يتعرض لهما الفرد بسبب الاختلافات في السلوك الجنسي”، من أن “يزعزع” مؤسسة الزواج “بين رجل وامرأة” “القانونية” و”المقدسة”.
وأشار الناطق باسم الكرسي الرسولي إلى أنّ الزواج يسهم “بطريقة فريدة وأساسية في الخير العام” لأنّه “يقولب طريقة الاعتماد المتبادل بين الرجل والمرأة، وسعيهما المتبادل طوال حياتهما من أجل تحقيق الخير أحدهما للآخر”. لذا، فإنّ رابط الزواج محمي “منذ سحيق الأزمنة من خلال التقاليد القانونية والثقافية والدينية”. وأكّد المونسنيور توماسي أنّ الزواج يقدّم “أفضل الظروف” لتربية الأطفال: “العلاقة المستقرة والمحبّة بين الأمّ والأب”، وهو “أساس العائلة الطبيعية التي تُعتبر خلية المجتمع الأساسية”.
لذلك، حذّر رئيس الأساقفة الإيطالي من “إعادة تعريف” الزواج لغرض “مساواة العلاقات الأخرى الموجودة حالياً في بعض البلدان بمؤسسة الزواج” لأنّ ذلك من شأنه “التقليل من قيمة” الزواج أي “العائلة الطبيعية نفسها” و”إضعافها”.
الحفاظ على الطابع العالمي لحقوق الإنسان
برغم تأكيد الكرسي الرسولي أنّ الدولة ملزمة حماية “الحق في الحياة والحرية والأمن الشخصي” بما يتوافق مع التقرير، إلّا أنّه يَعتبر “مضللاً” و”غير واضح” تطويرَ هذه الحجة “حصرياً” بالنسبة إلى “ضحايا التمييز والعنف بسبب اختلاف سلوكهم الجنسي”.
وأكّد المونسنيور توماسي على ضرورة “احترام هذه الحقوق عالمياً”، وأضاف قائلاً: ” إذا سمحنا بتطوير قوانين وتخصيصها لمجموعة معينة من الأشخاص، فإننا سنعرّض للخطر الطابع العالمي لهذه الحقوق”، ممّا سيشكّل “تهديداً” لـ “السيادة الوطنية والمؤسسات الاجتماعية والثقافية والدينية التي تسعى إلى تحقيق الخير العام لجميع أفراد الأسرة الإنسانية”.
من جهة أخرى، تحدث رئيس الأساقفة عن “قلق” الكرسي الرسولي حيال محاولات “تحديد فئات جديدة واستحداث عبارات جديدة مثل “الاتجاه الجنسي” و”الهوية الجنسية” “الغامضة بطبيعتها” لأنّ “لا تعريف محدّد لها” في الصكوك الدولية لحقوق الإنسان.
ويوصي الكرسي الرسولي “بإلحاح” على المحافظة على الطابع العالمي لحقوق الإنسان. كما يعتبر أنّ "مشاكل التمييز والعنف” يجب حلّها “على مستوى الحكومات الوطنية والمحلية، والمجتمع المدني، والقيادات الدينية والثقافية”، أي “على أساس مبدأ التبعية”.
* * *
نقلته من الفرنسية إلى العربية كريستل روحانا – وكالة زينيت العالمية