عظة البطريرك الراعي بمناسبة عيد الأمهات وتكريم أهالي كهنة الأبرشية البطريركية

“أخذ يسوع الخبز وناولهم” (يو 21: 13)

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

بكركي، الخميس 22 مارس 2012 (ZENIT.org). – الربّ يسوع القائم من الموت حاضر ابداً مع الإنسان ومع الكنيسة بواسطة سرّ القربان، على أيدي كهنة العهد الجديد. إنّ ظهوره على شاطئ  بحيرة طبريّه، يكشف انّه معنا وإلى جانبنا في جهود الحياة والرسالة، في الخدمة الكهنوتية، في الحياة العائلية، في مجتمعاتنا، وفي حياة الكنيسة ورسالتها، وسط بحر هذا العالم. فإذا آمنّا به، عضدنا وبارك أعمالنا وجهودنا وأتعابنا فتكثر وتنجح وتثمر، كما فعل عندما أجرى الصيد العجيب وبارك الخبز والسمك، بقوّة خبز القربان الذي ما زال بشخص الكاهن “يأخذه ويباركه ويناوله للمؤمنين والمؤمنات من أجل حياة العالم”.
   2. يسعدنا أن نكرّم اليوم الكهنة وأهلهم وعائلاتهم في أبرشيتنا البطريركية بنياباتها الثلاث جونيه وصربا والجبّه ومن ضمن هذه الأخيرة رعية إهدن – زغرتا، بمناسبة عيد الأمهات وعيد القديس يوسف. إنّا نتمنى لكلّ أمّ وأب العمر الطويل وفيض الخير والنعم، وقد سبق وأنعم الله عليهم بكاهن من عائلتهم، وهي التفاتة حبّ خصّ بها المسيح، الكاهن الأزلي كلّ بيت من بيوتكم. فأصبحت عائلاتكم تحمل لقب “عائلة كهنوتية”. وإذ نقدّم هذه الذبيحة الإلهية مع كهنة بيوتكم، فإننا نرفعها إلى الله من أجلكم، ومن أجل عائلاتكم، لكي يعمّ فرح المسيح حياتكم، وتجعل خدمة كهنتكم من عائلاتكم كنائس بيتية، يشعّ فيها ومنها الإيمان الحيّ بالمسيح، والرجاء الثابت بنعمته، والمحبة الشاهدة لحضوره. ونذكر عائلات الكهنة المتزوجين ليرعاها الله بعنايته وتسهر عليها أمنا العذراء مريم، أم الكهنة، بوافر حنانها وتشفعها. كما نذكر مرضاكم ملتمسين لهم الشفاء والتقديس في آلامهم، ونحن في عشية عيد القديسة رفقا رسولة الألم. ونذكر أيضاً موتاكم الذين سبقونا إلى بيت الآب في السماء، ليشملهم برحمته، ويكونوا لكم ولنا جميعاً عند الله خير شفعاء.
   3. خدمة الكاهن القربانية عيد في العائلة. هذا واحد من المواضيع العشرة التي هيأها المجلس الحبري للعائلة في روما، ونشرتها بالعربية اللجنة الأسقفية للعائلة والحياة في لبنان، استعداداً للقاء العائلات العالمي السابع مع قداسة البابا بندكتوس السادس عشر، في ميلانو بايطاليا من 30 ايار إلى 3 حزيران 2012، ضمن موضوع عام هو “العائلة: العمل والعيد”.
   “يوم الرب” الذي هو كلّ يوم أحد، هو يوم عائلاتكم الكهنوتية، يوم العيد فيها، إذ الكاهن ابن البيت، يحتفل بسرّ المسيح القرباني في قداس الأحد مع الجماعة المؤمنة: “فيأخذ الخبز بيده ويباركه ويقدسه ويناوله للمؤمنين من أجل حياتهم”. إنّه بذلك يفعل ما فعل المسيح عندما كان ياخذ الخبز ويباركه ويناول التلاميذ” (يو21: 12 و9-14)، وكانوا “يعرفونه عند كسر الخبز” (لو 24: 30 و35)، وكما فعل الرسل، كهنة العهد الجديد، حسبما يروي “كتاب أعمال الرسل”، “عندما كانوا يجتمعون يوم الأحد لكسر الخبز” (أعمال 20: 7)، وعندما كان جماعة المؤمنين “مواظبين على تعليم الرسل، ويشتركون في كسر الخبز والصلاة…ويتقاسمون ما يملكون…وكانوا نفساً واحدة ورأياً واحداً…مسبّحين الله، ولهم الحظوة أمام جميع الشعوب، وكان الربّ يزيد الذين يجدون في الكنيسة الحياة” (أعمال2: 42-47؛ 4: 32). فكان الربّ الحاضر في سرّ القربان هو العيد، وكان منه وبه عيد العائلة والجماعة المؤمنة.
   4. أيها الكهنة الأحباء، أنتم مؤتمنون على هذا العيد، تحيونه مع الجماعة المؤمنة ومع عائلاتكم كلّ مرّة تحتفلون بسرّ القربان في قداسكم اليومي، وبخاصة في “يوم الربّ”، كلّ يوم أحد. ففي كلّ مرّة، هو المسيح الكاهن الأزلي، بواسطتكم وعلى أيديكم، يقدّم ذاته الآن وهنا ذبيحة فداء عن كل انسان، ويبسط للمؤمنين الآن وهنا مائدة جسده ودمه لحياتهم وحياة العالم. فيكون العيد.
   كم من المسيحيين، من أبناء رعاياكم وسواها في كنيستنا، هم خارج هذا العيد، بغيابهم عنه في “يوم الربّ”، يوم الأحد؟ ولهذا زاغوا عن الحقّ والعدل، وعن المحبة وحرية أبناء الله. وباتوا مرتهنين لأهوائهم ومصالحهم. وليسوا في عيد! انتم ونحن وكلّ رعاة الكنيسة نحملهم بصلواتنا، ونعمل جاهدين بالكلمة والمثل، على إعادتهم إلى فرح عيد “يوم الربّ”، ليكونوا بدورهم امتداداً لهذا العيد في عائلاتهم ومجتمعاتهم، وفي أعمالهم ومسؤولياتهم، وفي علاقاتهم مع جميع الناس. فالحياة تفقد رونقها وقيمتها إذا لم تكن في حالة عيد، مصدره محبة الله الآب، ونعمة المسيح، وشركة الروح القدس.
   5. إنّ قداس الأحد، وهو “يوم الربّ” (رؤيا1: 10)، يصنع العيد بعناصره الثلاثة: سماع كلمة الله، كَسر الخبز أي قداس جسد الربّ ودمه، وتقاسم الخيرات الروحية والمادية بمحبة أخوية. من سرّ القربان ولقاء “يوم الربّ” نستمدّ ثقافتنا المسيحية، ونصوغ حضارتنا التي ننشرها ونربّي عليها، ونجعلها رسالتنا في بيئتنا، وفي كلّ مجتمع نعيش فيه: في لبنان والعالم العربي، وبلدان الإنتشار. من هذه الثقافة والحضارة ندعو إلى السلام والمحبة والعدالة الشاملة، وندين ونشجب كلّ عنف وحقد واعتداء على حياة أي إنسان، ونرفض أي تحريض عليه واصطفاف فيه. إن صدى صوت الله في وصيته “لا تقتل” يهزّ ضمائرنا، ووصية المسيح الأخيرة تملأ قلوبنا: “أحبوا بعضكم بعضاً، كما أنا أحببتكم” (يو15: 12)،ودستور حياتنا المسيحية ماثل أمام أعيننا: “طوبى لفاعلي السلام، فإنّهم أبناء الله يُدعون”(متى5: 9).
     6. أيها الرب يسوع، الحاضر معنا في سرّ القربان، أظهر نفسك لنا في صباح كل يوم، وفي كل يوم أحد، كما ظهرت للتلاميذ على شاطىء بحيرة طبرية، وافتح عقولنا وقلو
بنا لنعرفك مثل يوحنا الذي كنت تحبه. علّم رعاة الكنيسة وكهنتها، بهداية روحك القدوس، كيف وأين يرمون شباك الانجيل، ليجتذبوا الناس، كل الناس، إليك، والى الحقيقة والحياة والطريق القويم. بارك عائلات كهنتنا وأهلهم، ليعيشوا فرح عيد الكهنوت وثماره في بيوتهم. فنرفع المجد والتسبيح إليك والى أبيك وروحك القدوس، الآن وإلى الابد، آمين.

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير