من روحانية الصوم في التقليد السرياني (1)

مقدمة

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

بقلم الأب الياس شخطورة الأنطوني
الفاتيكان، الأربعاء 28 مارس 2012 (ZENIT.org). – الصيام عادة دينيّة قديمة موجودة عند جميع الديانات، وليس وقفاً على الديانة المسيحية وحدها. والإمتناع عن الأكل، الذي هو حاجة بشرية أساسية، لمدة محدّدة، له أسباب متنوعة، فهو يهيئ للإحتفال بالعيد، ويساعد على ضبط النفس وعلى الصلاة، كما أنه ينقّي من التجاوزات ومن الخطايا المقترفة. واقعياً وفي أيامنا الحاضرة، إن الصوم هو الركن الأقل تطبيقا وممارسة في حياة المؤمن المسيحي وفي الكنيسة، في الغرب أكثر منه في الشرق. الصعوبة تكمن في عيشه والإلتزام به، إمّا لأنه يتطلب جهاد أكثر على مستويات عدة، أم لأنه يَمَسُّ خاصة وبشكل جذري أحاسيس جسدنا ورغائبه وحاجاته، التي تَعوَّدنا يومياً على إرضاءها بانتظام ودون تردد.
زمن الصوم الأربعيني زمن نبدأه بالتوشح بالرماد على جباهنا، تذكيرا بماهيتنا وجذورنا الترابية، وينتهي بعرس فرح قيامة ربنا، منتصرا على الموت والخطيئة، مرورا بآلامه الخلاصية. إنه زمنٌ خارج عن نطاق مسيرة الانسان العادية والطبيعية في مراحل نموه الجسدية والروحية، يظهر وكأنه دعوة إلهية موجهة للإنسان الى إستئصالِ حاجةِ جسده من غذاء وطعام، وسدِ عوزِ رغباتِه الشهوانية والحسية.
من هذا المنطلق نطرح السؤال: أبِحرمان الجسد من حاجاته ورغباته تتوطد علاقة الانسان بخالقه، وبذلك يلبي واجبه البنوي لله ؟ أهذه فعلا غاية الله في دعوته لنا؟ والى ماذا يصبو عملياً من خلال الصوم؟
أفكار وتساؤلات عديدة طرحتها الجماعة المسيحية في العصور الأولى ومازلنا اليوم نحاول فهم غاية الله من كل ذلك، فهنالك من يجد الأعذار المتنوعة للتهرب من الإجابة على طلب الله، وآخرون من يضعون أسسا وأطراً للصوم تناسب نمط عيشهم، بحسب طاقاتهم وقدرتهم على تحمل وطأته وعبئه، دون مراعاة تعليمات وتوجيهات الكنيسة المُلزمة والمُسَهِّلة في آن معا على عيشه وتطوير مفاعيله الانسانية والروحية في حياة المؤمن والكنيسة. لذا سنحاول في دراستنا هذه فهم ماهية وأبعاد الصوم في التراث السرياني، من جهة اولى، انطلاقا من حاجة الانسان الجسدية، اي الطعام، ومن جهة أخرى من المفهوم الروحي الذي يُرَقّي الصائم جسديا وروحيا الى المصافي العُلوية، ومدى أهميته في حياتنا المسيحية عامةً، والرهبانية والكهنوتية خاصة.   

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير