بقلم روبير شعيب
الفاتيكان، الأربعاء 14 مارس 2012 (ZENIT.org). – بدأ البابا الحديث اليوم الأربعاء عن الصلاة في كتاب أعمال الرسل وفي رسائل القديس بولس، وذلك في معرض سلسلة المقابلات العامة التي شاء بندكتس السادس عشر تكريسها لموضوع الصلاة.
يشكل كتاب أعمال الرسل أول كتاب عن تاريخ الكنيسة، وتشكل الصلاة إحدى العناصر التي يشدد عليها الكتاب. مسيرة الكنيسة في العقود الأولى تسير على وقع الروح القدس، ولكن قبل أن يخبرنا عن انتشار التبشير بالإنجيل، يتوقف لوقا، مؤلف سفر أعمال الرسل، على حدث صعود الرب القائم من الموت. يعد الرب في هذا الحدث التلاميذ بهبة الروح القدس الذي سيجعل منهم شهودًا له في أورشليم، كل اليهودية والسامرة حتى أقاصي الأرض، ويدعوهم إلى انتظار الروح القدس في الصلاة وعدم مغادرة أورشليم قبل نوار الروح.
في هذا النص يتحدث لوقا للمرة الأخيرة عن مريم العذراء، بعد أن كان قد افتتح بالحديث عنها إنجيله، وقد توقف الأب الأقدس في المقابلة العامة على هذا البعد من حياة الصلاة: "حضور العذراء المصلي الذين سيضحون الكنيسة الأولى الناشئة".
تابعت مريم مسيرة ابنها خلال حياته العامة وصولاً إلى أقدام الصليب، وها هي الآن ترافق مصلية بصمت مسيرة الكنيسة.
في الناصرة، تقبل مريم كلمة الله والمشروع الإلهي بانفتاح كامل على عمل الله: "هاءنذا أمة للرب فليكن لي بحسب إرادتك". وفي زيارتها إلى أليصابات، تتفجر من قلب مريم صلاة التسبيح والفرح. في هذه الصلاة المعروفة باسم "نشيد التعظيم" (Magnificat)، لا تكتفي مريم بالنظر إلى ما فعله الرب لها، بل تذكر كل ما فعله للشعب بأسره. هذا ويدعو القديس أمبروسيوس في تعليقه على إنجيل لوقا كل نفس بأن تتحلى بخصال مريم فيقول: "فلتكن نفس مريم في كل نفس حتى تعظم الرب، فليكن روح مريم في كل إنسان حتى يبتهج بالله".
وكذلك مريم حاضرة في العلية، مع التلاميذ المصلين، بانتظار هبة الروح القدس. "إن مراحل مسيرة مريم – بحسب بندكتس السادس عشر – من بيت الناصرة إلى أورشليم، مرورًا بالصليب حيث يوكل إليها ابنها التلميذ يوحنا، هي موسومة بقدرتها على حفظ جو من الاستجماع، لكي تتأمل كل حدث في صمت قلبها، في حضرة الله".
وعليه – بحسب البابا – إن حضور مريم مع التلاميذ في العلية، ليس فقط تعقيبًا تاريخيًا، بل هو واقع ذو أهمية كبيرة، لأن مريم تشارك التلاميذ بذكرى يسوع الحية، في الصلاة.
المرة الأخيرة التي يذكر فيها لوقا مريم هي يوم سبت، ومن هنا يأتي تقليد تكريم مريم العذراء نهار السبت.
ثم بين الأب الأقدس الترابط العميق بين حضور مريم وحلول الروح القدس فقال: "كما أن ليس هناك كنيسة من دون عنصرة، كذلك، ما من عنصرة من دون مريم".
واستشهد بندكتس السادس عشر بالمجمع الفاتيكاني الثاني الذي يقول في العذراء مريم: "أراد الله ألا يظهر سرَّ خلاص البشر بجلاءٍ إلا في الساعة التي يُرسل الروح الذي وَعَدَ به المسيح، ولذا نرى الرسلَ قبل يوم العنصرة "مثابرين بقلبٍ واحدٍ على الصلاة مع النساء ومريم أم يسوع ومع أخوته" (أع 1 / 14). ونرى مريم تطلب هي بصلواتِها عطيَّةَ الروح الذي كان حلَّ عليها يومَ البشارة".
وشرح الاب الاقدس أن تكريم أم الله في الكنيسة يعني أن نتعلم منها أن نكون جماعة تصلي: فهذه هي العلامة المميِّزة للجماعة المسيحية الأولى في أعمال الرسل.