الموصل، الجمعة 9 مارس 2012 (ZENIT.org). - اليوم نتعرف على شخصية تنال المديح والثناء، شخصية وثنية، يمدح بها يسوع أكثر مما مدح التلاميذ... يسوع يمدح قائد المئة... بالرغم من أن القائد هو إنسان وثني، إلا أن يسوع لا يبطيء في المديح والثناء على هذا الرجل... يسوع ليس مثلنا يضع الأحكام المسبقة تجاه الأشخاص، افكار تحبس الإنسان في أطر ضيقة.... ومن الممكن ان نقول، موقف قائد المئة اللطيف من عبده، هو الذي جعل مشاعر يسوع تتحرك.. هذا اللطف الغر العادي، قائد مئة له عبد مريض، هو يمضي ويهتم بامر العبد، فيبحث عن طريقة للعلاج، ولا طريقة تنجح غير يسوع... ومن يهتم بالاخرين، يكون قريبا من يسوع

كانت الجماعة اليهودية في وقت يسوع، تعتقد بنها هي فقط تمتلك الصلاح اكثر من باقي الشعوب، وبانهم كشعب الله المختار، حسبوا أنفسهم مستحقين للملكوت وحب الله اكثر من الغير، في الوقت الذي فيه جميعنا نعرف بأن (شعب الله المختار) تشير الى الشعب المختار ليبشر ويعرّف بالله للناس الآخرين... موقف يسوع هذا هو دعوة إلى أن لا نبقى نعتقد باننا نحن فقط نملك الخير، نحن كمجموعة معينة دينية كانت أم سياسية أم اجتماعية أو عشيرة معينة... ندعي الصلاح والباقين هم اناس خطأة لا يجب التعامل معهم... يسوع يثني على قائد المئة... يسوع يضع الثناء والمديح في موقعه الصحيح، حتى وإن فعل عدوي عملاً صالحاً ، اعترف بموقف عدوي الإيجابي، وهنا يتبين موقف الإنسان الامين، موقف الإنسان صاحب المبدأ...

        نحن المسيحيين نختلف كثيراً عن يسوع، عوض أن نكون مثل يسوع.... دائما نحكم على الآخرين باحكام مسبقة... وقلما نكتشف الخير في الآخرين، قلما نرى الخير في اللذين هم ليسوا من جماعاتنا الدينية والأجتماعية والأخلاقية... ونؤمن بان الخير موجود فقط في جماعتنا... يسوع بمديحه لقائد المئة أراد ان يعلم اليهود بان الدخول إلى حضرة الله لا يأتي بسبب الإنتماء إلى دولة أو عرق أو عشيرة... يسوع هو للكل، وكل ما هو مطلوب منا، نحن الممتلئين من اهوائنا الشخصية ، ان نتجه نحو يسوع، لاننا بنسياننا يسوع، سوف ننسى مبدأنا وغاية إيماننا... لأن الأيمان بيسوع يعني ان نسمح لغيرنا أن يتصرفوا ويعملوا من اجل الخير، وان لا نحتكر الخير لأنفسنا فقط....

        إذاً علينا أنكون واعين لاعمالنا وما الذي تعكسه هذه الاعمال... وما الذي يتغيّر فينا من ممارستها؟.... مثلاً، الإيمان بالله يجب أن يجلب السعادة في حياة الإنسان، يجلب التفاؤل والفرح، والرجاء... ولكن حقيقة الذي نراه في كنائسنا هوالعكس... فالكثير من الذين يترددون إلى الكنيسة بشكل مستمر، يظهرون معبسي الوجوه، قلما يضحكون، أو يشعرون بمأساة الحياة، وكأن الحياة كلها هي التخلص من جهنم التي تقلقهم طوال النهار... وهذا خطأ فادح، يجب على الصلاة والصوم والتردد إلى الكنيسة أن يبعث فيك الامل والأرتياح والفرح ، فدعوة الرب في التطويبات هي هذه، انتم الان حزانى، سوف تعزون، انتم جياع سوف تشبعون، ورجاء التطويبات ليس واقعا يتحقق بعد الموت، انما هو دعوة لنحقق رجاء التطويبات في العالم، هنا.....

        إذاً، هل يرى فينا يسوع، هذا اللطف الذي يجعله يمدح بنا، مثلما فعل مدح قائد المئة، الذي بتضحيته بالبحث عن ما يشفي عبده جعل يسوع يتعجب من أيمان هذا الإنسان القائد، المتواضع، كان من الممكن ان يترك عبده يموت... مثلما هو موجود في كثير من بيوتنا، نترك الشيوخ والعجزة، مهملين دون ان نهتم بهم إلى ان يموتوا.... حقيقة، كل إنسان هو مسؤوليتنا، وخاصة الذين يعيشون في بيوتنا....  نهمل هؤلاء الناس الذين عملوا وتعبوا واعطوا كل ما لهم للبشر، هم اناس منا، أباؤنا وأمهاتنا، نتركهم هكذا، مهملين... إذا كنت بالقريب تعمل هذا، فماذا ستفعل بالبعيد؟...  إذا يجب أن نكون موضوع مدح الآخرين دائماً، وإلاّ فالويل لنا، نحن الذين يدّعون الصلاح، ويسوع يقول، الأفضل، ان يعلّق في عنقهم حجر الرحى ويلقون في البحر...

        يجب كمسيحيين أن يفتخر بنا يسوع، مسيحيين، أن تكون حياة الإنسان المسيحي قانون حي يسير بموجبه الآخرين، أن نكون مثلا صالحاً يقتدي بنا الآخرين....تماما مثل قائد المئة، الذي اشتهر بإيمانه... والدليل إننا لا زلنا اليوم نتكلم عنه.... لأنه استخدم محبته لخدمة الآخر، ولأنه وضع ثقته بيسوع، يسوع حجر الأساس الحقيقي لكل بناء... ولنردد مع قائد المئة: "لست مستحقاً ان تدخل تحت سقف بيتي، لكن قل كلمة فتبرأ نفسي"....

المرأة في العالم العربي … كيف نقيمها؟

بقلم سهى بطرس هرمز
الفاتيكان، الخميس 8 مارس 2012 (ZENIT.org). – إذا كتبنا إحصائيات عن تاريخ انجازات المرأة العربية التي تفوقتْ فيها علميًا ومهنيًا وحازت من خلالها على الكثير من الجوائز، فأنها لا تعّد ولا تحصّى. فهناك العديد من النساء العربيات اللواتي حملنْ رسالة المرأة العربية بنجاح وأثبتنْ ورسخنْ وجودهنْ وسرنْ على دروبّ كثيرة شاقة بكل عزم وثبات من أجل إيصالها.
والمرأة على مستوى العالم العربي نجحتْ بنسبة ليس في جميع البلدان العربية، في تحقيق وجودها وكيانها وشخصها. نعم هي تفوقتْ ونبغتْ في الكثير من المجالات والأصعدة وأخذتْ مكانتها في المجتمع، وأيضًا شاركتْ الرجل في الكثير من المناصب والانجازات وكانت معهُ يدًا بيدًا، وباتْ لها دور فعال في المجتمع لا يمكن الاستغناء عنهُ، كما أنها لم تترك أي مجال من المجالات لم تتفوق به وتحرز فيه السبق، سواء كان في مجال السياسة والاقتصاد والأمن أو الطب أو القضاء والعلوم الدينية والعلوم الفضائية، إضافة إلى الرياضة والفنون والاعلام والهندسة والأعمار والسياحة والتعليم …..الخ.
 والناظر لواقع المرأة العربية يجدها ما زالت تكافح بثبات وإصرار من أجل أثبات وجودها وتواجدها، ووصلت في بعض البلدان إلى مرحلة تتيح لها حتى اتخاذ قرارات مصيرية مُتعلقة بالإنسانية. وهنالك الكثير والكثير من العربيات اثبتنْ جدارتهنْ ووجودهنْ حتى في المهجر، ووضعوا ثقتهم فيهنْ ولم ينظرنْ إليهنْ كإناث، وإنما كأدمغة قادرة على أن تُنجز وتُبدع وتبتكر وتُخطط.
لكن مع هذا كلهُ، المرأة العربية (بنسبة) لم تصل إلى المستوى المطلوب الذي يتيح لها الانخراط الفعلي في الحياة وترسخ وجودها، فما زال البعض يحجمها في أمور وأشياء دون أخرى ويشككون أحيانا في مواهبها وقدراتها، وأحيانا أخرى يضعونها في أطار مُغلف بالرقة واللطف، بمعنى يحاولون دائمًا تذكيرها بأنها أنثى وأن أفضل مكان تستطيع أن تبدع وتنجح فيهِ أكثر هو البيت (كزوجة وأم)! المرأة مخلوق مثلها مثل الرجل، وربما إذا سنحتْ لها الفرص أكثر وأعطيتْ ثقة أكبر ومساحة كافية من الحرية لأثبتت جدارتها أكثر من الرجل، فالمرءُّ لا يُقيم من خلال جنسهِ، وإنما من خلال كفاءاتهِ وقدراتهِ ومُقدراتهِ ومُعطياتهِ الشخصية.
وما يحدها مرات من مُواصلة مسيرتها، هو أنها ما زالت تُرمق بالنظرة الذكورية، وفي بعض البلدان تُحرم من التعليم والتثقيف لأسباب عدة، وما زالت في بعض المجتمعات يمارس العنف عليها بكافة أشكالهِ! وهذا ما يكون الدافع لتكوين شرائح ينقصها الدراية والوعي بحقوقها وواجباتها تجاه نفسها وتجاه مجتمعها وبالتالي تولد ثقافة مغلوطة وغير مفهومة، فلمْا كل هذا ومن أجل ماذا؟!
المرأة ذكرتها الأديان وقالت أنها مُساوية للرجل، والله كرمها، ولكن أين تلك المساواة اليوم؟! أين حقوقها التي خصت بها؟! أنها شبه غائبة أو لنقول غير مرئية أو يحاول البعض إنزال الستار عنها وإبقاءها خلفها! فتلك النظرات التي تُرمق بها للمرأة ما زالت مُوجودةٍ ومُترقبةٍ لها، وتحاول إذا أتتها الفرصة أن تُذكرها بها وتحجمها ضمن كونها مخلوق ضعيف لا يمكن لها أن تؤدي غير دورها في البيت رغم كفاحها الطويل في الحياة من أجل تثبت وتقول للعالم: (نعم … أنا أنثى، ولكن لي قدرات تفوق الجبال).
انجازات المرأة التدريجية في العالم العربي تسير في خطاها الصحيح وستستمر إذا ساعدت ثقافة قبول الآخر على هذا، فهي لا تزال بحاجة إلى دعم وتشجيع أكبر وإعطائها فرص وأولوية أيضًا لتسير بخطى ثابتةٍ وموزونةٍ بدون أي عراقيل أو عقبات تحط من تقدمها أو تحسسها أنها اقل قدرة. والمرأة العربية ليست أقل من باقي نساء العالم إذا قورنتْ بهم. فالمرأة مثلما نقول دائمًا لا تنقصها الخبرة وإنما الفرصة، وبرأيي المتواضع أذا حلتْ مشكلة المرأة وصححتْ النظرة إليها، فقد حلتْ مشكلة مُجتمع بأكملهِ، لأنها هي الأساس.      
فأولى الخطوات في تخطي أي عقبات تواجه مسيرتها في كفاحها هو خلق ثقافة الاعتراف بوجودها، مع منحها ثقة وحرية تستطيع بها أن تخطو خطواتها بثبات. ولكن من الممكن أن يطول مشوارها في كفاحها إذا هي أعطتْ الفرصة لهم بذلك ورضختْ واستسلمتْ لأفكار مريضةٍ وباليةٍ! ومع هذا فالمرأة العربية تبقى شامخة ورائدة وثقتها بنفسها قوية وستنجح في أن تصبح نجمة في السماء يسطعّ نورها للآخرين. عندما هذا الرجل والمجتمع (بدون تعميم) يخلق نوع من الثقافة والوعي والتكافؤ والتكامل بهذا المخلوق وحقوقهِ، لأن خلق ثقافة مُتحضرة ومُساعدة بدورها وفعاليتها يؤثر وبشكل ايجابي على جميع النواحي وبالتالي أيضا يخلق وعي وثقافة يترّبى ويتبناها الأجيال القادمة.، لأن أذا كانت المرأة نصف المجتمع، فالنصف الآخر هي من تأتي به للحياة وهي من تربيهِ. من هذا ألا تستحق أن نقول أنها الحياة بأكملها!  
فالمفروض من البداية وفي أي نقاشات تخص هكذا مواضيع، أن لا نسأل أبدًا هل المرأة مُساوية مع الرجل؟! لأنهُ سؤال لا أساس لهُ، فنحن به نخلقهُ ومعهُ نخلق حاجز كونكريتي يكبر بينهما وكأننا به فعلاً نحاول أن نصنعهُ ونرسخهُ بينهما! فالمرأة واقع وحقيقة لا يمكن تجاهلها أو ركنها، أنها الحياة بأكملها. فلابد إذن من محاربة الأفكار المشلولة، ولابد أيضا من إرساء معايير وقوانين دولية وإنسانية أخرى لحمايتها وتأمين الظروف لها لتثبت وجودها في بيئة طبيعية وإنسانية لائقة بها وكريمة.
وإذا كانت جميع القوانين قد نصت على الحرية والمساواة كمطلب أساسي للديمقراطية، فالقضاء على
جميع أشكال التمييز والعنصرية ضد المرأة ضروري أيضًا، وحقوق المرأة وحقوق الرجل واحدةٌ لا تتجزأ ما دام كلاهما خُلقا مُتساويين منذ نشوء البشرية، لذا فأن من واجب الرجل المُحافظ على حقوقهِ، أن يحافظ كذلك على حقوق نصفهِ الثاني ويناهض ويكافح معها فكريًا واجتماعيًا وثقافيًا للقضاء على الأشكال المُناهضة للعنف ضدها، واعتبارها فئة مُجتمعية مُكملة وليست مُنفصلة، لأن هذا بالتالي سيأتي بنتائج ايجابية عليه.  
فتحية أكبار وتقدير واحترام للمرأة العربية في يومها العالمي لكفاحها وتضحياتها وصمودها وهي تتصدّى بكل فخر لكل التحديات وترسخ كيانها ووجودها، فهي حياة وقلب المجتمع النابض، وهي اليد المُكملة ليد الرجل.