عقد أصحاب السيادة المطارنة الموارنة إجتماعهم الشهري في الثالث من أيلول سنة 2014 في الكرسي البطريركي في الديمان، برئاسة صاحب الغبطة والنيافة البطريرك الكردينال مار بشاره بطرس الراعي الكلي الطوبى، ومشاركة الرؤساء العامين للرهبنات المارونية، وتدارسوا شؤونًا كنسية ووطنية، وفي ختام الإجتماع أصدروا البيان التالي:
1. يعرب الآباء عن شكرهم لقداسة البابا فرنسيس على المساعي والمواقف والدعوات التي أطلقها، من أجل وضع حدّ للتطورات الخطيرة والمقلقة، في شأن المسيحيين والجماعات الأخرى في العراق. وإنهم يرفضون بقوة كل أشكال التمييز والاضطهاد والتهجير والقتل، من قِبل جماعاتٍ إرهابية تكفيرية تستغل الدين لمصالح ومخططات لا علاقة لها بالقيم الدينية الإسلامية المعروفة؛ ويضمّون صوتهم إلى صوت أصحاب الغبطة البطاركة الشرقيّين، مطالبين الأسرة الدولية ومنظّمة الأمم المتحدة ومجلس الأمن ومحكمة الجنايات الدولية، باتّخاذ التدابير اللازمة لوضع حدٍّ للواقع المأساوي الجامح، والعمل على عودة النازحين إلى ديارهم، وإعادة السلام والاستقرار للمنطقة ودولها وشعوبها. ويصلّون من أجل نجاح مسعى البطاركة لدى القوى الدولية، في حثّها على النظر إلى القضية لا بأبعادها الإنسانية وحسب، بل لجهة حق الشعوب، وفي مقدمها الحرية الدينية وحرية الضمير وحقوق المواطنة والتاريخ المشترك.
2. يهنّئ الآباء الطائفة السنّية الكريمة في لبنان بانتخاب الشيخ عبد اللطيف دريان مفتيًا جديدًا للجمهورية، ويحيُّون المواقف التي عبّر عنها في الكلمة الأولى التي أطلقها بعد انتخابه، والتي تعكس صورة الإسلام السمْحة، وروحَ التجربة اللبنانية. وهم يتمنَّون له التوفيق والنجاح في مهمته، إذ إنَّ جميع اللبنانيين، مسيحيين ومسلمين، بأمسّ الحاجة في هذا الزمن، إلى مواقف مماثلة وعمل مشترك، لبثّ هذه الروح المنبثقة من تاريخنا الوطني.
3. يأسف الآباء لعجز المجلس النيابي للمرّة الحادية عشرة عن الالتئام أمس لانتخاب رئيس للجمهورية، إذ في انتخابه المخرجَ الأساسي لكلّ الملفات العالقة والشائكة. فيدعون نواب الأمّة من جديد وبإلحاح للإلتزام بما يقتضيه الدستور. فرئيس جمهورية لبنان هو رئيس كلّ اللبنانيين وضامنُ وحدة الوطن وحماية الدستور. لذا، كلُّ انتقاص من هذه المعادلة، أو أيُّ تحجيم لها، إنما هو طعنٌ في الصميم لمفهوم رئاسة الجمهورية وخصوصيتها وصلاحياتها. فما يخدم القضيّة ليست المصالح الخاصة أو التحالفات على حساب الوطن، بل رئيسٌ يكون معبِّرًا عن وجدان اللبنانيين الميثاقي والدستوري.
4. يدعو الآباء اللبنانين إلى دعم مؤسسة الجيش وسائر القوى الأمنية وحماية الثقة بها، هي التي أثبتت في كل المراحل أنها مؤسسات تسودها روحٌ وطنية عالية أقوى من أن تتلاعب فيها رياحٌ من هنا أو رياح من هناك. وفيما يستمطرون على أرواح الشهداء رحمة الله الوافرة، يطالبون بالإفراج عن باقي العسكريين المخطوفين ويتضامنون مع أهلهم، ويدعون إلى الوقوف إلى جانب حكمة الحكومة في التعاطي مع هذا الملف. وفي سياق الوحدة الداخلية وميزة العيش المشترك في لبنان، يشجب الآباء الأعمال اللامسؤولة التي يرتكبها البعض بخفّة، إبتغاء لفتنة طائفية عبر المسّ بالرموز الدينية، ويطالبون بضبطها.
5. يعرب الآباء عن قلقهم تجاه ما اتخذته المطالبُ العمّالية والنقابية من أبعاد. وهم يرَون في شكل التعاطي مع المسألة تعقيدًا لها، وتهديدًا لمسار المؤسسات. ويتخوف الآباء من أن يتسبب ذلك بشرخ عمودي يؤدي إلى نتائج خطيرة. فهم يحثّون الجميع على التمعّن في المسؤولية الملقاة على عاتقهم، وعلى التبصّر في أي خطوة يقومون بها، أو أي قرار يتخذونه في هذا الشأن. إن مسائل مشابهة وبهذا الحجم لا تُحلّ عن طريق التشنّج في المواقف، بل عن طريق الدراية والرويّة، وابتكار الحلول المناسبة والممكنة، التي لا تتعارض مع انتظام المؤسسات والانتظام العام، ولا تؤثر في صورة لبنان.
6. تحتفل الكنيسة في الرابع عشر من هذا الشهر بعيد ارتفاع الصليب المقدس، وهو عيد له مكانته الكبرى في الكنيسة شرقاً وغرباً، كونه أداة محبّة الله في خلاصنا. يدعو الآباء أبناءهم الى الإستعداد للإحتفال بهذا العيد بما يليق من صلاة وصوم وتوبة، ملتمسين من الله الاستقرار والسلام في لبنان وبلدان الشّرق الأوسط، والمقدرة على تحمّل المحن والصعوبات والاضطهادات، وإشراكَها بآلام المسيح الفادي لخلاص البشر.