البلد الذي حاول قتل الله (1)

مقابلة حول اضطهاد وحياة المسيحيين في ظل الديكتاتورية الشيوعية الملحدة في ألبانيا، استعدادًا لزيارة البابا فرنسيس إلى البلاد

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

من بين الدول الشيوعية التي حاربت بشكل نظامي المؤسسات الدينية، تحتل ألبانيا مرتبة مرموقة كونها الأمة الوحيدة التي نجحت بإعلان ذاتها كـ “أول دولة ملحدة على وجه الأرض”.

من خلال نظام قمعي دام 40 سنة، حاول الديكتاتور إينفر هوكسا (1908 – 1985) بكل الوسائل وبعنف لا يوصف أن يقتل الحس الديني عينه من الناس، وكان هدفه من ذلك أن ينتزع من صميم شعبه إمكانية طرح السؤال حول الله!

في كتاب ذي عنوان بليغ – لقد أرادوا قتل الله – يشرح ديدييه رانس كيف أنه تم تطبيق المشروع الإلحادي بشكل منهجي ضد الكنيسة الكاثوليكية وبطريقة قمعية جدًا، بشكل خاص ضد الكهنة ورجال الدين.

استعدادًا لزيارة البابا فرنسيس إلى ألبانيا، أردنا أن نستمع لشاهدة عيان لممارسات النظام الشيوعي الملحد، ولذا التقينا بالأخت ميرا كولشي، وهي مواطنة ألبانية عاشت 17 سنة تحت النظام. وهي اليوم بفخر “الراهبة الألبانية الأولى من راهبات العائلة المقدسة”. وقد كرست أطروحة البكالوريوس في اللاهوت لحياة الكنيسة، وبشكل خاص حياة جماعتها الدينية، في ألبانيا ما بعد سقوط النظام.

*

أصل حضرتك من بلد ذي تاريخ مجهول من الاضطهاد والشهادة، دام أكثر من 40 سنة. هلا تفضلت بوصف البيئة الملحدة التي تربيتِ فيها؟

ولدت وتربيت في ظل الديكتاتورية الشيوعية. ومن المستحسن أن ننظر إلى التاريخ لنفهم ماذا جرى في ألبانيا في العقود الماضية. لطالما تم احتلال ألبانيا نظرًا لموقعها الاستراتيجي. ولعل أسوأ حالات الاحتلال كانت فترة الاحتلال العثماني التي أدت إلى هرب الكثير من المفكرين، وإلى أسلمة مفروضة ومنهجية للبلاد. استمرت هذه الفترة حتى العام 1912.

تلا ذلك فترة من الوصاية الفاشية تحت موسوليني، وذلك حتى العام 1944 حيث أقيمت الدولة الشيوعة. حملت الشيوعة في طياتها انغلاقًا كبيرًا فصل البلاد بالكلية عن سائر العالم. دام الحكم الشيوعي الملحد مدة 50 عامًا منها 40 تحت الديكتاتور إنفر هوكسا.

خلال حكمه القاسي، تم تحديد وإلغاء الحرية الدينية بشكل تدريجي وتم حذف كل ما هو حرية سياسية، ثقافية ودينية. وأولى الخطوات التي قام بها كانت اضطهاد المفكرين ورجال الدين.

بعد ذلك، قام هوكسا بإنشاء تحالف مع الصين. خلال هذه الفترة، أنمت ألبانيا الأخوّة الشيوعية. وبعد انفصالها عن الصين في عام 1975، أضحت ألبانيا أكثر انغلاقًا عن العالم. وجعل الديكتاتور في هذه الفترة القومية كعنصر جوهري من عناصر الأمّة. إله ألبانيا بات الأمة. فصل هوكسا ألبانيا عن كل الدول، وجعل منها دولة ملحدة بالتمام. كانت نيته المعلنة تحرير الإنسان من قيود الأديان التي هي أفيون الشعب.

لماذا كانت الكنيسة الكاثوليكية تشكل العدو الأكبر؟

تعرضت الكنيسة الكاثوليكية للاضطهاد لأنها كانت تهتم بتوعية الضمائر وبإدراج ألبانيا في الإطار الثقافي الأوروبي الأوسع. تدمير الكنيسة كان يعني تدمير التقليد وإفساح المجال للـ “إيديولوجية الجديدة”. بهذا الشكل أضحت ألبانيا لسكانها سجنًا في الهواء الطلق!

وأضحى كل جهد ثقافي وفكري محظورًا وموجهًا لخدمة الحزب الشيوعي. وتم إدانة كل فكرة مغاير بالخيانة.

هل كان هناك أية تربية دينية “خفية” خلال هذه الفترة؟

في سر العائلات كان هناك بعض التقاليد الدينية، ولكن ذلك الأمر كان يرتبط دومًا بمخاطر جسيمة. فالنظام كان يدقق في أصغر تفاصيل حياة العائلة. وكان يلجأ إلى استجوابات المدارس لتمحيص الحياة العائلية. وكانوا يعتمدون على الأطفال لكي يشوا بأهلهم.

إلى جانب ذلك، غالبًا ما كان الجواسيس أهل البيت والأقارب. فالنظام كان يمنح الأشخاص الذين يشون بغيرهم امتيازات مريحة وطعامًا أوفر. والكثير من الأشخاص، نظرًا للفقر والجوع، كانوا يقعون في تجربة الوشاية لتأمين حياة أفضل لعائلاتهم.

(يتبع)

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير