استقبل قداسة البابا فرنسيس صباح اليوم الخميس في قاعة كليمينتينا بالقصر الرسولي في الفاتيكان الأساقفة الجدد الذين تمّ تعيينهم خلال العام الجاري وللمناسبة ألقى الأب الأقدس كلمة رحّب بها بضيوفه وقال: أسألكم ألا تصبح خدمتكم أمرًا مسلّمًا به وألا تفقدوا الدهشة أمام مخطط الله ورهبة السير في حضوره وحضور الكنيسة. عليكم أن تحافظوا في داخلكم على هذه العطية التي نلتموها وألا تسمحوا لشيء بأن يضعفها.
تابع الأب الأقدس يقول: كل تجدّد حقيقي في كنيسة المسيح يبدأ بالحضور، بحضور المسيح أولاً الذي لا يتركها أبدًا وإنما أيضًا بحضور ذلك الراعي الذي يسوسها باسم المسيح. لأنه عندما يغيب الراعي تتأثر العناية الراعوية وخلاص النفوس. في الواقع، في الرعاة الذين يعطيهم المسيح للكنيسة هو يحبها ويبذل نفسه من أجلها، لأن الحب يجعل الذين يتقاسمونه متشابهين وبالتالي فكل ما هو جميل في الكنيسة يأتي من المسيح. لقد رُبطتم بخاتم الأمانة للكنيسة التي أوكلت إليكم ودُعيتم لخدمتها. والمحبة التي تحملونها لعروسة المسيح تطبع فيكم تدريجيًّا ملامح وجهه وبالتالي من الأهمية بمكان أن تتحلوا بالاجتهاد والمثابرة والصبر.
أضاف البابا يقول: لا تكونوا أساقفة تعهُّدٍ ومأموريّة يحتاجون باستمرار إلى تغيير مكان إقامتهم، تمامًا كالأدوية التي فقدت قدرتها على تقديم الشفاء أو الأطعمة العديمة النكهة التي لا تصلح إلا لأن تُطرح خارجًا (راجع متى 5، 13). من الأهمية بمكان ألا تحبسوا القوة الشافية التي تفيض من العطية التي نلتموها لأنها تحامي عنكم ضدّ التجارب وخطر السير بدون هدف. لتقيموا في كنائسكم ينبغي عليكم أن تقيموا في المسيح على الدوام: في كلمته وذبيحته الافخارستية، وفي “كل ما هو لأبيه” (راجع لوقا 2، 49)، وخصوصًا في صليبه. وكما يتّقد سراج بيت القربان في كنائسكم ولا ينطفئ فليجد هكذا قطيعكم في نظرتكم شعلة القائم من الموت. إن دعوتكم ليست لحراسة مجموعة ما وإنما للمحافظة على فرح الإنجيل وصونه وبالتالي لا يمكنكم أن تعيشوا معوزين لفرح محبة الله: ذلك الغنى الوحيد الذي نحتاجه وينبغي علينا أن نعطيه لأن العالم لا يمكنه أن يعطيه. وأضاف الأب الأقدس يقول: أحبوا الشعب الذي أعطاكم الله إياه، حتى عندما يُخطئ، ولا تتعبوا من “الصعود إلى الرب لتكفِّروا عن خطيئته” (راجع خروج 32، 30- 31) من أجل بداية جديدة. وأضاف البابا يقول إن الرسالة أيضًا تولد من “النظر حيث يقيم الرب والإقامة معه” (راجع يوحنا 1، 39)، ووحده الذي يلتقي بالرب ويبقى ويقيم معه يكتسب القدرة والسلطة ليقود العالم إلى المسيح (راجع يوحنا 1، 40- 42).
تابع البابا فرنسيس يقول: أدعوكم أن تخصصوا وقتًا وفسحة أولاً لكهنتكم: أن تستقبلونهم وتقبلوهم، تصغوا إليهم وترشدونهم. ومن ثمّ هناك شعب الله الذي أوكل إليكم. هذا الشعب يحتاج لصبركم في الرعاية لينمو، ولذلك تشبهوا بصبر موسى في قيادتكم لشعبكم بدون خوف وإنما من خلال بذل ذواتكم وطاقاتكم لتحملوا إلى الله أولئك الذين أوكلوا إلى عنايتكم ولاسيما الشباب والمسنين: فالأولون هم أجنحتنا والآخرون هم جذورنا.
وختم الأب الأقدس كلمته للأساقفة الجدد الذين تمّ تعيينهم خلال العام الجاري بالقول: أرى فيكم الرقباء القادرين على إيقاظ كنائسكم، تقومون قبل الفجر أو في منتصف الليل لإنعاش الإيمان والرجاء والمحبة. أرى فيكم رجالاً قادرين على زرع وتنمية حقول الرب، وأخيرًا أرى فيكم الرعاة القادرين على إعادة الوحدة ونسج الشباك للتغلب على التشرذم. حاوروا باحترام التقاليد الكبرى بدون خوف وبدون الحاجة للدفاع عن حدودكم لأن هوية الكنيسة تحددها محبة المسيح التي لا تعرف الحدود.