ننشر في ما يلي القسم الثاني من المقابلة مع الأخت ميرا كولشي حول خبرة الإلحاد والخروج منه في ظل الحكم الشيوعي في ألبانيا. يمكنكم مراجعة القسم الأول من المقابلة على هذا الرابط.
يتحدث تعليم الكنيسة الكاثوليكية عن الإنسان ككائن منفتح على الله، وككائن يعيش توقًا “طبيعيًا” إلى الله. هل كنتم تشعرون بفقدان الله وبالعطش إليه في ظل الحكم الشيوعي الملحد؟
كانت الحياة في ظل حكم شيوعي ملحد فارغة من المعنى وكئيبة حقًا. وكان ذلك صعبًا على الجميع: على الأجداد الذين حظوا بتربية دينية، على الأهل الذين لم يكن مسموحًا لهم بأن يحدثوا أولادهم عن إيمانهم، وعلى الأولاد الذين أغلق أمامهم أفق المُطلق.
لا عجب أن نسبة الانتحار كانت عالية. فتجربة إنهاء الحياة كانت حولي… وكانت أيضًا في داخلي. فالسؤال كان يجول في خاطري دون جواب: لماذا أنا موجودة؟ هل أنا ثمرة الصدفة؟ ولماذا يجب أن أستمر بالعيش إذًا؟
اشتهرت مواطنة ألبانية اسمها الأم تريزا في كل العالم. ماذا كنتم تسمعون عنها؟
كان الديكتاتور يسمي الأم تريزا “ساحرة البلقان الشريرة”. وعمومًا كانت مجهولة خلال فترة النظام. قد يبدو الأمر غريبًا، ولكن وسائل الإعلام كانت بيد النظام بالكامل ولذا كانت تصلنا فقط الأخبار التي يريد النظام أن تصل إلينا. ولم نكن نعرف شيئًا عما يجري خارج ألبانيا.
كانوا يعلموننا في كتب المدرسة أن الله غير موجود وأن الكنيسة هي خدعة للتلاعب بالفقراء. لم نعرف الشخصيات الكبيرة. الشخص الوحيد الكبير الذي كنا نعرفه كان الديكتاتور.
كيف كان لقاؤك الأول بالإيمان بعد سقوط النظام؟
كانت سنة 1991 خبرة قيامة بالنسبة لألبانيا وبالنسبة لي. لم يسمح الرب بأن أصل إلى الانتحار. وقد وصل الرب إلي من خلال المرسلين والشهود الذين حملوا إلينا بشجاعة كلمة الرب. أشير بشكل خاص إلى الكهنة الذين بقوا أحياءً في سجون النظام. كانت تلك لحظة نهوض الإيمان في قلوب أجداد وأحفاد كانوا قد دفنوا حس الله في قلوبهم لعقود.
لماذا قررت أن تضحي مسيحية ملتزمة بعد حكم النظام؟
أقرّ بأني من عائلة ذات أصل مسيحي. إضافة إلى ذلك، كان في قلبي فضول نحو ذلك المجهول، وتوق إلى حياة لها معنى. وكان لقائي بذلك المجهول الذي أحبني قبل أن أتعرف إليه. “هكذا أحب الله العالم حتى وهب ابنه الوحيد”. أمام هذه الحقيقة، أمام هذا الحب، لم يكن ممكنًا بالنسبة لي أن أنغلق على ذاتي. بدأت بقراءة الكتاب المقدس، ليس فقط من باب الفضول، بل أيضًا لأنه بدأ يمنح نفحة حياة لوجودي. وعندها أخذت الحياة لون المعنى.
سؤال أخير. ماذا تنتظرون من زيارة البابا فرنسيس إلى ألبانيا؟
تأتي زيارة البابا فرنسيس بعد الزيارة المباركة التي قام بها البابا يوحنا بولس الثاني في عام 1993، مع الأم تريزا. هذه الزيارة هي امتياز خاص ونعمة خاصة لدولة معظم سكانها من المسلمين (يشكل المسلمون 70 % من عدد السكان).
معنى الزيارة تحدث عنه البابا بالذات عندما قال أنه يأتي لكي يثبت الإخوة بالإيمان، لكي يشهد لحبه لـ “أمة تألمت لفترة طويلة في ظل إيديولوجيات الماضي” (التبشير الملائكي 15 حزيران 2014).
تثبتنا زيارة البابا في شجاعة الشهادة للإيمان وفي الاعتراف بالرب يسوع “الإنسان الجديد” (فرح ورجاء 22)، الذي يجعلنا أكثر إنسانية (فرح ورجاء 41).
بالنسبة لألبانيا يوم 21 أيلول هو يوم قيامة. في هذا اليوم يمر الرب من خلال خليفة بطرس على أرضنا، أرض الشهادة.
نوكل إلى الرب هذه الزيارة، مصلين لكي يفتح الرب قلوب الألبانيين لكي يقبلوا رسالته.