بقلم روبير شعيب
الفاتيكان، 2008 (Zenit.org). – باتت الهجرة مسألة طارئة في أيامنا، وتلاقي الدول التي تؤومها أعداد هائلة من المهاجرين صعوبة في إيجاد حلول لمسألة الهجرة لا تتعارض مع احترام كرامة المهاجر، ومن ناحية أخرى تضمن أمان واقتصاد وتوازن الدول التي تستقبل المهاجرين. تؤدي صعوبة إيجاد حلول معتدلة إلى اعتناق بعض الدول مقاييس قد تتسم أحيانًا بالكسينوفوبيا (الخوف من الغريب)، أو حتى – كما وصفت مجلة “العائلة المسيحية” سياسات الهجرة في الحكومة الإيطالية الحالية – بالفاشية والعنصرية.
لم يتوان البابا بندكتس السادس عشر عن توجيه كلمة تنبع من تعاليم الإنجيل في هذا الجو الملبد، خصوصًا بعد ورود أخبار عن غرق 70 مهاجرًا على متن زورق أبحر من ليبيا في 21 أغسطس، وكان يتجه نحو سواحل مالطا قبل أن فاجأته عاصفة قلبت الزورق رأسًا على عقب، فسجل إحدى أسوأ حوادث الهجرة التي عرفتها الدولة. وقد أنقذ الصيادون 8 أشخاص نجوا من حادث الغرق.
وعلق الأب الأقدس على المأساة مشيرًا إلى أنها تتخطى سابقتها مأساوية نظرًا لعدد الضحايا الكبير.
وقال: “الهجرة هي ظاهرة كانت موجودة منذ فجر التاريخ، وقد ميزت لهذا السبب العلاقات بين الشعوب والدول”.
وأضاف: “إلا أن الحالة الطارئة التي وصلت إليها ظاهرة الهجرة في أيامنا تضطرنا إلى أجوبة سياسية فعالة، بينما تتطلب منا اهتمامًا وتعاضدًا”.
وأشاد البابا بعمل الكثير من المنظمات المحلية والدولية التي تسعى إلى إيجاد حلول عادلة لظاهرة الهجرة غير الشرعية.
كما ودعا بندكتس السادس عشر الدول الأم إلى “إظهار حس المسؤولية” وإلى العمل على “إزالة أسباب الهجرة غير المشروعة، وإلى استئصال كافة أنواع الإجرام المرتبطة بهذه الأسباب”.
وتابع الأب الأقدس: “من ناحيتها، يجب على الدولة الأوروبية، وسائر الدول التي تشكل وجهة للهجرة، أن تسعى إلى التوصل على اتفاق شامل حول المبادرات والبنى التي تستمر في التأقلم لملاقاة حاجات المهاجرين غير الشرعيين”.
“فعلى المهاجر أن يعرف من ناحية قيمة حياته الشخصية، التي هي خير فريد، وثمين دومًا، ولذا يجب أن يحمي هذه الحياة بوجه المخاطر الحثيثة التي تتعرض لها خلال سعيه إلى تحسين أوضاعه المعيشية، ومن ناحية أخرى، واجب الشرعية المفروض على الجميع”.
وختم البابا مشددًا على “ضرورة انتباه الجميع إلى هذه المسألة” وطلب “التعاون السخي بين الأفراد والمؤسسات لمعالجة هذه المسألة وإيجاد الحلول لها”.