روما، الجمعة 5 سبتمبر 2008 (zenit.org). – ننشر في ما يلي تأمل اليوم الخامس من سبتمبر للبابا بندكتس السادس عشر، من كتاب “بندكتس”.
الله ينحني
الله يحب خليقته، الإنسان؛ يحبه في سقطته، ولا يتخلى عنه وحيدًا. يحبه حتى المنتهى. يدفعه حبه حتى أقاصي الحب، حتى النهاية: لقد انحدر من مجده الإلهي. نزل إلى عمق بؤس سقطتنا. يركع أمامنا ويقوم نحونا بعمل العبد: يغسل قذارة أرجلنا لكي نتمكن من الدخول إلى وليمة الله ونضحي مستحقين أن نشترك فيها. الله ليس إلهًا بعيدًا، بعيدًا جدًا أو عظيمًا جدًا حتى لا يهتم بأمورنا البسيطة. بما أن الله عظيم، فهو يستطيع أن يهتم بالأمور الصغيرة. بما أنه عظيم، فنفس الإنسان، الإنسان عينه الذي خُلق بحب أبدي، ليست أمرًا تافهًا، بل أمرًا عظيمًا وتستحق محبة الله. قداسة الله ليست فقط قوة متقدة يجب أن نتراجع أمامها وأن نرتعب. إنها قوة حب، ولهذا فهي قوة تطهير وشفاء. ينحدر الله ويضحي عبدًا. يعبر هذا الأمر عن سر المسيح بكامله. بهذا الشكل يضحي جليًا معنى الفداء. المطهرة التي يستعملها لغسلنا هي محبته المستعدة لمواجهة الموت. وحده الحب يتمتع بقوة التطهير التي تغسل أدناسنا وترفعنا إلى سمو الله. المطهرة التي تغسلنا هي الله نفسه، الذي يهب ذاته لنا دون تحفظ – وصولاً إلى أعماق آلامه وموته. وهو باستمرار راكع على ركبتيه أمام أقدامنا ويقوم بخدمة العبد، خدمة التطهير، ويجعلنا منفتحين على قبول الله. إنه الحب الذي لا ينضب، حب يصل إلى منتهى الحب.