ويذكر السياسيين الفرنسيين بدور الدين الأساسي في تنشئة المجتمعات
بقلم روبير شعيب
باريس، الجمعة 12 سبتمبر 2008 (Zenit.org). – اعتبر البابا بندكتس السادس عشر أنه مع تغيير الأزمنة بات مفهوم العلمانية يحتاج إلى مراجعة وتجديد لأن الإنسان المعاصر يعي أهمية الأديان في صياغة أخلاق وشخصيات الأفراد والمجتمعات. وقاله أنه “من الضروري التوصل إلى وعي أوضح للدور الذي لا بديل عنه الذي يلعبه الدين في تنشئة الضمائر وللإسهام الذي تقدمه، مع عناصر أخرى، في خلق إجماع خلقي أساسي في المجتمع”.
جاء اقتراح البابا في معرض لقائه مع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي والفعاليات السياسية الفرنسية في قصر الإليزي في باريس، خلال زيارته إلى فرنسا، وبوجه خاص إلى لورد، بمناسب الذكرى 150 لظهورات سيدة الحبل بلا دنس لبرناديت سوبيرو.
أشاد الأب الأقدس في حديثه بأمجاد الأمة الفرنسية “ذات التاريخ الألفي، والحاضر الغني بالأحداث، والمستقبل الواعد”. وحرص على تذكير الفرنسيين بأن فرنسا حاضرة غالبًا في صلاة البابا، “الذي لا يمكنه أن ينسى كل ما حملته إلى الكنيسة في القرون العشرين السالفة”.
كما وأشار البابا إلى رجالات فرنسا العظام الذين تخطت تعاليمهم وتأثيرهم حدود فرنسا الجغرافية وأضحت إرثًا تاريخيًا للبشرية.
العلاقة بين الكنيسة والدولة
ثم لفت البابا إلى أن الكثير من المفكرين الفرنسيين توقفوا للتفكير حول العلاقات بين الكنيسة الدولة. وذكّر بأن المسيح قدّم “مبدأ حل عادل لمشكلة العلاقات بين الإطار السياسي والإطار الديني عندما أجاب على سؤال طُرح عليه: “أعطوا لقيصر ما لقيصر ولله ما لله” (مر 12، 17).
وإذ أشار إلى حكم فرنسا الحر الحالي الذي أسهم في تحول انعدام الثقة الذي كان سائدًا في الماضي بين الكنيسة والدولة إلى “حوار هادئ وإيجابي” وإلى وسيلة الحوار الجديدة السارية منذ عام 2002 عبّر البابا عن ثقة كبيرة في تقدم العلاقات رغم أن ما زالت هناك “مواضيع مفتوحة للنقاش ويجب علينا أن نتطرق لها ونجد الحلول رويدًا رويدًا بعزم وصبر” مذكرًا بالتعبير السعيد، “العلمانية الإيجابية”، الذي استعمله الرئيس الفرنسي في خطابه في اللاتران لدى زيارته روما في ديمسبر الماضي.
علمانية متجددة
وعبر بندكتس السادس عشر عن قناعته أنه في هذا المنعطف التاريخي حيث “تتلاقى الثقافات أكثر فأكثر”، بات ضروريًا “التفكير مجددًا بالمعنى الحق للعلمانية وبأهميتها”.
وشرح أنه “من الضروري التشديد على التمايز بين السياسة والدين لضمان حرية المواطنين الدينية ومسؤولية الدول تجاههم من جهة”، ولكن من جهة أخرى، “من الضروري التوصل إلى وعي أوضح للدور الذي لا بديل عنه الذي يلعبه الدين في تنشئة الضمائر وللإسهام الذي تقدمه، مع عناصر أخرى، في خلق إجماع خلقي أساسي في المجتمع”.