الضمير والوجدان والاخلاق المسيحية

بقلم شربل الشعّار
كندا، الاثنين 30 يناير 2012 (ZENIT.org). – كلمة ضمير تعني في اللغة اللاتينية (Latin conscius con- “together” + scire “to know”), أن “أعرف مع”. وهناك مثل لبناني يقول: العتب على قدر المعرفة (أو المحبة).
يقول الدكتور دانولد ديماركو (دكتور في الفلسفة واللآهوت) في كتابه “نظرة جديدة على وسائل منع الحمل” أن الضمير ليس هو مصدر الحقّ. ويجب ان نثقّف ضميرنا حسب تعاليم الكنيسة الكاثوليكية حول الأخلاقيات المسيحية. مصدر الحقّ هو الله وليس الضمير. فإذا لم يكن هنالك تنوير للضمير لا يعتبر هذا الضمير صالحًا.
وهنا نرى انه عندما لا يكون الضمير صالحًا ومنورًا بالحقّ، يتصرف البشر من خلال الوجدان البعيد عن المعرفة، وحسب الشعور والحواس الخمس والغرائز والميول الملحدة.
يعلّم أحد الأساتذة الملحدين في احد الجامعات الكندية التلاميذ، فيقول: جربها (اي الخطيئة) عهر زنى إشتهاء مماثل… إذا احسست انها جيدة تكون جيدة.
هذه نسبية اخلاقية التي تقول ما هو شرّ لك هو خيرّ لي وما هو خير لك شرّ لي. انت وانا نقرر ما هي الحقيقة!
عندما نتكلم عن الأخلاقيات بشكل عام والأخلاق المسيحية بشكل خاص، نرى في المجتمعات اليوم ان هنالك عدة مستويات من الأخلاق (وارفض ان اسميها انواع)، الأمر يتعلق بالمسافة بين الناس والحقّ، الحقّ الذي نتكلم عنه هو شخصّ يسوع المسيح، الطريق والحقّ والحياة، واستعمال الوجدان بدل الضمير، لهذه السبب نرى في المجتمع اليوم اختلاف وتباعد لاقصى الدراجات في الأخلاقيات والحقّ بالحياة بعضهم مع القتل وبعضهم مع الحياة. من التربية الجنسية الغير أخلاقية للأطفال في المدارس، إلى عقلية منع الحمل إلى الإجهاض الكيماوي والجراحي إلى التبرّع بالأعضاء الجسدية الحيوية الغير اخلاقي، وصولاً إلى ما يسمّى القتل الرحيم ومساعدة الإنتحار.
الوجدان
صدرت في العام 2000 دراسة عن الوجدان تقول ما يلي:
“الوجدان هو صوت صغير كدائرة الخاتم : يقول لكِ بمن تثقي ومتى تكوني صامة ، وما هو إحساس أعز أصدقاءكِ ولا يقول لكِ دائما كل ما تريدي أن تسمعيه، لكن، متى كانت آخر مرة هذا الصوت كان خاطئاً؟ إذا كنتِ تواجهِين أزمة حمل ليس من الضروري أن تعملي إجهاض هنالك غير خيرات ، فكري قبل” (1).
الوجدان في اللغة العربية: من وجد، ووجودا، ووجدانا، بمعنى أدركه وحصل المطلوب، والإدراك هنا على ضربين: تصوري في الذهن أو تصديقي له واقع خارج الذهن والوجود أنواع:
وجود حسي: وهو ما يوجد بوساطة الحواس الخمس، نحو: وجدت زيدا، ووجدت صوته ووجدت طعمه ووجدت خشونته. ووجود شعوري: وهو ما يوجد بوساطة حركة الإحساس الغريزي بالشعور الداخلي في خلجات النفس، نحو: وجدت شعور الحب للأشياء والميل لها، من التملك والخوف والخشوع والتذلل والكبرياء وغيرها. ووجود بقوة الإنفعال الشعوري كوجود الغضب والحزن والسيادة والسخط.
السامري الصالح عندما إلتقى بالرجل الجريح على جنب طريق، لم يستعمل وجدانه، مثل الكاهن واللاوي اللذين خافا على ذاتهما وقالا كل واحد في نفسه وجدانه: ماذا سيحصل لي إذا ساعدت هذا الإنسان؟ السامري الصالح استعمل قلبه وضميره وحول السؤال وسأل نفسه: ماذا سيحصل له إذا لم أساعده انا؟
إذًا السامري الصالح لم يفكر بوجوده والخطر والتهديد على حياته، بل فكر بوجود القريب المعذب وحياته هو التي في خطر، لان الذي سرق وضرب وهرب، وعذاب ضميره بدء (2)

Share this Entry

الإنسان عدو ما يجهل
الإنسان الضعيف الإيمان ومستوى اخلاقه بعيد عن الحقّ، يتهجم على الذين يدافعون عن الإيمان والأخلاق والحياة… لهذا السبب نرى الكثير من الإعتداءات اليومية على الكنيسة الكاثوليكية لنشرها حضارة الحبّ والحياة ولموقفها من سياسة تحديد النسل التي تعني عقلية منع حمل وإجهاض، من قبل البعيدين والقربين والذي يؤذي اكثر هم الهرطقات في الداخل، ابناءها من جميع المراكز من كهنة وعلمانيين.
التبربية الجنسية للأطفال في المدارس وعقلية منع الحمل ورفض الأطفال وقتلهم بالإجهاض هي عقلية أصولية الشرّ لحضارة الموت، التي انتشرت في جميع أنحاء العالم، والتي تقاومها الكنيسة والحركات المؤيدة للحياة والعائلة .  
رغم ذلك يبقى الضمير الذي وضعه الله في قلب كلّ إنسان بسبب الشرعّ الطبيعي، الذي يختلف عن قانون الطبيعة. الأول له بعد أخلاقي والثاني ليس له بعد اخلاقي. القديس بولس في رسالته إلى أهل روما الفصل 2/14-16 يقول:. 14إِذَنِ الأُمَمُ الَّذِينَ بِلاَ شَرِيعَةٍ، عِنْدَمَا يُمَارِسُونَ بِالطَّبِيعَةِ مَا فِي الشَّرِيعَةِ، يَكُونُونَ شَرِيعَةً لأَنْفُسِهِمْ، مَعَ أَنَّ الشَّرِيعَةَ لَيْسَتْ لَهُمْ. 15فَهُمْ يُظْهِرُونَ جَوْهَرَ الشَّرِيعَةِ مَكْتُوباً فِي قُلُوبِهِمْ، وَيَشْهَدُ لِذلِكَ ضَمِيرُهُمْ وَأَفْكَارُهُمْ فِي دَاخِلِهِمْ، إِذْ تَتَّهِمُهُمْ تَارَةً، وَتَارَةً تُبْرِئُهُمْ. 16(وَتَكُونُ الدَّيْنُونَةُ) يَوْمَ يَدِينُ اللهُ خَفَايَا النَّاسِ، وَفْقاً لإِنْجِيلِي، عَلَى يَدِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ.
لا يقدر احد ان يكون قريبًأ من الله وتكون اخلاقه مختلفة عن شريعة الله، او العكس، وهنا رسالة كل معمد مسيحي مؤمن ان يقرّب الناس إلى الطريق والحقّ والحياة – يسوع المسيح.
استعمال الوجدان ليس مضر فقط بحضارة الحياة والمحبة ، لكنه مدمر خاصةً إذا استعمل الرزائل والغرائز والخطيئة، من ضمنها الخوف من الطفل بدل الخوف على حياته والإعتناء به.
هنا نرى دور الكنيسة الكاثوليكية الرائد ودور كل كاهن وعلماني مسؤول عن تثقيف ضمير المؤمن عن الإيمان والأخلاق والحياة الإجتماعية وحقّ الحياة. وهذا ما يجذب الكثير من المسيحيين للإنضمام إلى الكنيسة الكاثوليكية ، خاصة الكنيسة الأنجليكانية التي بعد سماحها الزواج من نفس الجنس، ورسامة الكهنة المثليين.

        (1) http://www.priestsforlife.org/articles/failuretocommunicate.htm
        
        (2)http://marcharbel.lilhayat.com/Internet/reverse.htm

Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير