جل الديب، الخميس 23 فبراير 2012 (ZENIT.org). – عقدت ظهر اليوم ندوة صحفية في المركز الكاثوليكي للإعلام، بدعوة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام بعنوان: “تداعيات عملية بيع الأراضي وتملك الأجانب على الصعيد الوطني”، ، برئاسة رئيس للجنة الأسقفية لوسائل الإعلام، المطران بولس مطر، شارك فيها معالي الأستاذ يوسف سعاده، الأستاذ فارس أبي نصر، الأستاذ طلال الدويهي، ومدير المركز الكاثوليكي للإعلام، الخوري عبده أبو كسم، وحضرها: االسفير السابق فؤاد عون، وعن الرابطة المارونية، المهندس الفونس جورج، السيد انطونيو العنداري، ، العميد بردليان طربية، وعدد كبير من أعضاء الرابطة والمهتمين والإعلاميين.
كلمة الأفتتاح والترحيب للمطران بولس مطر جاء فيها:
يحتلُّ موضوع بيع الأراضي حيِّزًا واسعًا من التَّداول على الصَّعيد الوطنيِّ اللُّبنانيِّ وبنوعٍ خاصٍّ موضوع تملُّك الأجانب، الَّذي يشكِّل همًّا وطنيًّا كبيرًا، لما للأرض من قيمة في المحافظة على الأوطان وأهلها.
تابع: “ومسؤوليَّة المحافظة على أرض لبنان هي مسؤوليَّة مشتركة بين الدَّولة من جهة والمواطن اللُّبنانيِّ من جهة أخرى. فمسؤوليَّة الدَّولة تندرج في إطار السَّهر على تطبيق القوانين الَّتي تنظِّم عمليَّة تملُّك الأجانب وتحصرها في نسبٍ معيَّنةٍ. لكنَّ الأمر لا يبدو هكذا في الواقع الرَّاهن، فهناك مَن يتحايل على القانون وينظِّم عقود بيع بأسماء وهميَّة، ولا يتمُّ تسجيلها في السِّجل العقاريِّ، ليُصار لاحقًا تهريبها إلى غير اللُّبنانيِّين وليظهر الأمر بعد حينٍ يكون فد فات معه الأوان”.
أضاف: “أمَّا بالنِّسبة للمواطن اللُّبنانيِّ، فالمطلوب اليوم هو تعزيز روح الانتماء لديه إلى الوطن والتَّعلُّق بالأرض الَّتي تشكِّل جسم الوطن المادِّيِّ وبعضًا من روحه أيضًا، لا بل أكثر من ذلك فإنَّ الأرض هي أمانة من الآباء والأجداد تسلِّمه إلى الأبناء والأحفاد مع ما تمثِّل من قيمةٍٍ تاريخيَّةٍ دفع ثمنها مَن أورثونا إيَّاها عرقًا ودمًا. وباختصار فالأرض هي هوِّيَّتنا بالذَّات، فإنْ أضعنا الأرض أضعنا معها الهوِّيَّة”. والمطلوب اليوم هو الوعي بأنَّ بيع الأراضي في بعض المناطق اللُّبنانيَّة يساهم في الفرز السكَّانيِّ وبالتَّالي يؤدِّي عن قصد أو عن غير قصد إلى ضرب العيش المشترك بين اللُّبنانيِّين، وهو الَّذي يشكِّل القيمة الحضاريَّة الفضلى للبنان ولجميع أبنائه على السَّواء.
تابع: “”من هنا فإنَّنا ككنيسة نولي هذا الموضوع حيِّزًا كبيرًا من الاهتمام، إيمانًا منَّا بأهمِّيَّة المحافظة على الوحدة الوطنيَّة وترجمة لمقولة أنَّ لبنان هو وطن لكلِّ أبنائه مسيحيِّين ومسلمين. وأنَّه رسالة حرِّيَّة وكرامة وعيش واحد للشَّرق وللغرب معًا”، فعلينا جميعًا تقع مسؤوليَّة التَّمسُّك بهذه الثوابت الوطنيَّة، ولذا فإنَّنا نناشد جميع المسؤولين الوقوف جنبًا إلى جنب للحفاظ على الأرض اللُّبنانيَّة فإنَّ في بقائها بقاء الوطن.
وختم بالقول: “نحن بدنا نحافظ على الأرض للحفاظ على العيش المشترك” وهذا هو موقف وطني اساس .
ثم كانت كلمة معالي الاستاذ يوسف سعاده عن “المحافظة على الارض، واجب وضرورة وطنية” جاء فيها:
بداية الارض ضرورة وطنية وضمانة لوجودنا واستمررانا، فموضوع الارض بالنسبة لنا هو فعل إيمان، أباؤنا وأجدادنا روضوا هذه الارض وجعلوها أجمل الأراضي وطن سرمدي وأبدي.
أضاف:” نحن أصحاب هذه الأرض، ولبنان وطننا اليوم، الغد والمستقبل، علينا المحافظة عليه وعدم التفكير بالهجرة.
.فالشعب ينتقل من الأرياف إلى المدينة ومن ثم الهجرة.
ورأى إن الحاجة الوحيدة لكل الموارنة هي بكركي، التي بدورها شكلت لجان وتحاول معالجة هذا الأمر، وعلى السياسسين أيضاً توعية الناس على مخاطر هذا الأمر.
والمعالجة تكون بإيجاد فرص عمل للشباب اللبناني للبقاء في ارضه، وتنمية المناطق بإنشاء المعامل والمصانع.
أضاف:” بعض الناس الأثرياء تبيع أرضها وهذه جريمة يفترض معالجتها من كل الأطراف.
والناس الفقراء لا نستطيع تعليم أولادها تلجأ إلى بيع أراضيها، وهناك ضرورة لوجود مؤسسات من رأسماليين لخلق بديل إما شراء الأرض أو مبادلة (وقف الكنيسة أو أرض قريبة).
تابع: “بالنسبة لقانون تملك الأجانب علينا أن نسرّع بدرس مشروع يحد من بيع الأراضي، فملايين الأمتار مسجلة بأسماء لبنانية ويملكها عرب”.
وختم بالقول: وضعنا ليس مأساوياً، ووجودنا في هذه الأرض هو الأول وهو قوي مجتمعين وموحدين تحت غطاء بكركي، ولبنان هو بلدنا ويبقى وطننا علينا المحافظة عليه.
وبدوره الأستاذ فارس أبي نصر تحدث “عن تملك الأجانب بالأرقام” فقال:
إنّ المحافظة على أملاك المسيحيين في كافة الأَراضي اللبنانية واجب تجاه الأخطار والإغراءات المتربّصة للتلاعب بأراضي المسيحيين، وبالتالي ضرب وجودهم ومصيرهم.
تابع: “إنّ خطر انحصار أراضي المسيحيين في لبنان ناتجٌ عن ثلاثة عوامل رئيسية: تملك الأَجانب، بيع الأَراضي بين اللبنانيين والتعدّي على الأراضي”.
تابع: “تبيّن لنا أنّ قانون تملّك الأجانب في لبنان، لا تتقيّد به بالدرجة الأولى الدولة اللبنانية، وزارة المالية؛ ولا يوجد أَيّة رقابة، لا في تبرير مراسيم تملّك الأجانب عند إصدارها ولا في تطبيق تلك المراسيم وفقاً لوجهة الاستعمال التي من أَجلها أَصدرت لاحقاً؛ لا بل أَكثر من ذلك، لا يوجد أَيّة رقابة وإحصاءات على المساحات التي تمّ تملّكها لغاية تاريخه”. إضافةً إِلى
ذلك، درَجتْ وسائل تلاعُب وتحايُل عديدة للإلتفاف على قانون تملّك الأجانب، ومنها نذكر على سبيل المثال لا الحصر، تنظيم ستدات توكيل غير قابلة للعزل، تنظيم سندات توكيل إدارة أملاك، تنظيم إقرارات من وإلى إنشاء شركة مساهمة صوريّة…
ورأى أنه يجب العمل على المقترحات التالية:
1- التعبئة الإعلامية العامة وإعلان حالة طوارئ بهذا الخصوص، لأَنّ ما يحصل يُهدّد ملكية الأَرض لدى المسيحيين بعد أن تمّ التلاعب بديموغرافيتهم إِلى جدٍّ كبير في مرسوم التجنيس؛ كلّ ذلك، يؤدي إِلى ضرب التوازن بين مختلف الطوائف في لبنان.
2- دعوة رؤساء البلديات المسيحيين المعنيّين، إِلى اجتماعاتٍ دورية للاطلاع عن كثب، والتنسيق في مجريات الأَوضاع في المناطق المسيحية والبيوتات العقارية فيها.
3- العمل والمراجعة لإلزام الدولة اللبنانية – وزارة المالية، مجمل أمانات السجل العقاري في لبنان، بنشر النسب العائدة لتملك الأَجانب وفق بياناتٍ دورية ومنتظمة إنقاذاً لقانون تملك الأجانب، عملاً بمبدأ الشفافية.
4- العمل والمراجعة لإلزام الدولة اللبنانية بإصدار قراراتٍ في كلِّ قضاء وصلَ أو تعدّى حدّ تملّك الأَجانب فيه الحدّ المسموح به، ووفق عمليات بيع الأَراضي للأَجانب فوراً في تلك الأقضية. العمل والمراجعة لإلزام الدولة اللبنانية بتعديل قانون تملك الأَجانب الحالي، بحيث يُصار إِلى التشدّد في التملّك وتطبيق مبدأ المعاملة بالمثل إضافة إِلى مبدأ المراقبة المسبقة واللاحقة (وإجراء مراقبة لاحقة للتأكد من تطبيق وجهة الاستعمال التي على أَساسها أصدرت مراسيم التملك)، وتطبيق ونزع الملكية في حال المخالفة، كما يجب على قانون تملك الأجانب أن يجد ما يكفي من الحوافز المالية من ضرائب ورسوم تُمنح للبنانيين للحفاظ على أَرضهم وتشجيعهم على شراء ما تمّ تملكه من الغير. وإننا نعمل وندرس إمكانية الطعن بمراسيم تملّك الأجانب الصادرة قبل هذا التاريخ.
ثم الأستاذ طلال الدويهي عن دور الدولة في التصدي لظاهرة بيع اراضي فقال:
الحكومة اللبنانية غير مبالية بموضوع بيع الأراضي، متسائلاً عن الجهود البرلمانية لتعديل القوانين المتصلة بهذه الظاهرة.وعن إعادة العمل بقانون الشفعة وتحديد المستفيد منه.
أضاف: “نطالب بطعن بمراسيم التملك الصادر عن مجلس الوزراء المخالفة لوجهة الاستفادة المحددة، وبتجميد عمليات البيع للأجانب في شكل مطلق حتى إشعار آخر، وبإعادة ضريبة التسجيل للأجنبي وإعادة الحافز اللبناني في حال الشراء من أجنبي، والتشدد في منع كتّاب العدل من أجراء عمليات بيع وفق وكالات، وبكيفية الاستفادة من مناخ اقتراح النائب بطرس حرب وتصويبه إذا كانت هناك حاجة لذلك، وبكفّ يد المتسلبطين على أراضي يملكها مسيحيون (حوارة الضنية – جزين – القاع –الخ).”. والمطلوب من الحكومة الحصول على الأرقام الحقيقية للبيوعات للإجانت من وزراة المالية لمعرفة ما إذا كانت تخطت حدود 3 بالمئة.
وختم بالقول: البيع يحدث من كل الجهات وعلى بكركي التصرّف لأن هناك اغراءات كثيرة للبيع”.
واختتمت الندوة بكلمة الخوري عبده أبو كسم جاء فيها:
تفاجئنا بعض الصحف والمواقع الإلكترونية بأرقام هائلة تختص بعملية بيع الأَراضي وتملّك الأجانب في كل منطقة من مناطق لبنان من الجنوب إِلى البقاع فالشمال فجبل لبنان وبيروت.
تابع: “وتختلف هوية الشاري من منطقة إِلى أخرى وكأن هناك ما يدّل على عملية اجتياح عقاري لبعض المناطق من فئة معينة تهمها هذه المنطقة وتفضلها على تلك، ربما لأَنها تؤمن تواصلاً استراتجياً، أو خرقاً لطائفة على حساب أخرى، للأسف هذا الواقع، وهذا يعني اننا ان شئنا أم أبينا، فإن هناك تبديلاً ديموغرافياً حصل في بعض المناطق، وسيمتد إِلى مناطق أخرى، والأخطر في كل هذا، هو الإحباط الذي يتملك قلب بعض اللبنانيين ويدفعهم إلى بيع أراضيهم، وتحديداً المسيحيين منهم”.
فقد جاء في خبر نُشر في جريدة النهار بتاريخ 2-2-2012 مفاده:
«يفسر أَحد السماسرة تدني بيع الأَراضي من غير المسيحيين وغير اللبنانين خلال العام المنصرم، بأنه لم تعد هناك عقارات ومساحات معتبرة للبيع في المناطق المستهدفة، وخصوصاً في المتن وكسروان وبعبدا ومناطق بيروت الشرقية. ويشير السمسار عينه الى ان الشارين والباعة يمارسون نوعاً من التقية وذلك من خلال اللجوء الى كتّاب العدل في عمليات البيع والشراء دون تسجيل ذلك في الدوائر العقارية، في انتظار “فتور همة متعاطي هذا الموضوع وفي مقدمهم الكنائس التي جعلت مسألة الأَراضي في أَولوياتها، وفي انتظار هدوء الضجة حول الموضوع”.
وقد أهاب مجلس المطارنة الموارنة “بالمالكين الكبار عدم تحويل الأَرض سلعة تجارية بحتة، بل تأكيد محبتهم لها، والمحافظة عليها لأَنها تضمن وجودهم ومستقبل أَولادهم وتحفظ هويتهم وتقاليدهم وكراماتهم”.
لكن ما يجري يظهر عكس ذلك تماماً، فعبر الانترنت يتم توزيع لائحة بمجموعة من العقارات بعضها في محيط غابة الأَرز في بشري وأُخرى قرب أَرز تنورين تبلغ مساحتها حوالى 70 أَلف متر مربع، إِضافة الى حوالى مليون و500 أَلف متر مربع في أَنحاء البترون جبلاً وساحلاً ووسطاً وموزعة بين بلدات بيت كساب وبشعلة واللقلوق.
يضاف الى هذه العقارات حوالى 250 ألف متر في ضواحي مدينة البترون نفسها وهذه العقارات معروضة للبيع عبر الانترنت وتوزع في دول الخليج العربي. أَمّا في جبيل فهناك حوالى مليونين ونصف مليون متر مربع موزعة بين ساحل جبيل وجردها معروضة للبيع، والارجح انه
ا تستهدف تجار عقارات من الضاحية الجنوبية. والعروض تقدم اسعاراً بخسة بحيث يتم عرض سعر السوق في موازاة عرض السعر الحقيقي الذي لا يتجاوز نصف القيمة، وهو ما يطرح علامات استفهام كثيرة.
أَمّا المثير في الأَمر فهو ان كل هذه الامور من بيع وشراء تحصل بعلم من النواب والوزراء والأَجهزة المختصة، وخصوصاً الأَجهزة الأَمنية والنيابة العامة المالية التي يفترض فيها متابعة هذه الأمور قبل فوات الاوان».
إِن إثارتنا لهذا الموضوع ليس من باب الإحباط إطلاقاً، إنما من أجل التأكيد على تحمل مسؤولياتنا على الصعيد الكنسي والمجتمع المدني تجاه تهريب الأَرض، قبل أن نخسر تاريخنا ومستقبلنا.
وختم بالقول: “لهذا فإننا ندعو جميع اللبنانيين على اختلاف انتماءاتهم الطائفية، إِلى التمسك بأرضهم ونقول لهم إن بيع الأَراضي هو جريمة كبرى وخطيئة عظمى بحق أبنائكم وبحق الوطن، والمطلوب تحكيم الضمائر وعدم التفريط بالأَرض فهمي وديعة من الآباء إِلى الأَبناء ومن الأَبناء إِلى الأَحفاد سنُحاسب عليها ساعة الحساب”.