–
زيارة غبطة البطريرك الى المملكة الأردنية الهاشمية اليوم الثالث
الأردن، الاثنين 12 مارس 2012 (ZENIT.org). – شدّد البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي يوم السبت 10 آذار 2012 على “ضرورة حلّ النزّاعات بالتسّويات، لأنه لا أحد يلغي أحداً، مشيرا إلى “تجربة الحرب اللبنانيّة العبثية التي لم ينتج عنها إلا الضحايا والعذاب”، داعياً العالم العربي إلى “الوحدة لزرع السلام في كل أرجائه”، ومؤكداً أنّ الكنيسة المارونيّة “عربية ومسكونية، وقد لعبت دوراً هاماً في نهضة وحضارة الشعوب”.
كلام غبطته جاء في حفل الغداء الذي أقامه على شرفه السّفير اللبنانيّ في الأردن شربل عون في دارته، وحضره رسميون وسياسيّون ورجال دين، أبرزهم ممثل المملكة الأردنية السيد عقل بلتاجي، رئيس مجلس الأعيان طاهر المصري، رئيس مجلس النّواب عبد الكريم الدغمري، وزير الصناعة والتجارة سامي قمّو، الأمين العام لوزارة الخارجية الأردنية محمد علي الظاهر، السفير البابوي في الأردن والعراق جورجيو لينغوا، رئيس كنيسة الروم الملكييّن المطران ياسر عياش، رئيس كنيسة اللاتّين المطران مارون الّلحام، رئيس كنيسة الأرمن الارثوذكس المطران فاهان طوباليان، المطران سليم الصايغ، الّسفير الألماني رالف طرّاف، مدير الإذاعة والتلفزيون الأردني طلال أبو غزالة، القنصل اللبنانيّ في الأردن هيثم إبراهيم، رئيس الجالية اللبنانيّة فؤاد ابو حمدان، مدير المركز الكاثوليكي للإعلام الأب رفعت بدر وحشد من الرسميّين والكهنة.
ومما قاله البطريرك الراعي في كلمته: “شكري من القلب للسفير على هذا الشرف العظيم لي للمشاركة في هذا الحفل. كلمتان تم تناولهما من رئيس مجلس النواب الأردني، هما مفتاح حديثنا: البطريركية وعروبتها والربيع العربي. أبدأ بالربيع العربي، ولنأت إلى المملكة الهاشمية إذا أردنا أن نفهمه. أوّجّه من هذا البيت اللّبنانيّ تحيّة إلى جلالة الملك الذي عرف كيف يبني الربيع العربي، وعرف كيف يبدأ منذ العام 2000 بالتغيير. وعلمت شخصيّاً بالنقاط الخمس التي إعتمدها إدارياً، مالياً، إقتصادياً، ثقافياً وإجتماعياً لكي يزهر هذا الربيع الذي تجسّد في المملكة بالتّفاهم والتوافق والمشورة. وأفاخر كلبنانيّ بالصداقة بين الأردن ولبنان، والصداقة الكبيرة التي ربطت الملك حسين مع البطريرك الكبير المعوشي”.
وأضاف غبطته: “كما أقول في كل مناسبة، نحن نحافظ على ذخيرة في بكركي وهي السيارة التي قدّمها الملك حسين للبطريرك المعوشي. و أنا سعيد كبطريرك أن يكون لي الشرف غداً بلقاء صاحب الجلالة، لكي تتواصل هذه الصداقة. وأكرّر أسفي على كلّ الدماء البريئة التي سقطت، ونحن ندرك أن الكائن البشري أياً كان لا أحد له سلطة عليه إلا الله، الكائن البشري ينعم بفرادة لا تتكرر، ونرجو أن يكون الربيع لكل إنسان ولكل البلدان، ونحن نشجب كل وسيلة تعتدي على الإنسان، ونأمل أن يكون الأردن المثال للعالم العربي ليحلّ أموره بالتسويات”.. لأنّه لا أحد يلغي أحداً، وهذا ما تعلّمناه في لبنان، كيف أن الحرب العبثية لم تؤد إلا الى الحرب والعنف، وهناك قول عن السيد المسيح مفاده أنّ الأيادي التي غرست فيها المسامير تعرف كيف تلمس الآلام، وهذه الآلام لا نتمنّاها لأي دولة عربية. أسعدني ما جرى في الكويت حيث اتّخذت الأردن موقفاً مثل موقف لبنان. فنرجو من العالم العربي أن يلعب دوره لبث السلام وعيش ربيع الأردن ” وقال:”اليوم في زيارتي إلى المغطس لفتتني هذه المبادرة الهاشمية العظيمة في أعطاء كل الكنائس المجال للبناء. وانا اقول لمن يتكلم عن الحوار الإسلامي – المسيحي، تعالوا الى الأردن لتروا أن الكلمة قد تجسدت. ومن هذا البيت اللبنانيّ، أحيّي رئيس بلادنا فخامة الرئيس العماد ميشال سليمان الذي حملّني تحياته الى إلشعب الأردني وإلى الملك عبدالله. أما في ما يتعلق بالبطريركيّة المارونيّة وعروبتها أشار غبطته” أوّد أن أؤكد أن الكنيسة المارونيّة ولدت في أنطاكيا وهي منفتحة على كل الكنائس.، والكنيسة المارونية مسكونية ليس لها أي مشكلة مع أي كنيسة على وجه الأرض. بيئياً وتجسداً هي عربية. تجسّدت في لبنان والأردن وسوريا وكل العالم العربي، إنها كنيسة عربية، لذلك كان لها الدور الرائد في النهضة العربية، وهذا الدور معروف من الجميع، ونحن لا نجد ذاتنا الا في داخل هذا العالم العربي”.
وتابع صاعب الغبطة: “ينبغي علينا أن نحافظ معاً على إرثنا المشترك، نحن بحاجة إلى التعاون المسيحيّ – الإسلاميّ ليلعب العالم العربي دوره بعد أن يتوحد. لذلك نحن معنيون كموارنة في العمق في هذا العالم العربي الذي لا نريده أن يكون ألعوبة، ونحن نبني هذه الجسور لننطلق برسالتنا الى العالم الآخر وبخاصة من خلال شهادتنا في الإسلام، فهي مغايرة عن شهادة باقي العالم. لا نستطيع أن نقف مكتوفي الأيدي. الكنيسة المارونية واحدة موّحدة بإتحاد دائم مع كرسي روما، ولا يوجد فيها أي إنشقاق على مدى التاريخ وعلى المستوى الجغرافي هي منتشرة في كل بقعة من الأرض. ورسالتي كبطريرك هي الحفاظ على هذه الأبعاد بروحانيتنا الإنطاكية وبعدنا العربي ووحدة إيماننا. ولذلك الموارنة هم جسر عبور بين الشرق والغرب، ونحن نواصل هذه العلاقة العالمية، وهذا سر البطريركية المارونية وسر رسالتنا”.وختم: “ما أجمل أن يعيش الإنسان صديقا مع كل البشر”.
بدوره رحّب السفير اللبناني بالبطريرك الماروني والوفد المرافق له وجميع الحضور وقال: “الجميع يعرف دور الصرح في لبنان والعالم العربي. لم يكن يوماً هذا الصرح إلا مرجعاً لجميع المعذبين والمضطهدين وهو دائما الصوت.
نعيش في زمن اطلقت عليه الصحافة صفة الربيع العربي، الذي أخذت والصقت في التحركات، ولكنها لم تنبع منها ونحن نتمنى أن تكون حقيقية، أنا أظن أن هناك من يحاول سرقة هذا الربيع ويسبغ عليه صورة مغايرة لما تتمناه شعوبنا، ويحاول أن يوجهه بإتجاه لا علاقة لنا به، لا من حيث القيم ولا من حيث الأخلاق. وهذا الشرق على الرغم من كل ما عاناه أبناؤه، فهم يعيدون بناءه إستنادا الى ما علمتهم إياه أديانهم. نتمنى لغبطتكم أن تكونوا وهذا ما عهدناه بكم كلمة الحق والدعوة وأن تكونوا إماما هاديا في هذه المرحلة من الوقت، الذي نرى فيه أن معظمهم أصبح أئمة ضلال. نشكركم لهذه الزيارة لهذا البلد الذي يحكمه إنسان عادل متواضع حكيم وواع يعرف معنى الإنسانية والجميع يعرفه، إنه صاحب الجلالة الملك عبدالله الثاني”.
كذلك ألقى غبطته رئيس مجلس النواب الأردني عبدالكريم الدغمي كلمة قال فيها: “أيها الضيف الكبير على هذه المملكة، وقد سبقني السفير عون وقال أن هذه البلاد محكومة من رجل عاقل وحكيم، هذا الرجل الهاشمي جده هو النبي محمد الذي عندما إضطهد أهله لجأوا الى ملك الحبشة المسيحي فنصرهم وناصرهم ووقف معهم الى أن قويت دعوة محمد .هذا هو الملك الذي يحكمنا في بلد لم يفرق يوما بين مسلم ومسيحي.، منذ أن توليتم سيادتكم البطريركية المارونية في بكركي ونحن نستمع الى تصريحاتكم ونتابعها، لأنكم من الرموز الهامة في الشرق العربي، ونرى كيق تدعمون البعد العروبي للموارنة في الوطن العربي. والموارنة لم يتخلىوا يوما عن هذا البعد وعن وقفتهم مع شعبهم العربي”.، مضيفاً:” نحن سعيدون لوجودكم على رأس البطريركية المارونية، ونعتز بكم ونشكركم على هذه الزيارة، ونأمل أن لا تكون الأخيرة، بل أن نلتقيكم في كل بقعة في الأردن، وبإسم نواب الشعب الأردني نوجه إليكم الدعوة الآن، وفي الوقت الذي تحددونه يا صاحب الغبطة، لترى مدى محبة الشعب الأردني لكم ولمواقفكم ولبعدكم العروبي ولأهل لبنان، وكم نكن لكم من الإحترام”.
وقال: “إن الربيع العربي يعني تفتح الأزهار، ولكن هذا الربيع مليء ببعض الأشواك، ونخشى أن يخطف هذا الربيع من بعض القوى الظلامية، وكنت قبل ثلاثة أيام في مؤتمر برلمان الإتحاد العربي في الكويت، ورأيت زملائي في الدول التي جرى فيها تغيير الأنظمة، وتمنيت أن يكون هنالك شيء لفلسطين قضية العرب الأولى، ولم أر شيئا سوى عبارة قديمة هي قضية العرب الأولى، في هذا الربيع العربي. نأمل أن تستمر المقاومة العربية من أجل حل القضية الفلسطينية وإعادة الحق الى أصحابه، وأن ينتبه هذا الربيع الى القضية الفلسطينية التي أهملها، وهذا جزء من الأشواك التي كانت في ورود الربيع العربي”.
وكان السفير البابوي جورجيو لنغوا قد إعتبر أن هذه الزيارة “مهمة جدا بالنسبة للأردن، بما أن البطريرك معروف جدا وحضوره منح دعما خاصا لكل الكناس في الأردن. الناس يتابعون البطريرك الراعي ويهتمون لكل ما يقوم به، وهذا ما ألاحظه خاصة في العراق، حيث أن المسيحيين يتابعون محطات “نور سات” ويستمعون بحماسة الى كل مواقف البطريرك”.
كذلك أعرب مطران الروم الأورثوذوكس فينيوديكتوس عن سعادته للقاء البطريرك الراعي والتحدث معه عميقا في أمور مختلفة.
ولاحقا ترأس الراعي قداسا في كنيسة مار شربل والقى عظة بعنوان “إيمانك خلصك إذهبي بسلام”. وقال: “نحتفل بهذه الذبيحة الإلهية على نية هذه الأبرشية ونية الأردن وشعبه، ونحن في إطار هذه الزيارة الرعوية التي مكنتني من أن أعيش زمان الشركة والمحبة. إنها زيارة أردت فيها أن أبادلكم الشركة أنتم الذين كنتم معنا بإستمرار، أنا أبادلكم هذه الشركة بروح الصلاة والمحبة، أنتم اللبنانيون والأردنيون في كل بلد عربي أذكركم في هذه الصلاة، ويسعدنا أن تكون المسيحية قد ساهمت في حياة هذه البلاد النبيلة منذ عهد المسيح، إقتصاديا وروحيا وإجتماعيا وثقافيا”.وأضاف: “نحن نفاخر بشعبنا كله وشعبنا اللبناني بنوع خاص، إنه يعيش في أي بلد وطنية ومواطنة أمينة بدون حدود، ونشكر الرب على هذه النعمة، فأنتم سفراء لبنان. أحيي كل المؤسسات الكنسية على حضورها الفاعل في الأردن على كل الأصعدة، وأقول انه لا يخفى على ذلك الدور العظيم الذي تلعبه الكنيسة، هو الذي إتخذ مبادرة بمنحها مكان لبناء كنيسة على هذه الأرض، ترتفع فيها الكنائس وهذا دليل على حوار الأردن بين الأديان المتجسد على الأرض. بوركت هذه البلاد وبوركت النعم الإلهية عليها، إنها تحمل إرثا كبيرا الى جانب الإسلام وثقافته وحضارته تسجل أعمال الكنيسة المسيحية. وأية أمرأة، وهذه النازفة هي أمثولة لنا، إذ تظهر قيمة الإيمان الذي من خلاله فعل كل شيء، وقوة الأيمان هذه هي العطية العظمى من الله للانسان، فمن يملك يسوع يتنقى، ونحن نلمسه عندما ندنو من الأسرار المقدسة ونتوب عن خطايانا ونشارك في ذبيحته، ونتلو بإيمان الى جسده ودمه، كي لا نصاب بنزف من جراء خطايانا، لذلك نتلمس من يسوع بصمت وتواضع الشفاء، آملين منه في زمن الصوم أن نسمع منه: إيمانكم خلصكم إذهبوا بسلام”.