كلمة البطريرك طوال الى مؤسسة رواكو

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

الثلاثاء 7 يوليو 2009 (zenit.org). – نظمت رواكو (اتحاد المؤسسات لمساعدة الكنائس الشرقية) في روما جمعيتها العمومية الثانية لسنة 2009 في 23 و24 يونيو. هذه اللجنة تضم وكالات ومؤسسات من مختلف بلدان العالم تعنى بتقديم الدعم المالي للكنائس في مختلف المجالات، من أماكن العبادة وصولاً للمنح الدراسية، ومن المؤسسات التربوية وصولاً للمساعدة الإجتماعية الصحية. البارحة، قام الكاردينال ليوناردو ساندري، عميد مجمع الكنائس الشرقية، بتقديم جلسة العمل. وبعدها، تولى المونسنيور فؤاد طوال، بطريرك القدس للاتين، افتتاح النقاش حول موضوع “حياة المسيحيين في الأراضي المقدسة وشهادتهم. ملاحظات وآفاق بطريرك القدس للاتين”. كما كانت كلمة لكل من النائب الرسولي في إسرائيل، المونسنيور أنطونيو فرانكو، وحارس الأراضي المقدسة بييرباتيستا بيتزابالا.

ننشر في ما يلي القسم الأول من كلمة بطريرك القدس للاتين:

نيافة الكاردينال لورينزو ساندري، عميد مجمع الكنائس الشرقية،

سيادة المونسنيور أنطونيو فرانكو، النائب الرسولي في إسرائيل والمبعوث في القدس،

سيادة الأساقفة الحاضرين بيننا،

أعضاء وممثلي رواكو الأعزاء، الذين نلتجئ إليهم لنيل المساعدة والإعانة في عملنا والذين يعتبر تعاونهم حيوياً لخدمة الكنيسة في الأراضي المقدسة،

أصدقائي الأعزاء،

يسرني ويشرفني أن أتحدث معكم عن حياة المسيحيين في الأراضي المقدسة (إسرائيل وفلسطين والأردن) وشهادتهم، وأشاطركم بعض التوجيهات والآفاق الرعوية لبطريرك القدس للاتين. أستهل بالتذكير بالكلمات التي قالها لنا الأب الأقدس في القدس: “أرجو أن يكون مجيئي إلى هنا إشارة إلى أنكم غير منسيين، وأن وجودكم المثابر وشهادتكم ثمينان في عيني الله”. فلنحفظ هذه الرسالة في قلوبنا وكونوا واثقين أن اهتمامكم بكنيسة القدس يشترك في التدبير الإلهي.

هناك زيارتان تاريخيتان وأخيرتان لا بد من أن يكون لهما تأثير على حاضرنا ومستقبلنا. الأولى والأهم هي زيارة قداسة البابا بندكتس السادس عشر إلى الأراضي المقدسة. لا يخفى على أحد أن هذه الزيارة أثارت الكثير من القلق والمقاومة من قبل الجماعة المسيحية نفسها منذ لحظة الإعلان الرسمي عنها. كل ذلك بسبب فتور المسيحيين أمام الوضع السياسي، والخوف من استخدام الزيارة وتشكيلها ضمانة للمناخ السياسي الحالي. بسبب قضية ويليامسون من جهة، والحرب المفجعة والدامية في غزة من جهة أخرى، وجد الطرفان العربي والإسرائيلي في وضع دقيق جداً، حتى أننا فكرنا في طلب إرجاء الرحلة. ولكن رحلة الأب الأقدس حققت بنعمة الله نجاحاً عظيماً وكانت بركة لنا.

سررنا بخاصة بمضمون كلمات البابا التي كانت معتدلة وغير متهاونة وملمة بالوضع. وقد حثت مختلف الأطراف على التقدم في الإنسانية على نحو كبير، وعلى السير نحو بناء مجتمع للجميع. لا بد من الاعتراف بأن زيارة الأب الأقدس إلى العرب كانت أكثر نجاحاً من زيارته إلى اليهود. مع ذلك، كانت الكلمات التي قالها البابا خلال مغادرته إسرائيل موجهة للجميع: “اسمحوا لي بتوجيه هذه الدعوة إلى جميع سكان هذه الأراضي: كفى سفكاً للدماء! كفى صراعاً! كفى إرهاباً! كفى حرباً! خلافاً لذلك، فلنكسر حلقة الإرهاب المفرغة. وليعم السلام المستدام القائم على العدالة ولتحصل المصالحة الحقيقية”.

سررنا بملاحظة أن جميع الهواجس التي نقلناها للكرسي الرسولي خلال تحضيرات الرحلة أخذت بالاعتبار واستخدمت بطريقة إيجابية. كما سررنا بفرصة اجتماع كافة الكرادلة الكاثوليك في الشرق الأوسط في الأردن: اللاتين والموارنة والروم الكاثوليك والأشوريين والأرمن المجتمعين جميعاً بمناسبة الزيارة.

حالياً، يتمثل التحدي في عدم جعل هذا الحدث العظيم يقع في غياهب النسيان كتمثيلية اضمحلت بعد تأديتها. إن الكلمات التي سمعناها وجهت إلينا من خلال نائب المسيح وتلمس وضعنا ومحننا وآمالنا بطريقة مباشرة. إنها لفرصة عظيمة لنا ككنيسة لتعميق النظرة المسيحية التي نلقيها على وضعنا وعدم السماح لآرائنا السياسية أو مخاوفنا الخاصة بالتأثير على أفكار الناس وأقوالهم وأفعالهم. وفي المستقبل القريب، سننشر مؤلفاً يضم كلمات البابا بلغات مختلفة ويوزع على الرعايا.

أما الزيارة الثانية التي حصلت مؤخراً فهي زيارة الرئيس الأميركي أوباما إلى القاهرة.

وضع البطريركية

إنكم تعلمون أن قلقي الأساسي كراعٍ يكمن في هجرة المسيحيين من الأراضي المقدسة.

ها هي الوقائع:

·      يوجد حوالي 400000 مسيحي في إسرائيل، والأردن والأراضي الفلسطينية المحتلة.

·      بحسب دراسة أجرتها سبيل، لا تتجاوز نسبة السكان المسيحيين في الأراضي المحتلة وإسرائيل الـ 160000 نسمة.

تشكل الهجرة التهديد الأساسي للوجود المسحيي في الأراضي المقدسة (فلسطين والأردن). هذه الظاهرة ليست بجديدة لأن نسبة المسيحيين انخفضت في الأراضي المقدسة بانتظام وكثافة منذ القرن التاسع عشر، منذ أن بدأوا يغادرون الأراضي المقدسة نحو الغرب سعياً وراء ظروف اقتصادية أفضل وهرباً من التقلب السياسي.

إلا أن قلق البطريركية لا يخصها وحدها بل يشمل العالم المسيحي أجمع. لذا فإن الوسائل التي تسمح بوضع حد للهجرة هي:

1-  مساعدة المسيحيين على إدراك أن وجودهم في الأراضي المقدسة عبارة عن رسالة. وبالتالي فإن كل رسالة وكل دعوة تتطلب تضحيات. يجب أن يفهم مؤمنونا أن العيش في الأراضي المقدسة يتطلب حتماً قبول الصليب. كثيراً ما تن
اول الأب الأقدس الحديث عن هذا الموضوع مذكراً إيانا بأن قبول المسيح يعني قبول تجرع “الكأس المرة”. وقال أن المسيحيين في الأراضي المقدسة مدعوون إلى أن يكونوا “خميرة تناغم وحكمة وتوازن في الحياة والمجتمع” وإلى أن “يشهدوا لقدرة المغفرة كاشفين بذلك طبيعة الكنيسة العميقة كرمز وسر بشرية متصالحة، متجددة وموحدة في المسيح”.

2-  دعم مشاريع السكن للأزواج الجدد في فلسطين والأردن لإعطائهم الأمل في مستقبل أفضل. وفي هذه الحالة تحديداً، تدعى رواكو ليس فقط إلى المساعدة وإنما أيضاً إلى الاستثمار. والكلام كثير عن هذا الجانب إذ أن أزمة السكن ناجمة عن عدة عوامل يرتبط معظمها بالصراع والاحتلال. إلا أن الحقيقة هي أن العنصر الذي كثيراً ما يدفع العائلات الفتية إلى الهجرة هو عجزها عن إيجاد مسكن مناسب لتربية أطفالها.

3-  تنمية المستوى الثقافي لجماعتنا وإعدادها من أجل ضمان وجود مسيحي في المجتمع ومساعدة المجتمع العربي على الانفتاح أكثر فأكثر. ولكونهم أقلية صغيرة، يجب أن تحصل تنشئة مسيحيينا بطريقة يصبحون فيها فاعلين في المجتمع فيحتلوا مكانتهم الخاصة فيه. لذلك، ومن خلال تعاونكم، نحن مصممون على الاستمرار في الاستثمار في مدارسنا مهما كلف الثمن وعلى الرغم من العبء الاقتصادي المنهك المترتب عن ذلك.

لدينا حالياً 44 مدرسة بطريركية توظف أكثر من ألفي شخص، مما يضمن مداخيل مباشرة لحوالي ألفي عائلة مسيحية. توفر هذه المدارس التعليم من الروضة حتى الثانوية. ونظراً إلى أن حوالي 30% من تلاميذنا هم مسلمون، فإن هذه المدارس كانت وما تزال تترك تأثيراً فعلياً على الثقافة عامة: فهي تخرج تلاميذ مسلمين ومسيحيين ذوي تجربة إيجابية في الحوار اليومي ومعتادين على العمل جنباً إلى جنب من أجل الخير العام. من هنا فإننا نعمل على تنمية نشاطنا التربوي من خلال بناء جامعة جديدة في الأردن هي جامعة مادبا.

لقد رأينا نوعية عمل جامعة بيت لحم في الضفة الغربية وتأثيره الإيجابي، ورغبنا في متابعة هذه الرسالة. تلقينا الدعم الأساسي في هذا المشروع من الأب الأقدس بندكتس السادس عشر. وخلال الاحتفال الذي بارك خلاله حجر الأساس لجامعة مادبا، قال: “هذه التنشئة الفكرية تشحذ الحس النقدي لدى الطلاب وتبدد الجهل والأحكام المسبقة وتساعد على تحطيم الميول التي تفرضها الإيديولوجيات القديمة والجديدة”. وقال الأب الأقدس مخاطباً التلاميذ الذين سيتعلمون فيها: “أنتم مدعوون إلى أن تكونوا بناة مجتمع عادل وسلمي مؤلف من أفراد من مختلف الديانات والأصول الإتنية (…). تقوم رسالة جامعة مادبا ودعوتها على مساعدتكم على المشاركة أكثر فأكثر في هذه المهمة”.

4-  من الواضح أن اهتمامنا الرعوي يتخطى إطار الرعية التقليدي. ففي الأردن بخاصة، تغادر العائلات قراها وأحياءها باتجاه المدن الكبيرة. وفي حين أن ممارسة الشعائر الدينية كانت فيما مضى مرتبطة بالانتماء إلى عائلات أو إلى جماعات تعيش في أماكن معينة، فإن هذه الروابط باتت اليوم ضعيفة، وممارسة الشعائر الدينية أصبحت في العديد من العائلات واقعاً بعيداً. لذلك، يجب أن نمد يدنا لهذه العائلات من خلال مبادرات جديدة لبناء جماعات جديدة. نحن بحاجة إلى مخيمات صيفية تتمكن فيها العائلات المسيحية من تمضية العطلة معاً، وإلى مراكز جماعية إقليمية تقدم خدمات ونشاطات للعائلات المسيحية خارج الإطار الرعوي. باختصار، لا بد لنا من التبشير بالإنجيل والاهتمام بالمهجرين الذين لا يشعرون بالانتماء إلى الجماعات الجديدة. وهذا يتطلب أفراداً وتخطيطاً واستثماراً.

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير