أسرعت الحكومة العراقية لتعلن حالة الطوارئ القصوى تحسبا لانفجار أمني ردا على إعدام صدام في ما أرجىء تنفيذ حكم الإعدام بحق أخيه غير الشقيق برزان التكريتي رئيس المخابرات السابق والرئيس السابق للمحكمة الثورية عواد البندر. لم تتأخر ردود الفعل على إعدام صدام. الرئيس الأمريكي بوش قال إن تنفيذ الحكم يشكل مرحلة مهمة على طريق إحلال الديمقراطية في العراق ونهاية عام صعب للشعب العراقي وللقوات الأمريكية. لكن هذا الحدث لن ينهي العنف في العراق إنما يشكل مرحلة مهمة على طريق العراق باتجاه ديموقراطية يمكن أن تحكم نفسها بنفسها وتتمتع باكتفاء ذاتي وتدافع عن نفسها وتكون حليفة في الحرب على الإرهاب.
مدير دار الصحافة الفاتيكانية الأب لومباردي أصدر بيانا عكس موقف الكرسي الرسولي حيال هذا الحدث. وجاء في البيان أن حكم الإعدام نبأ مأسوي ودافع حزن حتى ولو تعلق الأمر بشخص ارتكب جرائم خطيرة. إن الكنيسة الكاثوليكية التي تعارض حكم الإعدام طالما كررت موقفها في هذا الصدد لأن إعدام المذنب ليس الطريق لبناء العدالة وتحقيق المصالحة في المجتمع لا بل هناك خطر أن يغذي هذا الأمر مشاعر الانتقام ويزرع عنفا جديدا. في هذه اللحظة الصعبة من حياة الشعب العراقي لا يسعنا إلا أن نأمل بأن يبذل جميع المسؤولين أقصى الجهود كي تنفتح آفاق المصالحة والسلام أمام هذا الوضع المأسوي.
من جهته صرح رئيس المجلس البابوي للعدالة والسلام الكردينال ريناتو مارتينو بأنه يأمل ألا يزيد هذا الحدث من خطورة الوضع في العراق الذي يعاني من انشقاق وصراعات أخوية. وأشار إلى مضمون الرسالة العامة إنجيل الحياة التي تدعو إلى إدراج اشمئزاز متزايد لدى الرأي العام من عقوبة الموت حتى وإن اعتبرت مجرد وسيلة دفاع شرعي عن المجتمع وذلك بداعي ما يملكه المجتمع المعاصر من وسائل فعالة لكبح الجرم فيُكَف المجرم عن جرمه من دون أن تُُنتزع منه نهائيا إمكانية افتداء ذاته.
ليبيا من جهتها أعلنت الحداد الوطني 3 أيام على أسير الحرب صدام حسين وتنكيس كل الأعلام وإلغاء مظاهر الاحتفالات بما فيها مظاهر العيد اعتبارا من اليوم حدادا على أسير الحرب. وعن ردود الفعل في الأراضي الفلسطينية نستمع إلى تقرير مراسلتنا في رام الله روان قحاز.
من جهتها أعلنت وزارة الخارجية الفرنسية أنها أبلغت بتنفيذ حكم الإعدام شنقا في الرئيس العراقي السابق صدام حسين ودعت العراقيين إلى التطلع إلى المستقبل والعمل من أجل المصالحة والوحدة الوطنية. وأوضحت أن فرنسا تدعو على غرار جميع شركائها الأوروبيين إلى الإلغاء التام لعقوبة الإعدام. وفي لندن عبرت وزيرة الخارجية البريطانية عن ارتياحها لأن صدام حسين حوكم أمام محكمة عراقية على الأقل في عدد قليل من القضايا الرهيبة التي ارتكبها ضد الشعب العراقي. وأضافت لقد دفع ثمن جرائمه مذكرة في الوقت نفسه بأن الحكومة البريطانية لا تدعم اللجوء إلى حكم الإعدام في العراق ولا في أي مكان آخر. ورحب نائب وزير الخارجية الإيراني بإعدام صدام حسين معتبرا أنه نصر للعراقيين. وقال مسؤول إسرائيلي كبير تعقيبا على إعدام الرئيس العراقي السابق إنه تم إحقاق العدل برأي إسرائيل.
وكان صدام حسين حكم العراق بقبضة من حديد منذ 1979 وحتى سقوط نظامه في 9 من أبريل 2003. وقد حكم عليه بالإعدام في 5 من نوفمبر الماضي إثر إدانته في قتل 148 قرويا شيعيا في بلدة الدجيل شمال بغداد إثر تعرضه لمحاولة اغتيال عند مرور موكبه فيها. ورفضت محكمة التمييز الطعن في الحكم في 26 من الجاري. ونفذ حكم الإعدام فجرا في أول أيام عيد الأضحى بقرار من السلطات العراقية التي ذكرت من قبل أن أحكام الإعدام لا تنفذ في الأعياد عادة. وكانت الحكومة العراقية المكلفة بتطبيق الحكم قد التزمت الصمت حول موعد ومكان الإعدام وتفاصيل العملية وحتى حول مصير جثمان الرئيس السابق. وحاول محامو الرئيس السابق حتى اللحظة الأخيرة تأجيل تنفيذ حكم الإعدام حتى أنهم طلبوا يوم أمس من القضاء الأميركي منع تسلميه إلى السلطات العراقية