مدريد، 26 يناير 2007 (ZENIT.org). – أشار رئيس الأكاديمية الحبرية للحياة، الأسقف أليو زغريتشا أن الدنيوية تشجع عقلية تقبل القتل الرحيم.
هذا ما قاله الأسقف زغريتشا نهار الثلاثاء للصحفيين في مدريد، حيث ذهب ليلقي محاضرة بعنوان “تعاليم يوحنا بولس الثاني حول الحياة”.
وبحديثه عن القتل الرحيم، والإجهاض، واليوجينيا (تحسين النسل عبر التلاعب بالجينات) ومسؤولية الكاثوليك في “عكس” مسيرة “ثقافة الموت”، قال الأسقف أن أوروبا تسير نحو “الإبادة الذاتية”.
وحول تعبير “الموت الكريم” قال زغريشا أنه ينبغي تنقية وتنقيح هذه العبارة التي صادرها القتل الرحيم بطريقة غير صحيحة، وذلك لتحريرها من التناقضات. فبالنسبة لمحبذي الموت الرحيم الموت الكريم ما هو إلا الموت دون تقبل الموت، أي من خلال تجنب الألم، ومن خلال إفناء الحياة الذاتية”.
كما وانتقد مفهوم “الاستقلالية” الذي يقدمه القتل الرحيم، فقال: “لنكون مستقلين وأحراراً، ينبغي علينا أن نكون في المقام الأول أحياء. عندما نقضي على الحياة، نقضي على إمكانية عيش استقلاليتنا: وهذا تناقض”.
وصرح الأسقف: “الموت ليس تدمير الحياة، بل هو آخر أعمال الحياة الأرضية، وأول أعمال الحياة الأبدية” و “من يعيش بكرامة حياته، يتوق أن يعيش بكرامة موته. فالحياة هبة، وكذلك الموت يجب أن يكون هبة إنسانية”.
هذا وقد اشتعل النقاش حول القتل الرحيم بعد حادثين في الفترة الأخيرة، أحدهما في اسبانيا حيث قامت امرأة لها من العمر 69 سنة، بمعاونة ثلاثة أشخاص في القضاء على حياتها. والثاني في إيطاليا، وهي حالة بييرجورجيو ولبي، 61 سنة، الذي وضع الطبيب حدًا لحياته في 20 ديسمبر 2006.
وقال زغريتشا: “يجب التمييز جيدًا بين شرعية الحد من استعمال العلاج، وبين القتل الرحيم”.
ولكنه طلب فوق كل شيء ألا تستغل هذه الحالات الإنسانية لأغراض سياسية.
وقال الأسقف أنه من واجب المواطنين والأطباء أن يعطوا المرضى “الأدوية الملائمة، والناجعة والعادية”.
أما الأدوية غير المتناسبة، “التي لا تأتي بفائدة، لا بل تزيد الوضع سوءًا، فهي ممنوعة لأنها تعبير عن تصلب علاجي”.
وأشار أيضًا أن بعض العمليات العالية الخطورة ليست إلزامية من الناحية الخلقية.
وفي هذا الإطار قال أن بعض الأمور الأساسية “كالغذاء، الإرواء، والعناية الجسدية” يجب ألاّ يتم التوقف عن إعطائها لأنها ليست علاجًا بل هي أمور تعطى لكل شخص لا يستطيع أن يتناولها ويقوم بها لوحده، كالطفل أو كالمريض المنازع.
وأشار الأسقف إلى العديد من الحجج التي يتبناها محبذو القتل الرحيم: كالمصاريف العالية التي ترهق كاهل الدولة، الآلام التي يعانيها المرضى لفترات مديدة، أو المشاكل التي تتكبدها المستشفيات في عناية مطولة بأشخاص يعانون من أمراض عضال.
ثم استدرك وقال: “إن الحجة الأعمق هي التالية: علمنة الحياة” و”فقدان الأفق المتسامي والله، الله الخالق، الحياة الأبدية، والحب”.
فمن دون حس هذا الأفق، قال الأسقف زغريتشا أن الإنسان “لا يملك الإمكانيات والقوة لمواجهة الألم، ويفقد الإنسان معنى الألم والقدرة على مواجهته، وبالتالي يفقد الدافع للعيش عندما تغدو الحياة صعبة، متطلبة وغير مثمرة”.
“إذا أردنا أن نربح هذه المعركة، ونتخطى هذه الصعوبة، يجب علينا أن نعيد بناء الأسس، الثقة بأننا ننبع من مصدر حكيم، هناك ‘مشروع حكيم‘ في الأساس كما يقول الفلاسفة”.
إذا ما أعدنا بناء هذا الأساس، “يصبح الموت من أغلى لحظات الحياة”.
وصرح رئيس الأكاديمية الحبرية للحياة أن الحل هو إعادة بناء أفق تسامي الإنسان، والرجاء الأكيد بأن النهاية ليست نهاية كل شيء بل انفتاح على حياة جديدة”.
وقال زغريتشا أنه على الكنيسة “لا أن تقوم بدراسات أكاديمية بيوأخلاقية بل يجب عليها أن تذهب نحو العائلات، نحو الشعب، وأن تنزع القناع عن الأساليب التي تتغلغل باسم جنون التكنولوجيا، والتي لا تقود في نهاية المطاف إلى حيث يعتقد العلماء، بل إلى تدمير الجنس البشري والمجتمع”.