كلمة المطران ميخائيل الجميل في قداس في روما لراحة انفس ضحايا سيدة النجاة في بغداد

“الاعتداء على الكنيسة عمل وحشي لا سابقة له”

Share this Entry

 

روما، الأربعاء 10 نوفمبر 2010 (zenit.org). – ننشر في ما يلي الكلمة التي ألقاها المطران ميخائيل الجميل، الوكيل العام لبطريركية السريان الأنطاكيين لدى الكرسي الرسولي، باللغة الإيطالية، خلال القداس الذي احتفل به اليوم مقر البطريركية في روما، لراحة أنفس ضحايا كنيسة سيدة النجاة في بغداد:

“الاعتداء الفظيع على الكنيسة السريانية الكاثوليكية في بغداد في 31 أكتوبر، عمل وحشي لا سابقة له، ضد أشخاص أبرياء مجتمعين للصلاة”.

منذ سنوات ومسيحيو العراق هدف لهجمات وحشية: كهنة يُقتلون، أساقفة يُختطفون وآخرون يُقتلون، عائلات تُقتل داخل بيوتها، قافلات طلاب يُعتدى عليها. مجزرة 31 أكتوبر أسفرت عن قتل 55 شخصاً من بينهم كاهنان، وأدت الى جرح حوالي المائة. الوضع في البلاد يزداد تعقيداً، لدرجة أن كثيرين يجدون أنفسهم مجبرين على الرحيل.

إن هجرة المسيحيين من مختلف البلدان في الشرق الأوسط ، وخصوصاً هجرة مسيحيي العراق ، تقلقنا. ونحن لا نتحدث فقط عن أقلية دينية – حتى ولو كان صحيحاً ان المسيحيين أقلية في بلدان الشرق الأوسط – وإنما نتحدث عن أماكن جذور المسيحية. هذه الجذور هي بمثابة خميرة تعزز التعايش السلمي والتآخي بين المسيحية والإسلام والأديان الأخرى.

كان جواب السلطات الحكومية العراقية  ان المسيحيين هم ضحايا مناخ من العنف في البلاد  كغيرهم  من المواطنين. ولكن لا بد من الإشارة إلى أن المسيحيين لا ينتمون إلى أي من الفصائل المتحاربة، ولا يشاركون في الصراعات داخل البلاد، وليس لديهم أسلحة، ولا حتى للدفاع عن حياتهم.  وفي مواجهة الظروف المعيشية الصعبة، يرفعون الصلاة من أجل الاستقرار والأمن والمصالحة.

يمكن لهذا السيناريو أن يتكرر وهو يتكرر في بلدان شرق أوسطية أخرى حيث يشكل المسيحيون اقلية. المسيحيون ينتظرون من الإسلام أن يستعيد الدور الذي لعبه عندما كان المسيحيون والمسلمون يصنعون الحضارة العربية معاً، وأن لا يسمح للإرهاب ولعناصر سياسية أخرى، شرقية كانت أم غربية، بإفراغ الشرق من المسيحية وبتشويه هذه الصورة الجميلة للحوار والتعايش بين الإسلام والمسيحية.

إن فكرة خلق شرق أوسط جديد مقلقة. إن المعنى الحقيقي والواقع الحقيقي لهذه البلدان يكمن في قِدَمها كأرض الجذور، أرض الوحي والخلاص، أرض التعايش بين مختلف الديانات. وبحسب هذه الفكرة السائدة، ماذا سيكون مصير الشرق الاوسط؟ مزيج من الأديان والبدع المختلفة ومن تصاميم سياسة تدمر حقيقة وجمال الشرق الأوسط، لتخلق وحشاً بحاجة دائمة الى العناية في مستشفى السياسة الدولية، سياسة بدون تاريخ، بدون تقاليد، بدون أخلاق دينية، بدون فادي، بدون الله!

نقرأ في بعض وسائل الإعلام أن بعض الوكالات السياسية الغربية تريد التعاطي فقط مع شرق أوسط مسلم، فبالنسبة لها، يشكل وجود المسيحيين عائقاً. نعم، هذا الوجود هو عائق لبعض المشاريع السياسية والمصالح الاقتصادية.

وفي ظل الوضع السائد، كل شيء ممكن. هذا لأن الديمقراطيات الغربية التي تدعي الدفاع عن حقوق الانسان، لا تتوصل الى فهم العقلية الشرقية وبخاصة المنطق السياسي لبعض التيارات الإسلامية التعصبية التي تعتبر المواطينين المسيحيين امتداداً للغرب المستعمِر او حتى استمرارية للحملات الصليبية.

هذا الموقف هو موقف البدع المتعصبة الإرهابية النامية داخل العالم الإسلامي. ولكن مع الأسف، لم يستطع الإسلام المعتدل حتى الآن وضع حد لهذه التيارات. لقد  كان لمسيحيي الشرق الأوسط دائماً علاقة تعايش وأخوّة وطيدة مع إخوتهم المسلمين، ولكن الوضع السياسي الآني المربك يشعرهم بالضياع ويفقدهم الثقة.

ونحن نأمل أن يعرف المسلمون أن يكونوا صارمين في حماية الأخلاق المدنية والدينية لديهم، وأن يعملوا على تعزيز ثقة وطمأنينة إخوتهم المسيحيين. إن حضور المسيحيين في الشرق الأوسط هو علامة واضحة على أن إخوتنا المسلمين يريدون منع التعصب والإرهاب من تدمير جوهر الإسلام.

ومن الغرب وديمقراطيته ومبادئه في الدفاع عن حقوق الإنسان، يطلب الشرق إلقاء نظرة معمَّقة على الوضع الحالي، ويطلب – بدلاً من  التعصب بين مختلف الجماعات الدينية في الشرق – التحلي بالشجاعة لرفع الصوت عالياً ضد كل تعصب وضد كل ظلم وعنف، للدفاع عن مختلف مكونات بلداننا الشرق أوسطية وعن الأقليات الدينية.

نقله الى العربية طوني عساف – وكالة زينيت العالمية

Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير