–
كلمة البابا قبيل صلاة التبشير الملائكي
الفاتيكان، الإثنين 13 فبراير 2012 (ZENIT.org). – ننشر في ما يلي الكلمة التي تلاها قداسة البابا بندكتس السادس عشر قبيل تلاوة صلاة التبشير الملائكي في ساحة القديس بطرس في الفاتيكان نهار الأحد 12 فبراير 2012.
* * *
إخوتي وأخواتي الأعزاء،
لقد شاهدنا يوم الأحد الماضي كيف أنّ المسيح في حياته العامة شفى مرضى كثيرين، كاشفاً أنّ الله يريد الحياة للإنسان، ملءَ الحياة. ونرى في إنجيل هذا الأحد (مر 1، 40-45) المسيحَ على اتصال بإحدى الأمراض التي كانت تُعتبر الأكثر خطورة آنذاك، إلى درجة اعتبار الشخص المصاب بها “نجساً”، واستثنائِه من العلاقات الاجتماعية: نتحدّث هنا عن مرض البرص. وفي ذاك الوقت، كان تشريع خاص (راجع لا 13-14) يحفظ للكهنة مهمّة الحكم ببرص الإنسان، أي بنجاسته، والحكم بإطهار أحدهم منه، والسماح باستعادته حياته الطبيعية.
حين كان المسيح يبشّر في قرى الجليل، أتى إليه أبرص يطلب إليه قائلاً: “إن شئتَ فأنت قادر أن تطهرّني”. يسوع لم يتجنّب لمس هذا الرجل، بل وعلى العكس، قام المسيح بدافع المشاركة الداخلية في وضع هذا الأبرص، بمدّ يده ولمس الأبرص متخطياً تحظيرات الشريعة في هذا الخصوص، فقال له: “قد شئتُ، فاطهر!”. إنّ في هذه اللفتة وفي كلمات المسيح هذه، تاريخ الخلاص كلّه، وتجسيدٌ لمشيئة الله بإبرائنا وتطهيرنا من الشرّ الذي يشوّهنا ويُفسد علاقاتنا.
ومن خلال لمسة يد يسوع للأبرص، تكسّرت جميع الحواجز بين الله والنجاسة البشرية، بين المقدّس ونقيضه، ليس بهدف نكران وجود الشر وقوّته السلبية، بل لإثبات أنّ حب الله هو أقوى من كلّ شرّ، وحتى أكثرها عدوىً وشناعة. وقد أخذ يسوع على عاتقه عيوبنا، فجعل نفسه “أبرصَ” ليطهّرنا.
وتشكّل تجربة القديس فرنسيس الأسيزي التي يلخّصها في بداية وصيّته تعليقاً رائعاً على هذا الإنجيل: “هكذا أعطاني الرب، أنا الأخ فرنسيسن أن أبدأ بالتكفير. لمّا كنت في الخطايا، كانت تبدو لي رؤية البُرص مُرّة. وقد قادني الرب نفسه بينهم، ورئفت بهم؛ ولدى ابتعادي عنهم، تحوّل ما كان بيدو لي مُرّاً إلى عذوبة للروح والجسد. وبعد ذلك، بقيتُ قليلاً ثم هجرتُ العالم.” فيسوع كان حاضراً في هؤلاء البُرص الذين التقى بهم فرنسيس حين كان لا يزال “في الخطايا”. وحين اقترب فرنسيس من أحدهم وقبّله متعالياً على اشمئزازه منه، شفى المسيح فرنسيس من برصه، أي من كبريائه، وحوّله إلى حبّ لله. إنّه انتصار المسيح، أي شفاؤنا الأعمق وقيامتنا لحياة جديدة!
أصدقائي الأعزّاء، لنصلي إلى العذراء مريم التي احتفلنا البارحة بعيد ظهوراتها في لورد. لقد سلّمَت العذراء القديسة برناديت رسالةً آنيةً على الدوام: الدعوة إلى الصلاة والتوبة. والمسيح يأتي دائماً للقائنا من خلال والدته، من أجل تحريرنا من كلّ مرض في الجسد والروح. فلندعهُ يلمسنا ويطهّرنا، ولنكن دائماً رحماءَ مع إخوتنا.
* * *
نقلته من الفرنسية إلى العربية كريستل روحانا – وكالة زينيت العالمية
جميع الحقوق محفوظة لدار النشر الفاتيكانية