سيدة النجاة بكهنتها ومؤمنيها، كانت رمزاً للمسيحة بشكل عام في العراق عامة وفي بغداد بشكل خاص… فلم يكن يعرف الناس أنها للسريان أو للكلدان أو للارمن او للاشوريين او او او، بل كان الناس يعرفون انها كنيسة، أم الطاق، تزهو وتعلو شامخة في سماء بغداد / حي الكرّادة…
كانت رمزاً، يمثل تجذّر وازدهار وفعّالية نشاط المسيحيين في بغداد والعراق… ولكن، ضربوا الرّمز، حطّموه، وعندما يتحطّم الرمز، يتشتت الأتباع…
وهذا ما حدث، حُطِّمَت سيدة النجاة (الرّمز)، فتشتت ما تبقّى من اتباعها (المسيحيين) في أصقاع الأرض… ولم تكتف قسوة وبطش الإنسان بهذا (تحطيم الرمز)، ها هم اليوم، اعداء المسيحية، يحاولون دفن جثة الرمز تحت الأرض…
بغديدا / قره قوش، هي رمز، رمز لوجود المسيحيين في العراق عامة وفي شماله بشكل خاص، ففيها أكبر تجمع للمسيحيين في العراق (50 الفاً). إنها رمز للوجود المسيحي في العراق، إنها جسد سيدة النجاة (الرّمز)، وها هم اليوم بعدما حطّموا الرّمز، يحاولون دفن جسده، ليس دفته فقط، بل تقطيعه وتوزيعه إلى أشلاء…
تُرى، من يريد تمزيق المسيحية في العراق؟ من يريد اسقاط الرّموز؟ من يريد تحطيم الإيمان؟… ما حدث في بغديدا / قره قوش، يدفع ثمنه آلاف مؤلفة من الأبرياء، الذين خابت آمالهم من تحركات السياسيين بمختلف اجناسهم، الذين لا يفكّرون بالبريء بقدر ما يفكرون بمصالحهم الشخصية.. هل سيفكّر المسيحي بالبقاء، دافعاً ثمن سياسيات لبعض الاشخاص المتنفذين (السياسيين الازدواجيين)، ام سيترك أرضه، مؤمناً ان الارض والايمان يحمله في قلبه أينما كان، في أية بقعة على الأرض؟….
في اجواء عدم الثقة والترقب، كيف سيفكّر المؤمن المسيحي، من دون رمز ومن دون جسد؟… يفكّر الغالبية ان العد التنازلي للوجود المسيحي بدأ من مذبحة سيدة النجاة.. ووسط دعوات بالبقاء والثبات في الايمان، وما يقابلة من توفير لاجواء عدم ثقة من السياسيين، نحن نشهد طريقة تفكير جديدة لمسيحيي العراق، مسيحيين، يشعرون ان اوصالهم تتمزّق، وكلٌّ ينهش من لحمهم بفكّيه..
أيها المسيحي انت قويّ، وخطير بالنسبة للآخرين (الأغلبية) لانك إن لم تكن كذلك، لما حاولوا اسقاط رموزك وتحطيم جسدك…
أيها المسيحي، رمزك (سيدة النجاة) لم يتحطم، وجسدك (بغديدا / قره قوش) لم يتمزّق، بل انت الرمز وانت الجسد بالنسبة للآخرين (الأغلبية)… الرمز في القلب، يُعاش أينما كان… فلا تمت أيها المسيحي، ولا تغلق أبواب قلبك أمام الايمان، امام الحياة، بل أَبقِ أبواب قلبك مُشرّعة امام الحياة، فأينما كنت، انت الباب للحياة، انت الروح للحياة…
فلا تمت أيها المسيحي الساكن في العراق، إبقَ حيّا أينما كنت، في داخله او خارجه، فالحياة تحناجك، لتُضفي عليها نكهة، روحاً، لتضيف للحياة حياةً…
أيها الجسد (كنيسة بغديدا) لن، تموت، أينما كنت، في أية بقعة من الأرض، لانك رمزٌ، ولأن الرموز لا تموت أبداً….
المسيحية وإن اخترق جسدها الرّصاص، إلاّ أن الرصاص لن يخترق فكرها ومبدأها، يسوع الحي…