الجنس ، جزءٌ من تخطيط الله للخليقة
– هل من المسموح لكاردينال أن يتكلّم عن الجنس ؟
أجاب البابا بندكتس السادس عشر :
بالطبع ، نعم . عليه أن يتكلّم دائمًا عن كلّ ما هو إنسانيّ . والجنس ليس مطبوعًا بوصمة الخطيئة ، ولكنه وبشكل مبدئيّ ، وقبل كلّ شيء ، قدرةٌ على الخلق . في مهنتي الحاليّة ( هنا الحوارُ عندما كانَ في السدّة البطرسيّة رئيسًا للكنيسة وحبرًا أعظمًا ) عليّ الكلامُ عليه وبشكل مستفيض ، مع أنّني أحاول أن لا نختصرَ المسيحيّة أو الأخلاق بالوصيّة السادسة ، إنّما أسئلة المسيحيّة ، والتي تتواردُ إلينا هنا من الأنحاء كلّها ، ترغمنا على التعامل بشكل مستمرّ ، مع هذا الجانبْ من الوجود الأنسانيّ .
يسألُ الصحفيّ زيفالد أيضا البابا ويقول : لقد وصفتَ مرّة الجنس بإنه نوع من المنجم المحرّك ، والقوة المسيطرة في كلّ مكان ، وكأننا نلحظُ هنا موقفــًا سلبيّا من الجنس ؟
يُجيب بندكتس : كلا ، ليس الأمر على هذا النحو ، ولو صحّ ، لكان هذا يتناقض مع إيماننا الذي يقول إنّ الإنسان ، رجلا وامرأة ، هو مخلوق من الله بكامله . إنّ الجنس هو بعيد عن أن يكون قد وُجد أوّلا بعد الخطيئة ، لكنّه في الواقع جزءٌ من تخطيط الله للخليقة . فالذي خلقَ الإنسان على صورة الرجل والمرأة ، جعلهما يتوالدان من خلال الجنس ، وهو ما يعني أنّ هذا هو جزء من التخطيط الأوّليّ للخليقة . وبذلك ، هو جزء من مواهب الإنسان . عندما قلت ما ذكرته أنت للتوّ ، أردتُ أن أعني ، أنّ القوى الكبيرة ، إذا انفلتت من وسطها الإنسانيّ ، بإمكانها أن تتطوّر لتصبح أكبر قوّة مهدّمة . إنّ الجنس يصقل كلّ جسدانيّة الإنسان ، رجلا أو امرأة ، وخصوصًا لإنه قوّة كبيرة ، ولإنّ الإنسان بدونها لا ينضج ، ولا يصبح ذاته . لذلك ، هي قوّة تطبع الشخص في الأعماق ، وهي ، إذا ما انفلتت من الوحدة المتكاملة للإنسان ، فهي بالطبع تمزّقه وتقضي عليه .
ويسأل الصحفيّ أيضا : لكن ، علينا أن نعترف ، بإنّ صورة الجنس بوصفه قوّة عظمى مسيطرة على يوميّاتنا ، تتوضّح أكثر فأكثر ؟
أجاب بندكتس : الظاهر أنّ هذا الإنفلات ممّا يشكّل كليّة الشخص ، ومن الحضور المشترك للرجل والمرأة، أصبح ممكنا على نحو لم يعرف من قبل ، خصوصًا من خلال التقنيّة ووسائل الإعلام . بإستطاعة المرء الآن أن يعرض الجنس وكأنه سلعة مجرّدة .
يضيفُ الصحفيّ بطرس زيفالد : لكن هذا موجود منذ 2000 سنة …..
اجاب بنديكتس السادس عشر : نعم ، بالتأكيد ، لكن ، أن أتمكّن من شراء الجنس من متجر ، بشكل مباشر ، أو أن أدرك الأشخاص ، من خلال تدفّق الصور المعنيّة ، وكأنهم أجسام جنسيّة ، وليسوا أشخاصًا بحدّ ذاتهم ، إنّ هذه الإمكانيّة تطوّرت بشكل ٍ تصاعديّ من خلال التسويق . إحتمال تسويق الجنس ، وكأنه سلعة ، وتسويقه بكميّات هائلة ، يوجــِدُ فرصًا لسوء الإستعمال ، وللتغرّب عن الذات ، بشكل يتجاوزُ كلّ ما هو معروف حتى الآن .