– من ضمن المسائل المعقدة الجديدة ، على الصعيد اللاهوتيّ ، قد يكونُ السؤال الآتي ، الذي يُطرح بإلحاح ٍ وهو : كيف يتمّ إثبات تجسّد الله في شخص يسوع الفرد ، وليس في أشكال ٍ إلهيّة متعدّدة ، كما يسود الإعتقاد في آسيا ؟ وهل يقدرُ شخص واحد أن يُجسّد الحقيقة المطلقة ، في المسيرة التاريخيّة ؟
أجاب البابا : يجبُ القول ، أوّلا ، إنه لا يوجد في تاريخ الأديان معتقد ، يسير بموازاة حقيقة الإيمان المسيحيّ ، في ما خصّ ألوهيّة الإنسان ، يسوع الناصريّ . ولكن ، يقرب قليلا من ذلك ، تصوّر الهنود لإلههم ” كرشنا ” ، الذي يجلّونه ، لإنه تحدّر من إله ، ونزلَ إلى الأرض ، فعبر تاريخ الأديان بطرق مختلفة . ولكنّ هذا التصوّر يختلفُ كثيرًا عن جوهر الإيمان المسيحيّ ، في إتحاد الله الأحد النهائيّ بكائن بشريّ محدّد ، عاش في الزمن ، وجذبَ الله ، من خلاله ، كل البشريّة إليه . والإيمان المسيحيّ متداخل في الإيمان اليهوديّ ، في ما خصّ الإله الواحد الخالق ، الذي يجسّد تاريخنا مع الإنسان ، ويرتبطُ شخصيّا بهذا التاريخ ، ويتفاعل فيه بدون تغيير ، من أجل الجميع .
لذا ، فليس هناك من تشابه بين المسيح وكرشنا ، وسواه من الوجوه . والخيارُ هنا ، يكونُ بين إله – أظهرَ ذاته إلهًا للجميع ، واتحد بالإنسان ، حتى من الناحية الجسديّة – وبين أسلوب آخر لفهم الدين ، تتجلّى به الألوهيّة في صور وأشكال مختلفة ومتغيّرة ، فيرجع الإنسان ، أخيرًا ، إلى إله لا أسم له . وفي الحالتين ، تختلفُ الطريقة في فهم الحقيقة ، والله ، والعالم ، والإنسان . ويستطيع المسيحيّ ، في الوقت عينه ، أن يرى ، في صور ديانات العالم المقدّسة ، محاولات محسوسة تتّجه صوب المسيحيّة ، ويمكنه أن يرى أيضا ، وراءَ ذلك كلّه ، عملا خفيّا لله ، يطال الإنسان عبر الديانات الأخرى ، فيضعها على السكّة ؛ ولكنّه يبقى دائمًا الإله نفسه ، إله يسوع المسيح .