الحب نحو الحب: الزواج وسيلة للقداسة والاتحاد بالله

الزواج: طريق سريعة الى القداسة (9)

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

ما معنى  كلمة “سر”؟ هل تعني الكلمة “أمرًا خفيًا وغامضًا”. كلا وألف كلا. كلمة سر تأتي من اليونانية “ميستريون” (mysterion) ومنها أيضًا الترجمة اللاتينية “ساكرامنتوم” (sacramentum). عن معنى السر في أبعاده المختلفة تحدثت في مقالة سابقة. يقدم المجمع الفاتيكاني الثاني تعريفًا مقتضبًا ثمينًا عن السر فيقول أنه “علامة وأداة الاتحاد الحميم مع الله ووحدة الجنس البشري” (نور الأمم 1). السر إذًا هو علامة تشير إلى الواقع الإلهي، إلى سبل الاتحاد بالله وإلى وحدة الجنس البشري. ولكنه ليس هكذا فقط. ليس فقط إشارة هو أداة. أداة تحقق هذا الواقع في من ينفتح عليه.

ماذا يعني إذا الحديث عن “سر” الزواج؟ لا يعني الغموض بل الواقع الأعمق الذي لا يُسبر. يمكننا أن نقول أن الزواج هو أيقونة بكل ما في من رمزية وواقعية في الأيقونة. أيقونة الزواج في كونها شركة حياة وشركة محبة في آن تعكس صورة محبة المسيح والكنيسة في خبرة السر الفصحي، حيث هناك حبة حياة وهبة حب يفوق الوصف. في عيشهم الحب على ضوء سر حب المسيح والكنيسة يدخل الزوجان في قلب الله، في قلب حياة الثالوث الأقدس الذي هو سر الحب الأزلي الأسمى.

يمكننا أن ندفع قدمًا فكرة الزواج كـ “سر” (مع التشديد بشكل خاص على بعد السر بمعناه اللاهوتي) فنقول: نجاح سر الزواج يرتبط بالقداسة، بقداسة الثنائي. بكلمة بسيطة: إذا تزوجت، لم تعد مسؤولاً عن قداستك وتقديسك فقط، بل عن تقديس زوجتك أو زوجك! كمتزوج لا يعني أنك معزول أو معذور من واجب التقديس، بل عليك مسؤولية أكبر، مسؤولية تقديس جماعي تمتد إلى أولادك. هذه المهمة لا تُعاش بجهد بشري بحت، بل يجب أن تنفتح على تصوف خاص بالمتزوجين، التصوف في العالم، الاتحاد بالخالق من خلال الخليقة والانفتاح معًا على عمل نعمة الله. من هنا يتحدث اللاهوتيون المتزوجون عن “نُسك القلب” أو عن “الحياة الرهبانية الداخلية” (بول أفدوكيموف) وعن “الكهنوت الزوجي” (أوليفيه كليمان). هذا العيش المتجلي بقداسة الله وخصب حبه ينعكس على وجه الأزواج القديسين ويذكرنا بأن الحب (الإلهي) هو غاية كل حب وملؤه.

من لم يصل إلى الحب من خلال الحب أفشل مهمته وأفرغها. فغاية القلب البشري هي اللامتناهي. بحق يقول أفدوكيموف الذي استشهدنا به قبلًا: “في اندفاعه الأعمق والأخير، يلمس الحبُ الإيمانَ، الذي هو برهان الأمور التي لا تُرَ. دون أن يمزق ستار المُطلق الذي لا يُسبَر، يقدم لنا الحب في حريره الطاهر لمسة من ذلك الحب الذي هو فينا أعمق وأكثر حميمية من ذواتنا!”.

إيقان هذه الدعوة إلى القداسة معًا هو من أجمل اكتشافات سر الزواج. يكفي أن نذكر بعض الأمثال النيرة مثل الزوجين الإيطاليين كواتروكّي، مثل عائلة مارتن (والدي القديس تريزا الطفل يسوع)، ومثل القديسين يواكيم وحنة الذين نحتفل بعيدهما في 26 تموز.

(تم)

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير