كان في استقبال غبطته في المطار سيادة المطران مار برنابا يوسف حبش راعي أبرشية سيّدة النجاة للسريان الكاثوليك في الولايات المتّحدة الأميركية وكندا، والأبوان أفرام موشي ونعمة الله عجم، كاهنا الرعية في نيوجرسي، مع وفدٍ من المؤمنين، وفي مقدّمتهم السادة عاطف عيد وجوزيف الحكيم وشربل عطية، الذين اهتمّوا بتسريع معاملات الدخول للوفد البطريركي الزائر.
وفجر اليوم التالي الأربعاء 23 تمّوز، توجّه غبطته إلى استوديوهات “فوكس نيوز” في مانهاتن ـ نيويورك، وهي من أهمّ قنوات الكابل التلفزيونية، حيث شارك غبطته في البرنامج اليومي الشهير: “FOXNEWS AND FRIENDS”(فوكس نيوز والأصدقاء). وقدّم غبطته في هذا البرنامج صورةً واقعيةً عن الأحداث المأساوية التي عرفَتْها الموصل والبلدات المجاورة في سهل نينوى، سيّما بلدة قره قوش السريانية، متسائلاً عن “معنى الصمت المريب التي تتّخذه الدول ذات الشأن، إزاء التعرّض الهمجي الذي يطال المسيحيين، والذي من الحق أن نسمّيه تطهيراً دينياً يجري على مرأى من الجميع، في قرننا الحادي والعشرين!”. ولقد كان لهذه المقابلة على البرنامج المذكور صدى كبير، ممّا دفع العديد من وسائل الإعلام إلى طلب المقابلات مع غبطته.
وظهراً، قدّم غبطته مقابلةً تلفزيونيةً على التلفزيون الكاثوليكي لأبرشية نيويورك، مجيباً على أسئلة مدير البرامج الأب جوناثان موريس. وكانت مقابلة مستفيضة في المعلومات عن “تاريخ المسيحية العريق في بلاد الرافدين، وعن مساهمتهم الحضارية فيها، وعن التهديد الحقيقي لوجودهم وطردهم المجرم العنيف من أرض آبائهم وأجدادهم، على يد مجموعاتٍ تكفيريةٍ لا يهمّها شرعٌ دولي ولا تخاف من العقاب، لأنّها مموّلةٌ بطرق غير شرعية، وتعتبر ذاتها مغطّاة من قِبَل دولٍ وجماعاتٍ تسعى لنشر الإسلام عن طريق العنف والتخويف، وتكتفي بإدانةٍ جوفاء لتغطّي جرائمها إزاء الإستنكار الدولي”.
ثم زار غبطته سيادة رئيس أساقفة نوارك جان جوزف مايرز، وتبادل معه الأحاديث عن الأوضاع في الشرق، حيث أسهب غبطته في شرح ما يجري حالياً خاصةً في العراق وسوريا، والدور الذي يمكن أن تؤدّيه الكنيسة في الولايات المتّحدة في إيصال حقيقة ما يحدث إلى مراكز القرار السياسي.
ومساءً دُعي البطريرك يونان لمقابلةٍ على تلفزيون أبرشية بروكلين، حيث تعدّ ما يقرب من مليونين ونصف من المؤمنين، وفيها كرّر غبطته التعبير عن ألمه “لما جرى ويجري للمسيحيين في الموصل والجوار وفي سوريا، سيّما مدينة حلب”. وركّز على أنّ “الأقليات الدينية والعرقية، سيّما المكوّن المسيحي، ظلّت لسنين عديدة خلت، عرضةً للإبتزاز والقتل والخطف والتهجير من قِبَل جماعاتٍ إرهابيةٍ تستقوي بأكثريةٍ لا تعرف فصل الدين عن أمور الدولة والشؤون العامة”. وعلى سؤالٍ إن كانت جماعاتٌ أخرى تلقى المظالم، أجاب غبطته، بأنّ “علينا أن نأخذ بعين الإعتبار النسبة العددية للمسيحيين في بلادهم كالعراق مثلاً، والتخوّف إزاء مستقبلهم، إذ يكاد اليأس يستولي عليهم، وهم يرون تواطؤ بعض الحكومات في المنطقة ودولياً، والتدخّل اللا فعّال لبعضٍ من المرجعيات الإسلامية، التي غالباً ما تكتفي بالإستنكار والإدانة اللفظيين، معلّلةً اقتراف المظالم التي تطال المسيحيين وسائر الأقلّيات في بلادنا المشرقية، بالإجحاف في حقوق المسلمين في العالم!”.
وهذه الأفكار والتخوّفات تابع غبطته شرحها لسيادة مطران الأبرشية نيكولا دي مارسيو، وهو صديقٌ كبيرٌ لغبطته منذ سنواتٍ طويلة، وقد دعاه لتناول العشاء مع مرافقيه وبحضور بعضٍ من مساعدي سيادته وهم من المعتبَرين بين رجالات الأبرشية.
أمّا يوم الخميس 24 تمّوز، فكان يوم عملٍ ماراتونياً بامتياز، من الفجر وحتى المساء. فقد توجّه غبطته إلى العاصمة واشنطن، وهناك التقى بعددٍ من أعضاء الكونغرس، وبالمسؤولين عن لجنة الدفاع عن الحرّيات الدينية في وزارة الخارجية، وأقيمت له عدّة مقابلاتٍ تلفزيونيةٍ وإذاعيةٍ وصحفية.
من بين أعضاء الكونغرس، التقى غبطته بالنواب التالية أسماؤهم: جفّ فورتنبري (ولاية نبراسكا)، وفرانك وولف (فيرجينيا)، والنائبة آنا ايشو (كاليفورنيا)، وتيموثي والبرغ (ميشيغن). وقد التقى غبطته مع كلٍّ من هؤلاء النواب الأربعة على انفرادٍ في مكاتبهم، وناقش وإيّاهم بوضوحٍ وحزمٍ الأوضاع المأساوية التي تجابهها الأقلّيات الدينية، سيّما المسيحيون في بلدان الشرق الأوسط، وبشكلٍ خاص في العراق وسوريا. وقد أصغوا باهتمامٍ إلى حديث غبطته، سيّما ما قاله عن “وجوب أن يتّخذ المسؤولون في الولايات المتّحدة بمشاركة المراجع الدولية الأهمّ، الإجراءات الضرورية والمستعجلة، لوقف التعرُّض للمسيحيين للقتل والخطف والتهجير، لا لسببٍ آخر سوى اختلافهم الديني عن معتقد الغالبية التي يعيشون معها”. وقد أبدى النواب المذكورون اهتمامهم الموجَّه بشكلٍ مستعجلٍ للتخفيف عن معاناة المهجَّرين قسراً عن مناطق سكنهم، ووعدوا أنهم سيسعون مع زملائهم في الكونغرس لسنّ قانونٍ يدين التطهير العرقي الذي تعرّض له مسيحيو الموصل، وما زالوا يعانون منه وهم في وضعٍ مأساوي في اللجوء والنزوح.
كذلك أجريت لغبطته مقابلاتٌ تلفزيونيةٌ وإذاعيةٌ، على القنوات العامّة PBS، وعلى قنوات الهيريتاج: “THE HERITAGE FOUNDATION” و
غيرهما من وسائل الإعلام في العاصمة واشنطن.
ومساء يوم الخميس 24 تمّوز عينه، عاد غبطته إلى مطرانية السريان الكاثوليك في نيوجرسي، حيث احتفل بالذبيحة الإلهية في الكاتدرائية على نيّة السلام في الشرق الأوسط ولتخفيف المعاناة عن المسيحيين في العراق وسوريا. وحضر القداس الأساقفة والكهنة السريان الكاثوليك، والمطران المساعد في أبرشية نوارك اللاتينية توماس دوناتو.
وفي الموعظة، أكّد غبطته أنّ “كنيسة الإنتشار مدعوّة للحفاظ على وديعة الإيمان وتراث الآباء والأجداد وعاداتهم وتقاليدهم، وبخاصة اللغة السريانية، مع التعلّق ببلاد المنشأ في الشرق، سواء لبنان أو سوريا أو العراق وسواها”، مثنياً على “التزام أبناء الرعية في نيوجرسي ومحبّتهم وتعلّقهم بكنيستهم”. كما دعا غبطته الجميع أن “يصلّوا بحرارة إلى الله كي يحلّ أمنه وسلامه في بلاد الشرق، لينعم جميع المواطنين فيها بالعيش باستقرار وطمأنينة، بحرّية وكرامة إنسانية”، منوّهاً إلى أنه سيبذل قصارى جهده “لإيصال صوت الحق عمّا يجري في الشرق، وبخاصة في العراق وسوريا، إلى مراكز القرار في أهمّ المحافل الدولية، والسعي مع جميع أصحاب النيّات الحسنة لإيجاد الحلّ الضروري الملائم للمآسي والإضطرابات في هذه البقعة العزيزة التي فيها وُلد وترعرع الرب يسوع، ومنها نشر البشارة بإنجيل المحبّة والسلام إلى أقاصي الأرض”.
هذا وسيتوجّه غبطته إلى ديترويت ـ ميشيغن في محطّته القادمة ضمن جولته الراعوية في أبرشية سيدة النجاة في الولايات المتحدة وكندا.