القدّيس هو…
خاطئ تائب يشعر بالغفران الحقيقي، فيستطيع أن يغفر للآخر ولمن يضطهده، ويحبّ من يتعامل معه. القديس ليس ملاكًا أو روحًا خارجاً عن كوكبنا وطبيعتنا البشريّة، بل هو إنسان يشعر بضعفه وخطاياه، فمن ثمَّ يترك المساحة لعمل الله، فيستخدمه الله لأجل الآخرين، ليصبح علامةَ حضور المسيح لكلّ إنسان.
القدّيس هو…
إنسان يستطيع تذوُّق الحبّ الإلهي، ويدرك أهميته، ومن ثم يبادله مع الآخرين. هو إنسان يركِّز في تفكيره، ويصغي بكلّ كيانه إلى الآخر، ويحبّ بملء قلبه، ويفرح بكلّ قلبه، ويطرح جميع أحزانه، ويعيش ملء حياته، لأنه أدرك أن الحياة تعاش مرة واحدة.
القدّيس هو…
إنسان يستطيع عيش إنسانيته، إنسان يرفع كرامة أخيه الإنسان، إنسان يرى في أحداث اليوم البسيطة والصغيرة أشياء تُنمّي وتعمّق إيمانه، فيكون إيمانه البسيط مفتاحًا لملكوت قريب، فيعيش البساطة مع كلّ إنسان.
القدّيس هو…
إنسان له حس مرهف، ويشعر دائما بأهمية خدمة الآخر مهما كان جنسه أو دينه، أو في كلّ مكان.
القدّيس هو إنسان يتطلع ليجعل قلبه ملتصقًا بقلب الله، أي يريد دائما أن يدخل إلى أعماق الله ليتحد به. إنسان يدرك قيمة امتلاء القلب بالحبّ الإلهي، فيستطيع أن يقدّم قلبه كاملاً إلى الله، وما أصعب تقديم القلب كلّه لله بدون الاحتفاظ ببعض الأشياء الدنُيوية.
القدّيس هو…
إنسان يحاول دائمًا ولا ييأس من الفشل، له هدف في حياته، ويعرف أنه لن يستطيع اكتشاف نفسه إلاَّ من خلال الآخر، فيدرك قيمة وجود الآخر، فيهبه مكانة خاصة في حياته.
القدّيس هو إنسان له صداقة حقيقية مع المسيح، فيَتطَّبع بالسيّد المسيح في الوداعة والحكمة والتواضع بقلبه. إنسان جعل حياته صلاة يوميّة.
إنّ عصرنا محتاجٌ إلى قديسين، لا لكي تُعلَن قداستُهم وتفتخر الكنيسة بهم، بل ليقودونا لعيش ملء إنسانيّتنا، وليعلّمونا أن أبسط الأحداث وأصغر المواقف تُعلِّمنا الإحساس المرهف بكلّ المحيطين بنا.
بيننا اليوم قديسون يعيشون في وسطنا، ويا ليتنا نكتشفهم عند مقابلتهم، نراهم ببساطتهم، نتعلّم منهم ومن تواضعهم، ونساعدهم على أن يعيشوا قداستهم، ونسير معهم لنجعل عالمنا مليئاً بالأشخاص الّذين أدركوا إنسانيّتهم، فيستطيعون التأثير والتغيير في أماكن وجودهم.
يا يسوع، أيّها القدوس، قلتَ لنا: “كونوا قديسين مثل أبيكم السماوي”.
فلا نطلب إليك أيُّها الآب إنزال قديسين، بل أن نعيش إنسانيّتنا مثلما فعل ابنك يسوع المسيح، ساعدنا على أن ننهل البساطة الحكيمة والحبّ الوديع من قلب ابنك الحبيب.
ساعدنا على أن نكون ذوي إحساس مرهف، فنكتشفك في أبسط الأحداث، وفي كلّ إنسان. هب لنا أن نكون قديسين لنُنير العالم فيمجّدك العالم، أيّها الآب القدوس.