كيف تربط الإبادة الأرمنية ببيوس الثاني عشر والمحرقة؟

في الواقع، إنّ كل المؤرخين يوافقون على تجربته في خلال الحرب العالمية الثانية وبالأخص سياسة الحياد وصنع السلام التي كان يتبعها البابا بالأخص البابا بندكتس الخامس عشر وهذا ما أثّر كثيرًا في آداء البابا بيوس الثاني عشر في خلال الحرب العالمية الثانية. وهذا أكيد بما أنّ باتشيللي (البابا بيوس الثاني عشر) كان يشغل منصبًا رئيسًا في عهد البابا بندكتس الخامس عشر، أولاً كأمين عام مجمع الشؤون الاستثنائية ثم كسفير بابوي. لقد اكتشفت أنّ ما يقارب كل المعلومات التي خصّت الإبادة الأرمنية كانت تمرّ به. إنّ الملفّ الذي ذكرته في أول المقابلة كان مثالاً واحدًا ليس أكثر لذا علِم أنّ احتجاجات البابا لم تكن غير مفيدة فحسب بل كان لها ردود فعل عكسية.

عندما علم باتشيللي بالمحرقة اليهودية، فهم أنّ أدولف هيتلر لن يكون أفضل من سابقه. علينا أن نتذكّر أنّه كان يعرف هيتلر لمدة 19 عامًا منذ أن كان سفيرًا بابويًا في ميونيخ (...) لقد علم أنه إن قام باحتجاج مفتوح مثلما حصل في العام 1915، لن ينجح هذه المرة أيضًا في العام 1942 عندما يتعامل مع قائد أكثر شرًا. لقد أدرك أنّ الاحتجاج لن يفيد اليهود بل سيدفع هيتلر بالانقلاب على الكنيسة ويدمّر كل ما يمكن أن يساعد العديد من اليهود.  

هل على البابا فرنسيس أن يتطرّق إلى هذا الموضوع في أثناء زيارته تركيا؟

بالطبع، إنه من المعيب على الحكومة التركية ألا تعترف بالإبادة الأرمنية حتى اليوم مستخدمة الأكاذيب والأعذار نفسها التي كانت تتذرّع بها في العام 1915 عندما كانت تردّ على مبادرات البابا. وقد اختبر البابا فرنسيس بنفسه ذلك عندما أطلق في حزيران 2013 على الأحداث التي جرت في العام 1915 ب "المجزرة الأولى في القرن العشرين". وما لبثت أنقرة أن ردّت في الحال وأعادت سفيرها من الكرسي الرسولي وأطلقت على تصريحات البابا "بغير المقبولة". إنما البابا فرنسيس كان على حق وإنّ أي مؤرخ محايد يدعم وجهة نظره. أنا فخور بأنّ هذا البابا العظيم لم يستسلم إنما تذكّر استشهاد الأمة الأرمنية مرة أخرى في 8 أيار 2014 عندما استقبل البطريرك الأرمني الأرثوذكسي كاريكين الثاني في الفاتيكان. وأنا أكيد بأنه لن يتجاهل هذا الموضوع في أثناء زيارته إلى تركيا بما أنّ الموقف التركي هو غير مقبول.

في العام المقبل، في 24 نيسان، سيحتفل العالم بالذكرى المئوية لبدء هذه الإبادة. ألا تظنّين أنه حان الوقت للاعتراف بما حصل؟ أعني، أنظري أنا ألماني. إنّ أمتي اقترفت أفظع جريمة في التاريخ الإنساني، المحرقة. لا يمكننا أن نعيد 6 مليون يهودي إلى الحياة مع الأسف. إنما يمكننا أن نشعر بالندم، يمكننا أن نبذل كل ما بوسعنا من أجل المصالحة، يمكننا أن نتعلّم من تاريخنا وأن نتجنّب أن يتكرر. أليس هذا المفهوم الكاثوليكي بأنّ الله سيغفر كل زلاّتنا إن ندمنا عليها بحق، نعترف بها ونكفّر عن ذنوبنا؟ لا أحد سيلوم الأتراك اليوم عما قام به أجدادهم. إنما نحن نلومهم على نكران الإبادة اليوم بما أنّ أي نكران للجريمة يجعلك متواطئًا فيها وشريكًا وحاميًا للقتلى!

هل تظنّ بأن على البابا فرنسيس أن يزور أرمينيا أيضًا؟

سيكون ذلك رائعًا وستدلّ على التضامن الأخوي مع الأمة المتألّمة، أمة الشهداء. ستكون علامة ضد الصمت الذي ستر العديد من الفصول التي لا تنتهي حول المعاناة الإنسانية وانتصارًا للحقيقة! أنا أدعو الله أن يزور البابا أرمينيا في العام 2015 من دون أي خوف من النتائج الديبلوماسية. وأنا أثق بأنه سيقوم بذلك بما أنه لا يخاف إلا من الله. والأهم من ذلك كله هو مصالحة هاتين الأمتين. هذا لا يمكن أن يتحقق إلاّ عندما تعترف تركيا بما حصل منذ قرن. إنّ الحق يجعل منا أناسًا أحرارًا قادرين على المسامحة!

***

نقلته إلى العربية (بتصرف) ألين كنعان - وكالة زينيت العالمية.