يجب أن نفكّر الآن بموضوع " طفوليّة الحبّ " كما تراه الأساطير اليونانيّة . ونرى العُقد التي تنتج عنها . أليست هذه الأساطير تستقي موضوعها من فترة طفولتنا ؟ فحبّ مثل هذا ، يميل إلى تأليه نفسه ، وتأليه الآخر . ويتحوّل إلى نوع من اللعب ، واللعب عزيز جدّا على الأطفال  لأنه شكل من أشكال التبعيّة .

ذكرنا سابقا ، أنّ هناك تناقض بين (الحبّ الكتابيّ) ، و (الحبّ الأسطوريّ) . الكاتب اليهويّ يقول : إنّ الحبّ بين الرجل والمرأة يؤدي بالرجل أن " يترك " أباه وأمّه ويلزم امرأته ( تك 2 : 24 ) ، أي أنه يشدّد على الجانب الظاهر والخارجيّ للحبّ . وعلى الجانب الإقتصاديّ أيضا ، فالقطيعة بين الولد وأهله تضطرّه إلى الإعتماد على نفسه . لكنّها أيضا قطيعة " داخليّة " ، " نفسانيّة " ؛ فالإنسان يجب أن يكبر . أمّا من تُصيبهم سهام الإله اللعوب " إروس " الذي على شكل طفل ، يبقون مثله أطفالا ، مزاجيّين ، متعلّقين ، تابعين ، يائسين .

الكتاب المقدّس يربطُ عناصر عدّة :  " من يجد الحبّ الحقيقيّ ، يجدُ ما يعوزه فيترك أهله ، وبالتالي يجد نفسه ، فيتعلّم الحبّ من خلال النقص الذي في أعماقه " . هنا لدينا أربعة عناصر تحتاجُ إلى وقفة قصيرة كي نستوضح معاني الحبّ .

1 - حبّ الطفل لذويه

2 - كيف تتمّ إزاحة حبّ الأهل

3 - القلق والضغوط أو دوافع مثل : خيّبت آمالي ، و " أنت خطأ حياتي "

4 - الإزاحة العاطفيّة

حبّ الطفل لذويه :

يقولُ علم النفس ، أن كلّ حبّ يبدأ بحبّ الأهل ، أي بحبّ تابع . الأهل وحدهم قادرون على ملء الفراغ الذي يشعر به كلّ قادم إلى هذا العالم .

حضور الأهل يمنح الدفء والحماية والعناية والطعام والطمأنينة والإستقبال والتفهّم ، وكلّها ضروريّة . إنها عناصر تبعيّة لا بدّ منها لإكتشاف المحيط الماديّ والنفسيّ . من خلالها سوف يقرأ الطفل ملامح صورته ، ويتّخذ المواقف الخاصّة به . وسوف يحاول لاحقا أن يتأكّد من صحّة ما أخذه من أهله بالمقارنة مع آخرين . فإمّا يقوّيها أو يغيّرها ، فيصل إلى النجاح أو إلى الفشل .  إنها تجارب الحياة .

يمكننا أن نقول مع  الأسقف الدكتور يوسف توما : من الناحية النفسيّة ، أنّ الحبّ الناضج لا فقط يبعد الإنسان عن أهله ، لكنه يقوده نحو حبّ آخر يشبه حبّهم الناضج ، أي أنه استمرار لحبّ الأهل وإمتداد له . ينفصلُ عنهم ليلتحق به . 

بغصة ودمعة روى رئيس أساقفة السريان الأرثوذكس الوضع في العراق

“إن أراد أحد أن يعلم من هم الذين يمولون داعش عليه أن يعلم لمن تبيع داعش النفط…فمن يشتري منها يكون هو ممولها”…هذا ما صرح به رئيس أساقفة السريان الأرثوذكس في الموصل مار نيقوديمس داود شرف خلال مقابلة تلفزيونية له حول الأوضاع التي تمر اليوم على العراق والمسيحيين بشكل خاص.