بعد مرور أكثر من عام ونصف على حادثة اختطاف المطرانين مار غريغوريوس يوحنا إبراهيم(65 عاماً) متروبوليت حلب للسريان الأرثوذكس، وبولس يازجي(55 عاماً) متروبوليت حلب والاسكندرون للروم الأرثوذكس، على مشارف مدينة حلب يوم الإثنين 22 نيسان / ابريل 2013 ، مازالت هناك الكثير من التكهنات والتساؤلات عن مصيرهما، ومكان احتجازهما والجهة التي تحتجزهما. ذلك لما كانت قد عكسته هذه العملية من مستوى عال من الإحتراف والإتقان من قبل الخاطفين، حال دون تسريب أية معلومة قد تقود الى امكانية تحديد الجهة الخاطفة، مما أفسح المجال واسعاً لتأرجح الإتهامات بين استخبارات النظام السوري،والدول المجاورة،والفصائل المسلحة المحلية والجماعات التكفيرية.
تأتي هذه الحادثة كتوصيف حقيقي ومباشر لظاهرة تكرار خطف رجال الدين المسيحيين في سوريا. والتي ازدادت وتيرتها في الأماكن التي يقطنها أبناء شعبنا في الآونة الأخيرة بدءا بحادثة خطف الأب ميشال كيال، و الاب اسحق محفوظ ، مرورا باختطاف الأب باولو دالوليو في الرقة، ومقتل الأب فرانسوا مراد، والاب فرانس فندرلخت، واحتجاز الأب حنا جلوف في ريف ادلب.
وأمام هذه الظاهرة الطارئة على مجتمعنا السوري نرى في المرصد الآشوري لحقوق الإنسان أن استهداف رجال الدين المسيحي والمسيحيين عموما بجرائم اختطاف منظمة وممنهجة، هو استهداف محض للمسيحية في سوريا واتباعها اللذين يشكلون جزءاً لا يتجزأ من نسيج شعوب المنطقة.
كما وإننا نصنف هكذا أعمال في خانة العمل الإرهابي المحض، والذي يهدف في الدرجة الأولى إلى اخافة المسيحيين السوريين وإرعابهم بهدف تهجيرهم وتفريغ المنطقة منهم. وبالتالي ضرب الوجود المسيحي في المنطقة والإساءة لقيم العيش المشترك.
ونرى أنه غدا من الملح لفت الإنتباه إلى مسألة الوجود المسيحي في الشرق الأوسط عموما، وفي سوريا خصوصا، وما يتهدد هذا الوجود التاريخي من أعمال إرهابية لا انسانية. حيث أنه وللأسف باتت الأقليات المسيحية في المنطقة في مرمى نيران العنف الطائفي، وهدفا مباشرا لحملة منظمة لاقتلاعها من أراضي آبائها واجدادها.
لذا فإننا ومن جانبنا نؤكد بأن كل ما قد بذل من جهود ومساع لحل قضية خطف المطرانين إبراهيم ويازجي، هي جهود هشة و غير مجدية للإفراج عنهما، بالرغم مما أشيع ولمرات متكررة من إمكانية الحل سواء بعد الإنتهاء من ملف راهبات معلولا، أو بعد زيارة بطريرك الكنيسة الأرثوذكسية الانطاكية يوحنا العاشر لدول الخليج. وأيضا بالرغم من كافة المساعي القطرية للتدخل لدى الخاطفيين.
وفي ذات السياق فإننا في المرصد الآشوري لحقوق الإنسان نطالب جميع المؤسسات و المنظمات والقوى الفعالة و المتنفذة في الساحة السورية والاقليمية والدولية بتحمل مسؤولياتها كاملة تجاه ملف المطرانيين المخطوفين منذ 22 نيسان / إبريل 2013 . وبذل أقصى الجهود من أجل التحرّي عن الجهة التي تقف وراء عملية الخطف، والعمل على تحريرهم فورا، كونهما يعتبران رمزان من رموز الشعب المسيحي في سوريا.
ونذكر بأن استمرار هذا النهج اللا إنساني بحق رموزنا الدينية سيجعل الباب مفتوحاً على مصراعيه للفتن الطائفية والمذهبية. وسيعمق الانقسام السياسي في سوريا إلى انقسام مذهبي ديني، يجعل من سوريا بيئة طاردة للتواجد المسيحي التاريخي في المنطقة.