كم هو مفرط في المبالغة! هذا هو الشعور الأول الذي قد يراودنا لدى تفكيرنا بردة فعل الرجل الذي يخبرنا عنه إنجيل اليوم. فبعد أن دعا أصدقاءه إلى وليمة، وبعد أن لقي رفضهم الذي عبروا عنه بلطف، نراه يقوم بردة فعل مبالغ بها. ما معنى مثل يسوع هذا؟
إذا ما نظرنا إلى النص الإزائي في إنجيل متى، نرى أن العشاء، ليس مجرد عشاء، بل هو وليمة عرس. وأن نتيجة الرفض هي الموت.
وهنا تتضح الأمور!
الدعوة إلى العرس، هي الدعوة إلى عرس النفس مع الحمل. هي الدعوة إلى الحياة الإلهية، الغاية التي خلقنا الله لأجلها. ولهذا الرفض لا يمكن أن تكون نتيجته إلا الموت. الله هو الحياة، خارج الله ليس هناك إلا الموت. الله هو النور، خارج الله ليس هناك إلا الظلمة.
برفضك هذه الدعوة، تقتل بذرة الحياة الإلهية والأبدية المزروعة فيك. وتجلب على نفسك الموت، لأنك اخترت اللاحياة.
لا تنغلق على دعوة الحب. فالحب هو الحياة الحقة. “قدم خمرًا، قدّم خبزًا. أعط قلبك لذاته، لذلك الغريب الذي أحبك أبدًا… اجلس: إنك في عيد. فحياتك هي الوليمة!”.
ملء الحياة البشرية، لباس العرس الحق، هو أن نلبس يسوع المسيح، أن تكون فينا مشاعر المسيح: ” تَخَلَّقوا بِأَخلاقِ المَسيح”. هكذا يدعونا بولس الرسول للبس يسوع المسيح بشكل ملموس. فهذا هو عمل الله: أن نكن للمسيح، أن نحبه ونحب الكل فيه، لأن مصير كل خليقة هو الخالق.
فلنصل لكي يعتقنا الرب من تصلب القلب وعَنَسه.