"العراق لم يعرف السلام أبدًا….وسيناريو العنف مستمر!"

مقابلة مع الوزيرة السابقة للمغتربين والمهجرين في العراق

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

من بين الأشخاص الذين سجلوا مداخلة يوم الثلاثاء 4 تشرين الثاني خلال تقديم التقرير السنوي حول الحرية الدينية العالمية من تنظيم عون الكنيسة المتألمة كانت السيدة باسكال وردة وهي مؤسسة المنظمة العراقية لحقوق الإنسان وشغلت منصب وزيرة المغتربين والمهاجرين.

في لقاء لها مع زينيت، وصفت الوزيرة السابقة لزيملتنا ماريا غابريلا فيليبي الوضع المأساوي للمسيحيين العراقيين الذين لم تبدأ قصة اضطهادهم مع الدولة الإسلامية بل إنها قصة تعدت مئات السنين.

قبل أن ينتشر الموضوع على شبكة الإنترنت، لم تكن لدينا معلومات كثيرة، فماذا عن أن المسيحيين العراقيين يواجهون إبادة جماعية وما زالت مستمرة منذ عام 1915 الى اليوم أليس كذلك؟

نعم، لم يشهد أبدًا العراق وضع سلام فعلي: أنا شخصيًّا يمكنني أن أقول: منذ أن ولدت عام 1960 تدمرت بلدتي وهربت عائلتي نحو بلدات أخرى مجاورة، ولا يزال جداي يقولان الى اليوم: لقد استهدفنا منذ عام 1915 خلال الحرب العالمية الأولى التي أسفرت عن اضطهادات كبيرة للمسيحيين. لقد وعد النظام بأننا سنكون محترمين وسنعد كأننا جزء من تلك البلاد. ولكن بعدها استهدفنا من جديد، فاستخدم الأكراد وكأنهم أسلحة للنظام العراقي الى أن تهدمت بلداتنا بالكامل. بعد أن تخطى الناس هذه المحنة بدأوا بإعادة الإعمار، وذلك أواخر العام 1933 بعيد انتهاء مجزرة سميل التي قتل فيها 4000 شخص ما بين رجال ونساء وأطفال وكهنة. لا أزال أتذكر ما حصل عام 1969 وكأنه حدث البارحة حين قتل الجميع في بلدة صوريا، وقبل أواخر العام 70 تم قصفهم مرات عديدة من قبل نظام صدام حسين خلال الحرب ضد الأكراد ما بين 1974 و1975. مع أن بعض القطاعات عملت مع الأكراد من أجل إسقاط النظام إلا أن الغالبية المسيحية لم يكن لها أي علاقة بالموضوع.

خلال العام 1988 قتل 6000 مسيحي في الحرب مع إيران: لقد تم استهداف 250 بلدة مسيحية في كردستان فتهدمت فيها المنازل والكنائس. بعد ذلك رجع الناس وبدأوا بإعادة الإعمار: حين عدت رأيت بأن كل شيء قد اختفى. تذكرت آية من العهد القديم تصف ابراهيم بعد مجزرة سدوم حين لم ير سوى دخان أبيض يتصاعد من الأرض وكنت أقول في نفسي:”كيف سنتمكن من إعادة إعمار كل ذلك؟” ولكن بفضل مساعدة بعض الجمعيات، وضعنا الحجارة الأولى لإعادة إعمار الكنيسة، فتشجع الناس من جديد وعادوا ببطء: أولا ثلاث أم أربع عائلات ومن ثم ثمانية عشر عائلة الى حين وصل العدد الى مئة وخمسين عائلة عام 2006.

الى عام 2003 كنا مليون ونصف مسيحي ونحن الآن ما بين 5 آلاف و8 ألف مسيحي لأن الناس ما زالوا يغادرون البلاد: قتل المسيحيون في بغداد والموصل كما في عام 2008. اليوم، في العام 2014، الوضع مزري بالنسبة الى الموصل فلم يعد هناك أي كنيسة مفتوحة، حتى في أيام الساسانية كانت الموصل دائمًا مركز المسيحية في البلاد ولم تضطر أبدًا الى إغلاق كنائسها. كيف لا يمكننا أن ننظر في وضع كهذا لا يزال مستمرًّا منذ فترة طويلة؟

إن القوانين اليوم تجبر الناس على اعتناق الإسلام، فكيف يحدث ذلك؟

إحدى مواد القانون المدني تنص على أن يعتنق كل العراقيين الذين يبلغون سن الثمانية عشرة الدين الإسلامي في حال غياب الأم أو الأب. يجب على البرلمان أن يعدل هذ القانون ونحن نعمل على هذه المسألة ولكنها ليست سهلة.

أنتم لا تدعون الى محاربة الشريعة ولكن الى الدفاع عن القيم الديمقراطية: فهل ينجح ذلك؟

إن القانون الذي نتحدث عنه يتماشى مع الشريعة ولكن ليس مع القيم الديمقراطية: لهذا السبب أريد أن أناقش مع اللجنة التشريعية ومع رئيس الوزراء طريقة تعديل هذا القانون المنحاز بالعودة الى الدستور الذي هو للجميع وليس فقط للمسلمين. يملك المسلمون الحرية المطلقة لسن قوانينهم، ولكن حين نطالب نحن كمسيحيين بقانون فليس لأننا ضد الدين الإسلامي ولكن لأن ذلك يرتبط بمبادئ ديننا.

كيف كان الوضع في العراق قبل وصول الدولة الإسلامية وبعده؟

إن الدولة الإسلامية هي نتيجة لسوء التنظيم ولعدم وجود استراتيجية سياسية في البلاد. يسيء الإرهابيون تفسير بعض الأجزاء من الشريعة الإسلامية: لا يمكن للحكومة أن تقبل بفرض الشريعة الإسلامية والشعب العراقي يفكر بطريقة مختلفة. تقضي استراتيجية الإرهابيين بإخراج كل من يفكر بشكل مختلف من البلاد ليصبح العراق دولة كإيران ولكن المسلمون أنفسهم ليسوا مع تطبيق نظام قائم على الشريعة.

هل يوجد وعي بين المواطنين على أن هناك مشكلة حرية دينية مطروحة؟

عندما ترك المسيحيون الموصل، استولى جيرانهم على ممتلكاتهم وذلك كان من المستحيل أن يحدث قبل ظهور الدولة الإسلامية. إن هدف الدولة الإسلامية والحرب الدينية هو محو الوجود المسيحي في البلاد وهذا ما يفسر لم فقد المسيحيون الحق بأية ملكية. أنا أعتقد أنه بعض وصول الدولة الإسلامية فقد المواطنون الثقة بالحماية الدولية أو بالحماية من قبل مسؤولين في الحكومة من خلال قوانين غير منحازة. نحن نريد نظامًا ديمقراطيًّا في العراق وليس نظامًا إسلاميًّا ومن الصواب أن يأخذ المسؤولون بعين الإعتبار الأقليات: نحن شعوب مختلفة تعيش في البلد نفسه. يمكننا أن نخلق إمكانية للعيش معًا، إن المسيحيين مستعدون للعيش جنبًا الى جنب مع إخوتهم المسلمين حتى ولو أن المسلمين لا يظهرون سلمية دائمة تجاههم ولكننا نفعل ما بوسعنا لتحقيق ذلك.

بم اهتمت منظمة الدفاع عن حقوق الإنسان حمورابي؟

إن المنظمة مسؤولة عن مساعدة وت
عزيز حقوق الإنسان في العراق. كنا المنظمة الأولى التي استقبلت المسيحيين الذين هربوا من الموصل، نحن حاضرون هنا حيث تتواجد أقسى التوترات مع الأقليات في البلاد، ونحن نحاول أن نقدم شخصيًّا طلب تعزيز حقوق الإنسان وتوفير مواد الإسعافات الأولية.

هل من بين الحلول السلمية يمكن أن تدرج إمكانية خلق مساحة كي تعيش فيها الأقليات؟

إن استثمرتم لخلق مساحة محمية من أجل الأقليات في البلاد، يمكن لذلك أن يكون حلًّا للسلام، فتقدم لهم حماية من خلال مشاركة أبناء الأقليات في العراق ووجود القوات الدولية ونظام الأمن الداخلي.

ما هو وضع النساء اليوم هناك؟

الوضع متدهور، فحتى الحقوق السياسية للمرأة لا تحترم في غالبية الأحيان، في حين أن السياسة العراقية بحاجة الى النساء، إلا أن الشريعة الإسلامية لا تعتبر أن المرأة تملك إمكانيات لتطوير البلاد. ومع ذلك تمكنا من الحصول على ما يزيد عن ال25 في المئة من البرلمان الذي يضم عددًا لا بأس به من النساء.

***

نقلته من الإيطالية الى العربية نانسي لحود- وكالة زينيت العالمية

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير