"العائلة المسيحية في لبنان: رسالتها، واقعها وخدمة الكنيسة"

مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك يفتتح دورته الثامنة والأربعين

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

افتتح مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان قبل ظهر اليوم الإثنين 10 تشرين الثاني 2014، دورته الثامنة والأربعين بعنوان:” العائلة المسيحية في لبنان : رسالتها واقعها وخدمة الكنيسة”، في قاعة المؤتمرات في الصرح البطريركي في بكركي، برئاسة البطريرك الكردينال مار بشارة بطرس الراعي رئيس مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان ومشاركة اصحاب الغبطة غريغوريوس الثالث بطريرك انطاكيا وسائر المشرق والإسكندرية واورشليم للروم الملكيين الكاثوليك، مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان البطريرك الإنطاكي للسريان الكاثوليك، كاثوليكوس بطريرك كيليكيا للأرمن الكاثوليك نرسيس بدروس التاسع عشر والسادة مطارنة الكنائس المارونية والروم الملكيين الكاثوليك والسريانية والكلدانية والأرمنية واللاتينية، السفير البابوي في لبنان غابرييل كاتشا، الرؤساء العامين والرئيسات العامات، ووفد من البرلمانيين الكاثوليك من اوروبا واميركا اللاتينية، برئاسة رئيس اساقفة فيينا الكردينال كريستوف شونبورن. وتستمر اعمال هذه الدورة لغاية  يوم السبت المقبل في 15 تشرين الثاني 2014.

استهلت الجلسة الاولى برفع صلاة بدء الدورة تلتها كلمة الإفتتاح لصاحب الغبطة الكردينال مار بشارة بطرس الراعي، جاء فيها:” أصحاب الغبطة البطاركة الكلِّيي الطوبى،

سيادة السفير البابوي، والسَّادة المطارنة الساميي الاحترام،

قدس الرؤساء العامين والإقليميّين والرئيسات العامات الجزيل احترامهم،

أيّها الإخوة والأخوات الأحبّاء.

    1. نبدأ بنعمة الله تحت أنوار الروح القدس، وبشفاعة أمنا مريم العذراء، سلطانة الرسل، والعائلة المقدّسة، أعمال الدورة الثامنة والأربعين لمجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموضوع: “العائلة المسيحية في لبنان: واقعها، رسالتها، وخدمة الكنيسة”. فإنّا نرحّب بكم جميعاً، ونتمنى لدورتنا النجاح الكامل من لدن الله، لمجده تعالى وخير العائلة المسيحية عندنا، وبالتالي لخير المجتمع والوطن. فهي خليّتهماالحيّة التي تنعشهما، ومدرستهما الطبيعية التي تربّي الأجيال على القيم الإنسانية والأخلاقية والوطنية؛ ولخير كنيسة المسيح، فالعائلة كنيسة مصغّرة في كل بيت، وهي تنقل الإيمان وتعلّم الصلاة. لكنّها تتعرّض لمصاعب ومحن اقتصادية ومعيشية وسياسية وأمنية تنذر بتفكيك أوصالها. هذه كلّها سنتداولها في ضوء مداخلات المحاضرين المشكورين مذ الآن على مساهماتهم، ومناقشاتنا الحرّة.

2. نرحبّ معكم  بعضو جديد ينضم إلينا هو الأب داني يونس اليسوعي، والرئيس الإقليمي لرهبانية الآباء اليسوعيين، ويخلف من مكتب الرؤساء الأعلين الأب إيلي صادر المحترم الذي نشكره على عطاءاته الحميدة في مجلسنا.

ونعرب عن شكرنا الكبير لسيادة أخينا المطران جورج بقعوني، رئيس أساقفة صور للروم الملكيين الكاثوليك سابقاً، وحالياً متروبوليت عكا وحيفا والناصرة وسائر الجليل. ونرافقه بصلاتنا في خدمته الراعوية الجديدة في الأراضي المقدسة.

وبالأسى الشديد والألم ودّعنا منذ أسبوع المثلّث الرحمة المطران منصور حبيقه، راعي أبرشية زحله المارونية. وكان عضواً فاعلاً في مجلسنا. وإنّا، إذ نعزّيكم بل نعزّي بعضنا بعضاً، وأبرشية زحله، إكليروساً ومؤمنين، وأهله وعائلة آل حبيقه الأحباء، نقف ونصلّي الأبانا والسلام، سائلين له من رحمة الله الراحة الأبدية وسعادة السماء، وراجين من المسيح الربّ، راعي الرعاة، أن يعوّض علينا برعاة صالحين لكنيسته المقدّسة.

3. ويطيب لنا أن نستقبل، في الجلسة الثالثة من هذا الصباح، الكردينال كريستوف Schönbornرئيس أساقفة Vienna  مع مجموعة من “المشرّعين الكاثوليك الدوليين من مختلف القارات، الذين يأتون إلى لبنان بدعوة منّا للاطّلاع على أوضاع المسيحيين في بلدان الشّرق الأوسط، وحول ما يجب فعله لدى برلمانات وحكومات بلدانهم من أجل السلام في منطقتنا، وبخاصة في سوريا والعراق، ومن أجل عودة النازحين واللاجئين والمطرودين عنوة من بيوتهم بكرامة وبكامل حقوق المواطنة.

وسنستقبل في اليومَين الأخيرَين من دورتنا سيادة المطران Vincenzo Paglia رئيس المجلس الحبري للعائلة، في أعقاب الجمعية غير العادية لسينودس الأساقفة الروماني التي انعقدت في تشرين الأوّل الماضي (5-19 ت 1 2014) برئاسة قداسة البابا فرنسيس، وكان موضوعها كما تعلمون “التحديات الراعوية للعائلة في سياق الكرازة بالإنجيل “. وقد شاركنا فيه مع أصحاب الغبطة البطاركة.

4. تتضمن أعمال الدورة أربع مساحات:

الأولى، موضوع الدورة: “العائلة المسيحية في لبنان، واقعها ورسالتها وخدمة الكنيسة”. سيعالج المحاضرون واقعها من ناحية القوانين المدنية المختصّة بالعائلة، وأسباب تفكّكها في ضوء الدعاوى الزواجية، والتحدّيات التي تواجهها. ثم يرسمون مجالات راعوية العائلة التي تضمن غايتها، وتشدّد أواصرها، وتمكّنها من القيام بدورها ورسالتها في المجتمع والكنيسة والدولة.

الثانية، مسائل راعوية تتّصل بخدمة الأسرار، ولا سيّما منها المعمودية والمناولة والزواج.

الثالثة، تقارير
اللّجان والهيئات

سيطّلع الآباء على التقارير التي قدّمتها لجان المجلس والهيئات التابعة له، وهي مودعة في حقيبة الدورة، وسيتّخذون المقرّرات والتوصيات اللازمة لعملها والنشاطات الملائمة لبلوغ أهدافها.

الرابعة، شؤون إدارية

سيجري الآباء اقتراعات لانتخاب مسؤولين في المواقع الشاغرة في لجان المجلس والهيئات التابعة له.

5. لكن العائلة ليست من مسؤولية الكنيسة وحدها بل هي أيضاً وخاصة من مسؤولية الدولة في كلّ ما يختص بحياتها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والوطنية. فالدولة مسؤولة عن توفير حاجاتها على هذه الأصعدة، تشريعياً وإجرائياً، إنمائيّاً وثقافياً، فانتمائياً وطنيّاً فاعلاً. ولا تستطيع إهمال هذا الواجب من دون رقيب وحسيب.

لقد وُجدت الجماعة السياسية والسلطة العامة من أجل تأمين الخير العام، بالعمل الجدّي والمسؤول من قِبلها لتأمين حاجات العائلة الأربع المذكورة، فتتوفّر معها حاجات جميع المواطنين. تفقد الجماعة السياسية والسلطة العامة مبرّر وجودها وغايته، إذا لم تكن ملتزمة بما أوكل إليها الشعب، وفقاً لما يرسم لها الدستور في مقدّمته: “إنّ الشعب هو مصدر السلطات ويمارسها بواسطة مؤسّسات الدولة”.

6. لا يمكن القبول بهذا النوع من ممارسة العمل السياسي والسلطة العامة، كما يجري حالياً في لبنان. هل من عقل سليم يستطيع أن يتصوّر أن السلطة السياسية تعمل جاهدة على تعطيل النمو الاقتصادي، والتقدم الاجتماعي، والترقي الحضاري، والولاء للوطن؟ هذا يجري ويا للأسف، عندنا في لبنان! الدول الراقية تحافظ على مواطنيها لأنّها قواها الحيّة، فتوفّر لها المستوى الاقتصادي والمعيشي الأفضل، مع فرص عمل تؤمّن للمواطنين إمكانية اختيار حقل العمل والوظيفة الذي يناسب قدراته واختصاصه ومواهبه وطموحاته وتحفز إبداعه على أرض الوطن.

هذا ما لا تفعله الدولة اللبنانية، بسبب عجز طبقتها السياسية الحاكمة. وهذا ما تفعله عنها مشكورة الدول الأخرى من عالم الانتشار التي تحتضن أبناء لبنان وبناته وعائلاته، التي أصبحت منتشرة في جميع بلدان القارات الخمس.

7. لقد زرنا معظمها، وكان آخرها أوستراليا وكم عبّرت جالياتنا عن أسفها لانحطاط العمل السياسي في لبنان ولسوء ممارسة السلطة العامة، ولانتفاء الاخلاقية والضمير الوطني فيهما! إنّ اللبنانيين المنتشرين متألّمون للغاية، ونحن مثلهم، ومجروحون في كرامتهم الوطنية. ويقبّحونأصحاب السلطة السياسية، وبخاصة النواب الذين يخونون مسؤوليتهم الوطنية بافتعال الفراغ في سدّة الرئاسة الأولى في لبنان، لخدمة أهداف ومآرب شخصية وفئوية ومذهبية، داخلية وخارجية، والإمعان في مخالفة الدستور بعدم انتخاب رئيس للبلاد، وبنشر شريعة الغاب واستباحة الفلتان في المؤسسات والفساد في الإدارات العامّة والمال العام، والاستيلاء الفئوي والمذهبي على المرافق العامة وقدرات الدولة.

اللبنانيون المنتشرون، ونحن معهم، يندّدون بالنواب اللبنانيين الذين يفتعلون خطر الفراغ على مستوى السلطة التشريعية، فيخالفون الدستور وإرادة الشعب، ويستعملون الوكالة المعطاة لهم من الشعب الذي انتخبهم لمدّة معيّنة، كأنّها حق خاص، ويمدّدون ولايتهم لأنفسهم. وبذلك يخالفون مجدَّداً وبدم بارد دستور البلاد.

8. كلّ هذه التجاوزات إنّما تقع ضحيتها العائلة اللبنانية، أيّاً كان دينها أو انتماؤها أو لونها أو مذهبها. إن الكنيسة من جهتها ستضاعف جهودها في خدمة حاجات العائلات، بكلّ ما لديها من سبل ومؤسسات وإمكانيات. فنوجّه النداء إلى المجتمع المدني لكي يأخذ بيده زمام أموره، ويعمل بكلّ قواه للمحافظة على وحدته وتضامنه من أجل حماية العائلة وتوفير خيرها بكلّ أبعاده. وفيما نثمّن ما يقوم به القطاع الخاص من نشاطات توفّر لآلاف اللبنانيين مجالات العمل والتوظيف، نطلب منه أن يضاعف جهوده هو أيضاً في هذا السبيل، لكي نحدّ من آفة الجوع والهجرة التي تتعرّض لها العائلة اللبنانية. وإنّا نمدّ يدنا إلى ذوي الإرادات الحسنة، في لبنان وبلدان الانتشار، لكي يقوموا هم أيضاً بمشاريع إنمائية من شأنها أن تحافظ على دورة الحياة الاقتصادية والإنمائية والاجتماعية والثقافية في لبنان. أمّا الشعب اللبناني فنناشده الاستمرار في صموده ومطالبة المسؤولين السياسيين بحقوقه، والسهر على حماية الدولة من كلّ ما يهدّد كيانها، أرضاً وشعباً ومؤسسات.

9. أيّها الآباء الأجلّاء والأخوات المحترمات،

العائلة في لبنان مهدّدة في وحدتها وكرامتها، وفي عيشها الكريم ومصيرها. والعائلة الوطنية اللبنانية مهدّدة في كيانها ومستقبلها. أعين الجميع موجّهة إلى الكنيسة ورعاتها. فإنّا بهذه المسؤولية الخطيرة نقوم بأعمال دورتنا السنوية هذه، راجين من الله أن ينير سبيلنا لمجده، ولخير كل عائلة صغيرة، وخير العائلة اللبنانية جمعاء.

مع الشكر لإصغائكم!

بعدها ألقى السفير البابوي غابرييل كاتشا كلمة شدد فيها على اهمية دور العائلة في بناء المجتمعات وعلى الدعم الكبير الذي يقدمه قداسة البابا فرنسيس في سبيل ازدهار الكنيسة ونموها. واكد على دعوة قداسته الدائمة العمل من اجل احلال السلام. وذكر كاتشا الإرشاد الرسولي” فرح الإنجيل” لقداسة
البابا فرنسيس الذي هو بمثابة خارطة طريق لرسالة الكنيسة في السنوات المقبلة، لما يتضمنه من روح رسولية ومن دعوة لإنطلاقة جديدة لعملها التبشيري. واعرب عن سعادته لإختيار موضوع العائلة عنوانا لدورة المجلس الحالية، مضيفا ان “لبنان كان دوما وما يزال في تفكير البابوات وقلوبهم وقد اولوه اهتماما خاصا من خلال ارشادات رسولية متعددة. كما يولون اليوم اهتماما لقضايا المسيحيين في الشرق لا سيما في العراق وسوريا حيث المعاناة الشديدة. وأشارالى دعم الكرسي الرسولي لصوت الكنيسة والمجتمع في لبنان، اللذين يناديان بالعمل وفقا للمؤسسات الديمقراطية والدستور.”

وفي الجلسة الثانية، حرر المجتمعون برقية شكر الى قداسة البابا فرنسيس اعربوا فيها عن تقديرهم للإهتمام الابوي الذي يوليه للوضع الدقيق الذي تمر به بلدانهم ومنطقتهم، ملتمسين بركته الرسولية لهذه الدورة ولكنائسهم وبلدانهم.  

هذا وعقدت الجلسة الثالثة بمشاركة الكردينال كريستوف شونبورن رئيس اساقفة فيينا ووفد البرلمانيين المشرعين الدوليين الكاثوليك المرافق له الذين اتوا الى لبنان للإطلاع على اوضاع المسيحيين في الشرق الوسط. وقد اشار شونبورن الى المؤتمر الذي عقدته جمعية المشرعين الكاثوليك في روما، متناولا موضوع الإلتزام السياسي بالنسبة للسياسيين الملتزمين مسيحيا. وأعرب عن اسفه لما تتعرض له منطقة الشرق الأوسط من اخطار ومشكلات تهدد الوجود المسيحي. وكانت مناقشة وحوار حول المبادرات والخطوات التي يمكن التخطيط لها في هذا الإطار.

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

Bechara Boutros El-Rai

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير