بعد الصلاة الافتتاحية ألقى رئيس المجلس، البطريرك الكردينال مار بشاره بطرس الراعي، كلمة نوّه فيها بدور العائلة في الكنيسة والمجتمع ذاكرًا التحديات التي تتعرض لها. وأكّد أن الكنيسة ستضاعف جهودها في خدمة العائلات بكل ما لديها من إمكانيات، وشدّد على مسؤولية الدولة في كلّ ما يختصّ بحياة العائلة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والوطنية. وندّد بأصحاب السلطة السياسية وبخاصة المجلس النيابي الذي أحجم الى اليوم عن واجب انتخاب رئيس للجمهورية، فيما سارع الى التمديد لنفسه، وكل ذلك خلافًا للدستور. وقال “إنّ كلّ هذه التجاوزات إنما تقع ضحيتها العائلة اللبنانية، أيًّا كان دينها أو انتماؤها أو مذهبها”. وثّمن “ما يقوم به القطاع الخاص من نشاطات توفّر لآلاف اللبنانيين مجالات العمل والتوظيف”. بعد كلمة غبطته تلا المجتمعون صلاةً لراحة نفس المثلث الرحمة المطران منصور حبيقه.
ثمّ القى السفير البابوي في لبنان المطران غبريال كاتشا كلمة تحدّث فيها عمّا جاء في رسالة قداسة البابا فرنسيس “فرح الإنجيل” من ضرورة إحياء الروح الرسولية في الكنيسة بدينامية تدعو الى الخروج من الذات لمتابعة إعلان بشرى الإنجيل بطرق جديدة تستجيب لحاجات البشرية المعاصرة، وذلك انطلاقًا من فهم الإطار الذي تعيش فيه العائلة اليوم. وشدّد على دور الرعاة في مرافقة المؤمنين ومساعدتهم للتغلب على الصعوبات التي تعترض مسيرتهم. وقال “إنّنا مدعوون على الدوام الى إعادة اكتشاف فرح دعوتنا كرسل للربّ الذي إنما جاء “لتكون لنا الحياة وتكون لنا وافرة”.
وقبل البدء بأعمال الدورة وجّه الآباء رسالةً الى قداسة البابا فرنسيس أعلموه فيها بموضوع الدورة والتمسوا بركته. وتلقّوا جوابًا من قبل قداسته أكّد فيه صلاته من أجل السلام في المنطقة والخير لسكّان لبنان.
واستقبل المجلس نيافة الكردينال كريسوف شونبورن رئيس أساقفة فيينا مع مجموعة من “المشرّعين الكاثوليك الدوليين” من مختلف القارات. ودار حوار معهم حول ما يمكنهم أن يفعلوه لدى برلمانات وحكومات دولهم من أجل توطيد السلام في منطقتنا، وبخاصة في سوريا والعراق، ومن أجل عودة النازحين الى أوطانهم.
أولاً، دراسات حول واقع العائلة
2. قدّم محاضرون من أساقفة وكهنة وعلمانيين وعلمانيات دراسات حول واقع العائلة في لبنان من مختلف النواحي الروحية والراعوية والقانونية والمدنية. شملت هذه الدراسات: التحضير لسرّ الزواج، راعوية العائلة في الأبرشيات، مرافقة العائلات والوساطات العائلية، الجماعات العيلية، التحديات التي تواجه العائلة، أسباب تفكّك العائلة في ضوء الدعاوى الزواجية، التعليم المسيحي بشأن العائلة في المدارس الكاثوليكية، الزواج المختلط، والقوانين المدنية بشأن العائلة. وفي هذا المجال يكرّر أعضاء المجلس الطلب الذي تقدّموا به مرات عدّة والنائم في أدراج المجلس النيابي، في ما يتعلق بتبديل طائفة الزوجين، والقاضي بإلغاء الفقرة الثانية من المادة 23 من القرار 60 ل.ر. الذي يعود الى زمن الانتداب الفرنسي سنة 1936، والذي ينصّ على أنه إذا بدّل الزوجان طائفتهما يخضع زواجهما لنظام الطائفة الجديدة التي انتميا اليها. ويطالبون بالتقيّد بالمادة 14 من قانون 2 نيسان 1951 التي نصّت بشكل مطلق على استمرار صلاحية محكمة الطائفة التي تمّ فيها عقد الزواج، سواء احتفظ الزوجان بطائفتهما أم انتقلا الى طائفة أخرى. كما تطرّق المجلس الى بعض المسائل الراعوية المتصلة بخدمة الأسرار المقدسة، ولا سيّما العماد والافخارستيا والزواج.
ويشيد المجلس بالعائلات المسيحية التي تحافظ على قدسية الزواج وقيمه ويحثّ العائلات الناشئة على الاهتمام بإعداد زواجها والتمسّك بالقيم المسيحية وعدم الإنجرار الى ما تحمله وسائل الإعلام من تعاليم منافية للقيم الإنجيلية وتقاليدنا اللبنانية العريقة. ويوصي الأبرشيات بمتابعة دراسة موضوع العائلة كمشاركة منها في إعداد سينودس الأساقفة الخاص بالعائلة الذي سيعقد في الفاتيكان سنة 2015.
ثمّ استقبل المجلس سيادة المطران فينتشنسيو باليا، رئيس المجلس الحبري من أجل العائلة، الذي ألقى كلمة تحدّث فيها عن وضع العائلة في المجتمع المعاصر، ولا سيّما في الغرب، وعمّا تحمله الكنيسة في تراثها وتعليمها من غنىً في موضوع الزواج والعائلة، وعمّا يمكنها أن تساعد من خلاله عالم اليوم الذي ينحرف نحو الفردانية والحرية التي ليس لها أي مبدأ ثابتٍ تستند اليه.
ثانيًا، تقارير لجان وهيئات المجلس
3. اطّلع المجلس على تقارير اللجان الأسقفية والهيئات التابعة للمجلس، وناقشوا أعمالها وأعطوا بشأنها التوجيهات المناسبة لاستمرار نشاطها في خدمة المؤمنين والمجتمع. وتشمل هذه اللجان والهيئات: التعليم المسيحي، رسالة العلمانيين، العائلة والحياة، راعوية الخدمات الصحية، المدارس الكاثوليكية، وسائل الإعلام، رابطة كاريتاس لبنان، رابطة الأخويات، المرشدية العامة للسجون، العمل الرعوي الجامعي، الأعمال الرسولية البابوية، تلفزيون تيلي لوميار، إذاعة صوت المحبة.
ثالثًا، الأوضاع المعيشية والأمنية
4. لم تغب عن بال المجتمعين الأوضاع المعيشية الصعبة التي يعانيها المواطنون والمواطنات ولاسيّما العائلات، ويناشدون أصحاب القرار في الدولة اللبنانية إيلاء الاهتمام الكافي بهموم الناس ليؤمنوا لجميع المواطنين الحدّ الأدنى من الخدمات العامة من ماء وكهرباء واستشفاء وتعليم وطرقات، ساهرين على الإنماء
المتوازن لجميع المناطق اللبنانية.
5. كما تطرّقوا الى الحرب الدائرة في سوريا والعراق وما تتركه من آثار على الأوضاع العامة في لبنان. وهم إذ يكرّرون مناشدتهم المراجع الدولية كي تبذل جهودًا أكبر لإحلال الوفاق والسلام في هذين البلدين المدمّرين بشرًا وحجرًا، ولوضع حدٍّ للتنظيمات الإرهابية، ولعودة المطرودين عنوةً والنازحين الى بيوتهم وممتلكاتهم، يطلبون من جميع الأفرقاء أن يتعالوا على خلافاتهم ويلتفّوا حول الجيش اللبناني وسائر القوى العسكرية والأمنية التي هي وحدها قادرة أن تلبّي رغبات وطموحات جميع المواطنين والمواطنات تحت راية العلم اللبناني.
ويطلبون من أبنائهم أن لا يتركوا شعلة الأمل تنطفئ في قلوبهم، وأن يبقوا في وطنهم حيث زرعهم الله لأجل الحفاط على الحضور والدور المسيحي في مجتمعهم.
6. أما بالنسبة الى الفراغ الذي لا يزال مع الأسف قائمًا منذ ستة أشهر في سدّة الرئاسة الأولى، فيطلب المجتمعون، انطلاقًا من مسؤوليتهم الروحية، من المرشحين الى رئاسة الجمهورية أن يقتدوا بربّنا ومخلّصنا يسوع المسيح الذي “أخلى ذاته” وقبل الصلب من أجل خلاص البشر، ويتخلّوا عن مصلحتهم الشخصية من أجل خلاص الوطن. كما يطلبون من جميع نواب الأمّة أن يتحرّروا من الضغوطات الخارجية ويضطلعوا بمسؤوليتهم الوطنية لانتخاب رئيس للجمهورية، وإقرار قانون انتخابات يحقّق التمثيل الصحيح ويضمن حقوق جميع الطوائف والمذاهب في المساواة، احترامًا للعيش المشترك الذي هو أساس وجود الوطن اللبناني.
رابعًا، الانتخابات الإدارية
7. أجرى الآباء الانتخابات للمناصب الشاغرة في لجان المجلس الأسقفية وهيئاته، وكانت النتائج كالتالي:
– المطران كميل زيدان، عضوًا في لجنة الترشيحات
– المطران ايلي حداد، رئيسًا للجنة الأسقفية للتعليم العالي والجامعي
– المطران شكرالله نبيل الحاج، رئيسًا للجنة الأسقفية عدالة وسلام
– المطران حنا علوان، رئيسًا للجنة الأسقفية للشؤون القانونية والمحاكم الروحية
– المطران إدوار ضاهر، نائبًا لرئيس اللجنة الأسقفية لرسالة العلمانيين ومشرفًا على العمل الرعوي الجامعي
– الأباتي طنّوس نعمة، نائبًا لرئيس اللجنة الأسقفية اللاهوتية والكتابية
– المونسنيور غبريال موراديان، نائبًا لرئيس اللجنة الأسقفية للتعليم المسيحي
– الأم سيلفستر العلم، نائبًا لرئيس اللجنة الأسقفية لراعوية الخدمات الصحية
– الخورأسقف وهيب الخواجه، أمينًا عامًا لمجلس البطاركة والاساقفة الكاثوليك في لبنان
– الأب بطرس عازار الأنطوني، أمينًا عامًا للمدارس الكاثوليكية في لبنان
– الخوري جوزف العنداري، مرشدًا عامًا للسجون في لبنان
خاتمة
8. وفي الختام، يحيّي المجلس العائلات التي تعيش القيم الإنجيلية، ويطلب من جميع العائلات أن تدرك مسؤوليتها في أن تكون خميرة صالحة في المجتمع ونورًا للعالم. ويهنّئ جميع اللبنانيين بعيد الاستقلال القادم، راجيًا أن تتحقّق بأسرع وقت ممكن أمنيات جميع المواطنين بانتخاب رئيس للجمهورية يُعيد للبنان كرامته وللمؤسسات الدستورية انتظامها وحيويتها، ويعمل على توطيد أواصر الوحدة الوطنية ووحدة الكلمة بين جميع أبناء وبنات الوطن اللبناني.