هذا ثم لفت البابا إلى أن مصائر الأمم مرتبطة ببعضها، لأننا كلنا أعضاء في عائلة بشرية واحدة ونعتمد على بعضنا البعض. بيد أننا نعيش في زمن تطغى فيه الشبهات على العلاقات بين الأمم، وعبر البابا عن أمله بأن ترتكز التزامات الدول في توفير التغذية للجميع إلى القناعة بأن الحق في الغذاء يتحقق إذا ما أعطينا أهمية للشخص البشري الذي يعاني من تأثيرات الجوع وسوء التغذية. ولفت إلى أن جهود مكافحة الجوع وسوء التغذية غالبا ما تعيقها الأولوية المعطاة إلى السوق، بالإضافة إلى طغيان مبدأ الربح المادي، ما حوّل الطعام إلى سلعة شأن باقي السلع تخضع للمضاربات والأنظمة المالية.
بعدها أكد البابا فرنسيس أن هذه المفاهيم لا يسعها أن تقتصر على النواحي النظرية وحسب إذ إن الأشخاص والشعوب يطالبون بتطبيق العدالة خصوصا تلك المتعلقة بالتوزيع المنصف للثروات. ومن هذا المنطلق لا بد أن تأخذ برامج وخطط التنمية والعمل التي تضعها المنظمات الدولية في عين الاعتبار رغبة الناس في أن تُحترم الحقوق الأساسية للشخص البشري، ونتحدث في هذه الحالة عن الإنسان الجائع!
كما سلط البابا الضوء على ضرورة أن تستند الأنظمة والإجراءات التقنية إلى الاهتمام بعمليات الإنتاج وبتوفير الغذاء والحصول عليه وبالتجارة الزراعية لكن لا بد أن يتصدر كل الاهتمامات الشخص البشري، لاسيما من يفتقرون إلى الطعام ويناضلون يوميا من أجل البقاء على قيد الحياة. بعدها أشار البابا إلى تحد ثان يتعين علينا مواجهته اليوم ألا وهو انعدام التضامن في العالم! وقال إن مجتمعاتنا مطبوعة بتنامي الفردية والانقسامات، وهذا الأمر يفضي إلى حرمان الأشخاص الضعفاء من الحياة الكريمة ويسبب ثورات ضد المؤسسات. وعندما ينعدم التضامن في بلد ما ينعكس هذا الأمر على الجميع.
إن التضامن ـ قال البابا فرنسيس ـ هو الموقف الذي يجعل الأشخاص قادرين على ملاقاة الآخر وبناء العلاقات المتبادلة على أساس مشاعر الأخوّة التي تتخطى الاختلافات والحدود وتدفع الجميع إلى البحث معا على الخير المشترك. والدول مدعوة بدورها إلى التصرف بتوافق مع بعضها البعض والتعاون من خلال الوسائل التي يضعها القانون الدولي بتصرفها. كما أن الدول والمؤسسات الدولية مدعوة أيضا إلى تعزيز قيم المحبة والعدالة والسلام بروح من الحوار والإصغاء المتبادل.
وأكد بعدها البابا فرنسيس أن الكنيسة الكاثوليكية تسعى إلى تقديم إسهامها في هذا المجال، من خلال اهتمامها المستمر بحياة الفقراء في مختلف نواحي المعمورة، كما أن الكرسي الرسولي يساهم ـ من خلال حضوره في مختلف المنظمات الدولية ـ في تحديد وتبني المعاير اللازمة التي تضمن نظاما دوليا منصفا. إنها معايير تقوم على ركائز الحقيقة والحرية والعدالة والتضامن.
<p>في ختام خطابه إلى المشاركين في المؤتمر الدولي الثاني حول التغذية، المنعقد في مقر الفاو بروما، شدد البابا على ضرورة أن نعمل جميعا من أجل حماية كوكب الأرض ثم سأل الله الكلي القدرة والكثير المراحم أن يبارك جميع الأشخاص الذين يضعون أنفسهم في خدمة الجائعين ويخدمونهم من خلال مبادرات ملموسة. وقال: أصلي على نية الجماعة الدولية كيما تصغي إلى نداء هذا المؤتمر وتعتبره تعبيرا عن الضمير المشترك للبشرية: أي توفير الطعام للجياع من أجل إنقاذ حياة الكوكب. شكرا!