عقدت ظهر اليوم ندوة صحفية في المركز الكاثوليكي للإعلام، بدعوة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام بعنوان “الحياة المكرّسة في لبنان” التي أعلنها قداسةُ البابا فرنسيس، والتي تُفتَتَحُ رسميًّا في 30 تشرين الثاني 2014 وتُختَتَم في 2 شباط 2016.
شارك فيها: الرئيسة العامة لجمعية الراهبات الأنطواتيات، ورئيسة مكتب الرئيسات العامات الأم جوديت هارون، الرئيس العام للرهبانية المخلصية، ممثل مكتب الرؤساء العامين في لبنان، ونائب رئيس اللجنة الأرشمندريت أنطوان ديب، رئيس عام الرهبانية الأنطونية الأباتي داوود رعيدي، والخوري عبده أبو كسم، مدير المركز الكاثوليكي للإعلام والأمين العام لمجلس الرؤساء العامين الأب عمر الهاشم الذي قدّم لها. وحضور: الرئيسة العامة لجمعية راهبات العائلة المقدسة المارونيات الأم غبريال بو موسى، الرئيسة العامة للرهبانية الباسيلية المخلّصية الأم منى وازن، الرئيسة العامة لراهبات القديسة تريزيا الام تمينة الهندي، رئيس عام الرهبانية المارونية المريمية الأباتي بطرس طربيه، الأب كلود ندره ممثل الأباتي طنوس نعمة، رئيس عام جمعية الآباء المرسلين اللبنانيين الاب مالك بو طانيوس، ممثل الأباتي طنوس نعمة امين السرّ العام في الرهبانية المارونية الأب كلود ندره، وعدد من الراهبات والرهبان والإعلاميين والمهتمين.
وجاء في تقديم الأب عمر الهاشم:
“إن الحياة المكرسة هي قمة الحياة الروحية، في أمانتها وسعيها الجادّ نحو الكمال الأنجيلي. قوامها نذور ثلاثك الطاعة والعفة والفقر. ومن يعتنقها يقف ذاته على الله بنوع خاص ويتكرّس قربانة على المذبح مع الذبيحة الإفخارستية، وعلى مثالها للعبادة والخدمة، تابعاً المسيح الذي عاش عفيفاً فقيراً وافتدى البشر وقدّسهم بالطاعة حتى الموت، موت الصليب.”
تابع: “المكرّسون هم أبناء هذا المجتمع، من العائلة اختارهم الله دون استحقاق، ودعاهم لعيش هذه المسيرة التي توصلهم إلى القداسة، وبذلك يتقدّسون ويقدّسون كل الجماعة المؤمنة التي مناها اختيروا”.
ثم كانت كلمة الأم جوديت هارون فقالت:
«أيقظوا العالم…»، هي الصرخةُ التي أطلقَها قداسةُ البابا فرنسيس إلى جميعِ المكرّسينَ والمكرّسات في كنيسةِ المسيحِ من أجلِ ملكوتِ الله وسطَ عالمِنا الحاضر. أطلق قداسَتُه هذهِ الصرخةَ، يومَ التقى الجمعيّةَ العموميّةَ للرؤساءَ العامّين للرهبانيّات، في 29 تشرين الثاني 2013، في الفاتيكان، حيث دامَ الحـوارُ مع 120 رئيسٍ عامٍّ، قادمينَ من القارّاتِ الخمس ليتشاركوا همومَ الرسالةِ ومستقبلَ الحياةِ الرهبانيّة وتحدّياتِها، مدّة ثلاثِ ساعاتٍ. وفي هذا الجوِّ الكنسيّ والرهبانيّ بامتياز، أعلنَ قداستُه بحماستِهِ المعهودة، أنّ السنةَ 2015 ستكون سنةَ “الحياةِ المكرّسة”، في قلبِ الكنيسةِ والعالم. تُفتَتَحُ رسميًّا في 30 تشرين الثاني 2014 وتُختَتَم في 2 شباط 2016، لمناسبة اليوم العالميّ للحياة المكرّسة.”
تابعت: “أنّ هذا النبأَ السعيد يتزامنُ ومرورِ خمسينَ سنةٍ على إعدادِ القرارِ المجمعيّ في “تجديدِ الحياةِ الرهبانيّةِ الملائمةِ عصرِنا” « Perfectae Caritatis »، الصادرِ عن المجمعِ الفاتيكانيّ الثاني في الجلسةِ العلنيّةِ الموافقة 28 تشرين الأوّل 1965، في حاضرةِ الفاتيكان في روما. “
أردفت” وقد أحدث هذا القرارُ ثورةً تجدديّةً في قلبِ مؤسّساتِ الحياةِ المكرّسة، يأمل قداستُه وجميعَ المعنيّينَ والمعنيّات بهذا الإعلان، أن تكونَ هذه السنةُ المباركةُ، سنةَ نعمةٍ، بحيثُ تُحدِثُ انتفاضةً روحيّةً، يَهبُّ فيها الروحُ القدُسُ بقوّةٍ في عمقِ الأديارِ والمناسكِ والرسالات الرهبانيّة، لتعودَ وتنطلقَ كلُّها مجدّدًا من المسيحِ ومعه، من أجلِ قداسةِ البشرِ وخلاصِهم وتقدّمِهم صوبَ ملكوتِ الرحمةِ والعدالةِ والأخوّةِ والسلام، عاملين بكلمةِ بولس الرسول : «إن كان أحدٌ في المسيح فهو خلقٌ جديد» (2 كو 5: 17).”
أضافت: “لذلك، حـدّدَ رئيـسُ مجمعِ مؤسّساتِ الحياةِ المكرّسة وجمعيّاتِ الحياةِ الرسوليّة، الكردينال بـراز دي أفيز Braz De Aviz في المؤتمرِ الصحفيّ في 31 كانون الثاني 2014، ثلاثةَ أهدافٍ أساسيّةٍ لهذه السنة بالعباراتِ التالية «إنّ قوامَ هذه الأهداف يتمحورُ حولَ”تذكّر الماضي بروحِ عِرفانِ الجميل”، “التوجّه نحو المستقبل بقوّةِ الرّجاء”، و”عيشِ الحاضرِ بشغفٍ وحميّة” في خطِّ المؤسِّسينَ والمؤسِّسات، بحيثُ نتمكّنُ من إيقاظِ العالم، كما يدعونا إلى ذلك قداستُه. فالأزمةُ التي يمرُّ بها المجتمعُ البشريُّ والكنيسة،ُ وبالتالي الحياةُ المكرّسةُ اليوم، لا يجب أن تُشكِّلَ غرفةَ انتظارٍ للموت، بل مناسبةً ملائمةً للنموِّ بالعمقِ وبالرجاءِ المسيحيّ».”
وختمت بالقول “لا يسعُنا في الختام إلاّ أن نؤكّد على ضرورة الإصغاءِ إلى ما يقولهُ الرّوحُ لرهبانيّاتنا اليوم، بلسانِ رأسِ رعاتِنا قداسة البابا فرنسيس، الذي يدعونا بإلحاحٍ للخروجِ خارجَ أسوارِ اكتفائنا الذاتيّ، والذهابِ إلى أقصى الحدودِ لمواجهةِ تحدّياتِ العصرِ بشجاعةٍ، والسيرِ عكسَ تيّاراتِه، في ملاقاةِ الفقراءِ والمهمّشين والمتألّمين في أجسادِهم ونفوسِهم وعقولِهم، وفي الحجِّ الدائمِ نحو الداخل حيث نجدُ جمالَ الحياةِ المكرّسة ونصغي إلى الكلمةِ الوحيدة، كلمةِ الحياةِ النابعةِ من فرحِ إنجيلِ التطويبات. فالحياة المكرّسة هي فرح اللقاء “بالضروري الأوحد”
. فليملأ هذا الفرح قلوبَنا جميعًا، بالرّغم ممّا يصيبنا من آلام المخاض في هذه الآونة من تاريخ شرقنا العربيّ والإسلاميّ الذي نحمله كلّ يوم في دعائنا الحارّ أمامّ الله.”
ثم كانت كلمة الأرشمندريت انطوان ديب فقال:
“في أول مداخلة لقداسة البابا فرنسيس خلال لقائه الرؤساء العامّين سنة 2013، وردًا على أسئلة طرحها الرؤساء العامّون أجاب قداسته :” الكنيسة تنمو بالشهادة وليس بالاقتناص ((prosélytisme. والشهادة الحق التي يمكن أن تجذب هي بالمواقف الغير معتادة: الكرم، التجرد، الاماتة، نسيان الذات للاهتمام بالآخرين. الشهادة هي الاستشهاد في الحياة الرهبانيّة. وهذا يكون بمثابة إنذار للعالم.” وإنطلاقً من كلام قداسته ومن الرسالة والشهادة المميّزة للمكرّسين والمكرّسات في لبنان وفي كنيستنا في الشرق الأوسط، قرّر كلّ من تجمّع الرئيسات العامّات في لبنان ومجلس الرؤساء العامّين القيام بالنشاطات التالية:
1. قدّاس افتتاح سنة «الحياة المكرّسة» السبت 6 كانون الأول 2014 عند الساعة الرابعة من بعد الظهر في الصرح البطريركي في بكركي بحضور أصحاب الغبطة بطاركة الشرق الكاثوليك والسادة الأساقفة. يحتفل بالقداس الإلهيّ صاحب الغبطة والنيافة الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي، يعاونه الرؤساء العامّون، بحضور الرئيسات العامّات والمكرّسات والمكرّسين ومن يرغب في الحضور والمشاركة. تخدم القداس جوقة الروح القدس – الكسليك بقيادة الأب يوسف طنوس، على أن تكون التراتيل معروفة من قِبَل الجميع.
2. يوم المكرّسين والمكرّسات الشبيبة.
3. مؤتمر «الحياة المكرّسة»: الذي سيعقد في 26 و27 و28 شباط 2015 في جامعة الروح القدس- الكسليك.
4. قداس «الحياة المكرّسة»: سيُحتفل به بحسب الطقس البيزنطيّ في كنيسة سيّدة مغدوشة، عند الساعة الرابعة من بعد ظهر السبت 31 كانون الثاني 2015.
5. طبع كتيّب أو مطوية عن الرهبانيّات المتواجدة في لبنان، ضمن مجلة “أوراق رهبانيّة”.
6. طبع عدد خاصّ من مجلّة “أوراق رهبانيّة” يتضمّن مختارات من النصوص الكنسيّة عن الحياة المكرّسة.
7. التواصل مع رؤساء الجامعات الكاثوليكيّة لإجراء مسابقة لوضع LOGO للحياة المكرّسة، على أن تقدّم جائزة للرابح(ة) (يتعلم/تتعلّم مجّاناً لسنة في الجامعة التي ينتمي/تنتمي إليها).
8. طلب موعد من قداسة البابا لإجراء مقابلة خاصّة مع الرئيسات العامّات والرؤساء العامّين في لبنان.
9. إنشاء خليّة تفكير من رهبان وراهبات، تقدّم مقترحاتها إلى مكتبَي الرئيسات العامّات والرؤساء العاميّن، وتقديم أسماء أعضائها إلى الأب مالك بو طانوس ليفعّل عملها.
وختم الأرشمندريت ديب بكلام قداسته في لقائه الرؤساء العامّين: “أشكركم، أشكركم لفعل الإيمان هذا الذي أظهرتموه في هذا الاجتماع. أشكركم لما تقومون به، لروح الإيمان فيكم والسعي وراء الخدمة. شكرًا للشهادة التي تقدموها، شكرًا للشهداء الذين تقدموهم دومًا للكنيسة، شكرًا أيضًا للإهانات التي تصيبكم وتتحمّلونها والتي من خلالها تسيرون درب الصليب. شكرًا من كل قلبي.”
ثم كانت كلمة الخوري عبده أبو كسم فقال:
شرفني صاحب السيادة المطران بولس مطر، رئيس اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام الموجود خارج البلاد، أن أنقل إليكم تحياته القلبية، وهو يمثل بيننا بحضرة نائبه في اللحنة الأرشمندريت انطوان ديب أفضل تمثيل.
“الحياة المكرّسة ليست غاية في ذاتها، وإلاّ تصبح هدفاّ يسعى إليه صاحبه ويحققه دونما النظر إلى من يكرّس نفسه لخدمتهم، وعليه فإن التكرّس لله من أجل خدمة الناس، هو دعوةٌ ربّانية ونعمة يخص الله بها كل مكرّس ومكرّسة ليقتدوا به في تقدمة ذاتهم في سبيل المؤمنين، وأن هذه الدعوة هي دعوة مباركة دونها صعوبات جمّة، أولها التخلّي عن الذات وعن الإنانية والإنفتاح نحو خدمة الآخرين دون النظر إلى لونهم ودينهم.”
تابع: “من المعلوم أن الاحتفال بعيد المكرّسين والمكرّسات هو يوم عيد تقدمة السيد المسيح إلى الهيكل، فقداسة البابا فرنسيس قال نهار الأحد 2 شباط 2014 في عظته لهذا العيد “هو عيد اللقاء بين يسوع وشعبه، واللقاء بين الشباب والمسنين، الشباب هم مريم ويوسف مع يسوع والمسنين هم حنه وسمعان اللذان كرسا حياتهما لخدمة الهيكل.”
أضاف “وفي كلامه عن الحياة المكرّسة قال الحبر الروماني بندكتوس السادس عشر، “إن الحياة المكرّسة شهادة نبوّية وعلى المكرّسين أن يشهدوا لأولوية الله، للشغف بالإنجيل المعاش في حياتهم، والمعلن للفقراء ولمهمشي الأرض.” وقداسة البابا فرنسيس وفي معرض إعلانه عن سنة الحياة المكرّسة، فقد صرّح “بان الحياة المكرّسة هي مزيج من الخطيئة والنعمة، وخلال هذا العام سيتم الحديث عن الضعف، لكن نريد أيضاً أن نصرخ معبرين عن القوة والجمال النابعين من الحياة المكرّسة، فالحياة المكرّسة هي دعوة للشهادة كأيقوناتٍ حيّة لله المثلث القداسة.”
وقال “في هذا المجال تبقى الحياة المكرّسة مدرسة مميّزة لندم القلب وبالإعتراف المتواضع للبؤس الشخصي ولكنها على حدٍ سواء مدرسة ثقة برحمة الله التي لا تهمل أحداً ابداً، فالأشخاص المكرّسون يختبرون نعمة ورحمة وغفران الله ليس فقط لهم، بل أيضاً لأخوتهم، لأنهم مدعوون ليحملوا في قلوبهم هموم وتطلعات البشر وبخاصة البعيدين منهم عن الله.”
تابع “وأجمل ما نختم به الكلام على المكرّسين والحياة المكرّسة هو كلمة قداسة البابا فرنسيس لراهبات بنات مريم سيدة المعونة في الثا
من من هذا الشهر الحالي، نقتطف منها ما يلي: “افتحن قلوبكنّ لإلهامات نعمة الله، ووسِّعن آفاق النظر للتعرّف على المحتاجين وحالات الطوارئ في مجتمع متقلّب. كُنَّ شهادة نبويّة وحضورًا مربيًا من خلال استقبال غير مشروط للشباب، واجهن تحدي تعدد الثقافات وابحثن عن السبل ليكون عملكن الرسولي فعالاً في مجتمع مطبوع بالتكنولوجيات الحديثة والرقميّة”.
وختم الاب أبو كسم بالقول “لا يسعنا إلاّ أن نصلي اليوم من أجل كل المكرّسين والمكرّسات وبخاصة الذين يمرّون بصعوبات وأزمات ليعطيهم الربّ القوة على مواجهتها، ومن أجل المكرّسين العجزة الذين أنهوا خدمتهم لكي يزيدهم الربّ الإله نعمة وقداسة، أيضاً من أجل المكرّسين الذين سبقونا إلى دارالخلود ليمدهم الربّ الإله برحمته الواسعة.”
واختتمت الندوة بكلمة مقتضبة للأباتي داود رعيدي جاء فيها:
“السنة المكرّسة ليست موجهة فقط إلى المكرّسين ويمكن أن هذه النعمة شاءت أن تكون أيضاً سنة العائلة، فقد انعقد الأسبوع الماضي السينودس في روما من اجل العائلة، وتناول مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان موضوع العائلة، وأيضاً السنة القادمة السينودس سيكون عن العائلة.”
وقال “اتمنى على العائلات اللبنانية المسيحية عند كل لقاء، الصلاة من أجل الدعوات والعرض على أولادهم الدعوات الكهنوية، ومشاركة الرهبانيات الاحتفالات التي تقوم بها، والتعرف عن قرب على الحياة المكرسة، كيف نعيشها والتعرف على بعضنا البعض، فالعائلة الطبيعية يجمعها الحب البشري والعائلة الرهبانية يجمعها الروح، والكنيسة بدون مكرسين لن تلقى احداً يخدمها، من هنا أهمية التنشئة على ذلك، والكنيسة تدعو العائلة للعودة لبناء ذاتها من الداخل لكي يصبح لدينا مكرسين ومكرسات بفضل جهود الأهل” .