بدأ الاحتفال بكلمة شكر وترحيب القاها المونسنيور طوني جبران ركز فيها على اهمية إنشاء الرعية المارونية اللبنانية لكي تشكل محور تلاقي كل الكنائس المشرقية كما العائلة اللبنانية المتواجدة في ميلانو. وتوجه بالشكر خاصة الى الكردينال سكولا على حضوره ودعمه للرعية بعد ذلك تلا النائب الاسقفي على مدينة ميلانو المونسنيور كارلو فانشنديني نص مرسوم تأسيس الرعية الجديدة وكنيستها سيدة الشفاء (Santa Maria Della Sanità) في وسط مدينة ميلانو والتي تتميّز بموقعها الجغرافي قرب كاتدرائية المدينة(Duomo) وبتاريخها الغني ورسوماتها القيّمة.
ثم سلّم الكرينال سكولا نصّ التأسيس الى البطريرك الراعي بشكل رسمي معبّرًا في كلمة له عن سروره الكبير بانشاء الرعية المارونية الجديدة التي تشكّل تحديًا وعلامة فارقة تساهم في تعزيز التقارب والتعاون والخدمة المشتركة بين مختلف الكنائس المشرقية ومحور لقاء وحوار مع كافة الاديان، وذلك بفضل ما تميّز به الموارنة من انفتاح على الجميع وما قدموه ويقدموه من مساهمات كبرى في تعميق المواطنة في ميلانو كما في كل اوروبا وحيثما حلّوا. واعتبر نيافته ان حضور البطريرك الراعي وخلفه ابناء كنيسته في ميلانو هو علامة نعمة من الله بشفاعة العذراء مريم شفيعة هذه الكنيسة وفي تذكار بشارتها. وختم الكردينال سكولا كلمته بتقديم صليب كاتدرائية القديس امبروسيوس من القرن الثامن الى غبطته كعلامة “شركة ومحبة” بين ابرشية ميلانو والكنيسة المارونية، كما قدّم ميدالية ابرشية ميلانو الى الاساقفة الموارنة المشاركين.
بعد الانجيل المقدس القى البطريرك الراعي عظة تحت عنوان: “افرحي يا مريم”، جاء فيها:
1. نحتفل اليوم في ليتورجيتنا المارونية في زمن الميلاد بتذكار بشارة العذراء مريم التي بشّرها الملاك جبرائيل، وفقًا لانجيل القديس لوقا، قائلاً:“افرحي يا مريم” لقد وجدتِ نعمة لدى الله، ان ابن العلي الذي ستسمينه يسوع سيأخذ الطبيعة البشرية منكِ، ايتها العذراء، بفعل الروح القدس.(لوقا 1، 26-38). ومنذ ذلك الحين ابتدأ انجيل الخلاص. ان فرح الانجيل هذا قد ذكّرنا به وتكلّم عنه بإسهاب قداسة البابا فرنسيس في إرشاده الرسولي الأخير في تشرين الثاني سنة 2014، تحت عنوان “فرح الإنجيل” (Evangelii gaudium).
2. نحن اليوم في ميلانو، موارنة ومؤمنين مسيحيين شرقيين من لبنان ومن منطقة الشرق الأوسط، نبتهج بصورةٍ خاصة بتأسيس الرعية الجديدة للجماعة المسيحيّة الشرقية في هذه الكنيسة التاريخية والجميلة تحت إسم “القديسة مريم سيدة الشفاء”، الموجودة في شارع دوريني 10، والمُلقّبة بكنيسة “الكمان”.
أريد أن أتوجّه إليكم يا صاحب النيافة الكاردينال أنجلو سكولا رئيس اساقفة ميلانو بشكر عميق وحار، لأنّكم أوكلتم هذه الكنيسة “القديسة مريم سيدة الشفاء” (سيدة الصحة) للبطريركية المارونية لتكون رعية للجماعة المسيحية اللبنانيّة والشرق أوسطية. أشكركم أيضًا لتعيينكم كاهننا الخوري جوزف الضعيف راعيا لهذه الجماعة، الذي بدوره سيُمارس رسالته الراعوية بالتنسيق مع كاهن الرعية في ميلانو الخوري أنريكو مانيوري. شُكرًا أيضًا، صاحب النيافة، لحضوركم على رأس هذه الجماعة في هذه الليتورجية الإلهية.
3. سلام أيضًا من القلب لسيادة المطران ماوريسيو مالفستيتي أسقف أبرشية “لودي” (ايطاليا) الجديد الذي أراد أن يكون حاضرًا معنا اليوم كعلامة شركةٍ عميقةٍ ومستمرّة إبتدأت ونضجت خلال السنين التي أمضاها في خدمة قداسة البابا والكرسي الرسولي في مجمع الكنائس الشرقية. نتمنّى لك يا صاحب السيادة العزيز خدمة راعوية مثمرة على رأس أبرشية “لودي”.
4. أتوجّه أيضًا بهذا الشكر وهذه التحية بإسم جماعتنا المسيحية الحاضرة في ميلانو وعلى رأسها القنصل العام العزيز السيّد وليد حيدر، ومن صاحب السيادة المطران فرنسوا عيد وكيلنا البطريركي لدى الكرسي الرسولي ورئيس المدرسة المارونية في روما، ومن سيادة المطران إلياس نصار رئيس أساقفة أبرشية صيدا – لبنان. ونوجّه الشكر الى المونسنيور طوني جبران نائب رئيس المدرسة المارونية في روما والقيّم العام للوكالة البطريركيّة على الخدمة الرسولية التي قام بها بسخاءٍ لجاليتنا المسيحية في السنوات الماضية من خلال مجيئه الدائم من روما، وخصوصًا للوساطة الدؤوبة التي قام بها لديكم، يا صاحب النيافة، وبالتعاون مع أمين سرّكم العزيز الخوري لوتشيانو والتي أثمرت بإنشاء رعيتنا في كنيسة “القديسة مريم سيدة الشفاء”. أتوجّه بهذا الشكر باسم كافة الكهنة والرهبان والمؤمنين الموارنة الذي رافقونا من روما للمُشاركة في هذا الإحتفال.
5. نفرح اليوم معكم إخوتنا وأخواتنا الأعزّاء أبناء الجماعة المسيحيّة اللبنانيّة والشرق أوسطية في ميلانو بهذا اليوم من الفرح السماوي الذي أُعطِيَ للعالم في يوم بشارة العذراء. هذا الفرح يتترجم بعطية كنيسة “القديسة مريم سيدة الشفاء” (سيدة الصحة) بمبادرة راعويّة كريمة وكنسيّة بإمتياز من قِبَل نيافة الكردينال أنجلو سكولا رئيس أساقفة أبرشية ميلانو، التي من خلالها تتكوّن جماعتنا الراعويّة.
6. ففي هذه الكنيسة ستعيشون أيّها الأبناء الأحباء حياتكم الليتورجيّة والأسراريّة؛ هنا ستُغذون إيمانكم المسيحي وفقًا للأرث الروحي، اللاهوتي والتدبيري وفقا للتقليد السُريانيّ الأنطاكيّ؛ هنا ستُنشّئون بنيكم وبناتكم على الإيمان المسيحي وعلى الصل
اة وعلى المُشاركة المثمرة في أسرار الخلاص. من هنا، ومن خلال إرشادات كاهنكم الراعويّة وبتعاونكم الكريم ستغتنون بالقيم الروحيّة والأخلاقية والإجتماعيّة لتُغنوا كنيسة ميلانو ومجتمعها الموقّر الذي يحضنكم بسخاء.
7. احيي واشكر لجان الرعية، التي تتفانى بالخدمة الراعوية وخدمة الجماعة، اسال الله بشفاعة امنا الحبيبة مريم العذراء ان يعوّض عليكم من نبع عطاياه السماوية والروحية والمادية. إجعلوا من جماعتكم الراعوية، جماعة فرح انجيلي تحمل دائمًا وللجميع البشارة الجديدة في ابعادها المتعددة.
8. لقد احتفلنا يوم امس في الثاني والعشرين من تشرين الثاني، بذكرى استقلال لبنان. ادعوكم ان تصلوا من اجل استقرار لبنان وخروجه من ازماته السياسية والاقتصادية والامنية. نصلي من اجل السلام في الشرق الاوسط ولاسيما في العراق وسوريا والاراضي المقدسة.
نوكل لامنا مريم سيدة الشفاء، ابناء لبنان وشعوب الشرق الاوسط، نسألها ان تشفيهم جميعًا، روحيًا واجتماعيًا وسياسيًا، وتبلسم جميع القلوب بالفرح الحقيقي الذي يخرج من قلب سيدنا يسوع المسيح، له وللآب السماوي، مصدر كل صلاح، وللروح القدس المحيي،المجد والاكرام، الآن والى الابد. آمين.
بعد القداس اقامت الرعية الجديدة حفل استقبال وغداء شارك فيه الكردينال سكولا وتخللته كلمات ترحيب وشكر عبّرت عن فرح ابناء الرعية بكل طوائفهم المشرقية بانضوائهم في حضن كنيسة جديدة تجمعهم وتوحّد طاقاتهم وتؤمن لهم الخدمة الروحية والليتورجية.
ومساء عاد الكردينال الراعي الى روما حيث يشارك اليوم في تقليد رئيس الجمهورية الاسبق العماد ميشال سليمان وساما بابويًا ليعود غدا الى لبنان.