كيف يظهر الله في عالمنا المعاصر ؟

من أين يأتي عطش الإنسان نحو السيطرة على كلّ الأمور ؟

Share this Entry

إنّ المعرفة ليست الكلمة الأخيرة ، لإنها مؤسّسة على عدم المعرفة ، ويحملها سرّ عظيم . إنّ سرّ الله موجود في عالم العلوم التقنيّة ، كمصدر وطاقة كلّ معرفة ، لكن بطريقة خفيّة صامتة . فالله هو مثل جذر الشجرة . نرى أوراقها وندرس طبيعتها ، ونأكلُ ثمارها ، في حين أنّ الجذر المخفيّ في صمت الأرض ، يعطي القوّة والحياة للشجرة . أو مثل الشمس التي نرى ضوءها في الغرفة حيث نعمل ونتحرّك ، دون أن نذكر الشمس نفسها .

هكذا يظهرُ الله في العالم المعاصر ، مخفيّا صامتــًا مع أنّه الطاقة الدافعة للحصول على المعرفة ومصدر الحياة ، أساس كلّ الطموحات . إنّ التأمّل ضروريّ للإنسان حتى يفهم العالم التقنيّ كـ ” رمز ” عظيم للحقيقة التي تحمله . أنّ هذا العالم بشموليّته طريق نحو الله ، ويدعونا إلى الإعتراف بالقوّة التي تحمل الكلّ ، وإلى التصرّف بحسب طيبتها . لإنّ الإنسان مسؤول عن نجاح العالم . فالمطلوب منه أن يتغلّب على التجربة فلا يستعمل العالم لمصلحته الأنانيّة على حساب المحبّة الأخويّة .

وهنا يظهر أيضا السؤال عن المعنى الأخير للتقدم العلميّ ، ومَن هو الإنسان العامل ؟ بواسطة العمل يمكنه تجلّي العالم . إنّ العلم يعبّر عن علاقة الإنسان العميق بالعالم . إنه مفتوح للعالم كلّه ، وله اشتياق نحو ما يفوق العالم ، لإنه أكبر منه ، وينتظر دائمًا عالم السعادة الجديد . إنّ الإنسان انفتاحٌ نحو الغير المحدود . إلى جانب السيطرة على الطبيعة ، يعبّر البحث التقنيّ أيضا ، عن الجوهر الداخليّ الذي يحمل كلّ الجهود الإنسانيّة ، ويشيرُ إلى سرّ الوجود الأعمق الأخير . وهذا الحضور الصامت ، هو معنى العالم التقنيّ ، والذي بدونه لا يمكن الوجود. هكذا يكشف العالم المعاصر عن الله ومن خلال شفافيّته يظهر الله بطريقة خفيّة سريّة لكلّ مَن يؤمن بالعالم الأخير

Share this Entry

عدي توما

1

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير