تابع الأب الأقدس يقول: أمام هذه التساؤلات التي يتردد صداها على الدوام في قلب الإنسان يؤكد الدستور الرعائي في الكنيسة “فرح ورجاء”: “إننا لنجهل الزمان الذي تبلغ فيه الأرض والبشرية نهايتهما كما أننا نجهل طريقة تحويل هذا الكون. إنه ليَزول حقاً شكل هذا العالم الذي شوّهته الخطيئة ولكن نعلم أن الله يُعد لنا مسكناً جديداً وأرضاً جديدة حيث يسود العدل وتفيض الغبطة وتتعدى كل رغبة في السلام خطرت على قلب الإنسان” (عدد 39). هذا هو الهدف الذي تسير نحوه الكنيسة: إنها أورشليم الجديدة! وأشار البابا في هذا الصدد أن الأمر لا يتعلّق بمكان وإنما بحالة تتحقق فيها انتظاراتنا الأكثر عمقًا بشكل مفرط ويصل فيها كياننا – كخلائق وأبناء الله – إلى ملء نضوجه، فيغمرنا الفرح والسلام محبة الله بشكل كامل وتَكونُ رُؤيتُنا وَجهًا لِوَجه (راجع 1 كور 13، 12).
هذا وأكّد الأب الأقدس أننا سنتمكن في هذا المنظار من رؤية الاستمرار والشركة بين كنيسة السماء والكنيسة التي تحج على الأرض. فالذين يقيمون في حضرة الله يمكنهم أن يعضدوننا ويشفعون بنا من السماء، ومن جهة أخرى نحن مدعوون أيضًا لنقدّم على الدوام الأعمال الصالحة والصلوات والافخارستيا للتخفيف من عذابات النفوس التي لا تزال تنتظر الطوبى الأبديّة، لأن التمييز في المنظار المسيحي ليس بين من مات ومن لا يزال حيًّا وإنما بين الذي يقيم في المسيح والذي لا يقيم فيه، وهذا هو العنصر المُقرّر في خلاصنا وسعادتنا.
كما وأشار البابا فرنسيس إلى ما يعلمنا إياه الكتاب المقدّس حول أن كمال هذا التدبير الرائع سيطال أيضًا كلّ ما يحيط بنا وما خرج من فكر الله وقلبه وقال إن القديس بولس الرسول يؤكده بوضوح عندما يقول بأن الخليقة أيضًا “ستُحَرَّرُ مِن عُبودِيَّةِ الفَسادِ لِتُشاركَ أَبناءَ اللهِ في حُرِّيَّتِهم ومَجْدِهم” (روما 8، 21). بمعنى أن الكون بأسره سيُجدّد ويتحرّر إلى الأبد من كل أثر للشرّ لا بل من الموت عينه. هذا وأكّد الأب الأقدس أن ما ينتظرنا كتمام لتحوّل وتغيير قد بدأ في الواقع مع موت المسيح وقيامته، وبالتالي فهو خلق جديد وليس انحلالاً للكون ولكل ما يحيط بنا، بل يحمله إلى ملء كيانه وحقيقته وجماله، وقال: هذا هو التدبير الذي أراد الله، الآب والابن والروح القدس أن يحققه منذ الأزل وقد بدأ بتحقيقه.
وختم البابا فرنسيس تعليمه الأسبوعي بالقول: أيها الإخوة الأعزاء، عندما نفكّر بالحقائق الرائعة التي تنتظرنا ندرك مدى عظمة نعمة انتمائنا للكنيسة والدعوة السامية التي يحملها هذا الانتماء. لنطلب إذًا من العذراء مريم، أم الكنيسة، أن تسهر دائمًا على مسيرتنا وتساعدنا لنكون – على مثالها – علامة فرحة للثقة والرجاء في وسط إخوتنا.
وفي ختام مقابلته العامة حيا الأب الأقدس المؤمنين المحتشدين في ساحة القديس بطرس وقال: كما تعلمون، من يوم الجمعة المقبل وحتى الأحد سأزور تركيا في زيارة رسوليّة. أدعو الجميع للصلاة لكي تحمل زيارة بطرس هذه لأخيه أندراوس ثمار سلام وحوار صادق بين الديانات ووفاق في الأمة التركية.