تشهد بلاد عديدة من حول العالم جرائم بغاية الوحشيّة، كان آخرها الجريمة بحقّ حرّية الصحافة والتعبير في العاصمة الفرنسية الأسبوع الماضي. وهذا ما دفع برئيس أساقفة باريس الكاردينال أندريه فانتروا إلى تحرير رسالة موجّهة للكاثوليك في باريس، تمّت تلاوتها على مسامعهم خلال قداديس الأحد 11 كانون الثاني في كلّ الرعايا.
استهلّ الكاردينال رسالته التي نشرتها وكالة زينيت العالمية بالقول: “إنّ باريس كانت مسرحاً لأعمال عنف وهمجيّة لم يسبق لهما مثيل، بحيث أنّ الحرب والموت كانا طوال سنوات عديدة حدَثَين بعيدين عن الفرنسيين، مع العلم أنّ جنوداً فرنسيين كانوا يشاركون في معارك في بلدان مختلفة بهدف إحلال السلام، وقد استُشهِد بعضهم. إلا أنّ الموت العنيف باغتَنا، تاركاً الجميع في فرنسا وخارج حدودها بحالة صدمة”. وتابع الكاردينال رسالته ذاكراً أنّ معظم المواطنين اعتبروا هذا الوضع نداء لإعادة اكتشاف بعض القيم الأساسية كحرّية المُعتقد أو حرّية الرأي. وأشار إلى أنّ التجمّعات العفويّة التي حصلت في الأيام الأخيرة طبعَها الخشوع البعيد عن الحقد والعنف، كما ووحّدت الفرنسيين في الحِداد والقناعة بوجوب الدفاع عن مبدأ.
أمّا من ناحية الرسوم الكاريكاتوريّة بحدّ ذاتها، فقد أكّد الكاردينال أنّه لا يمكن وضع الكاريكاتور، حتى وإن كانت سيّئة أو غير عادلة، بمساواة جريمة القتل. “إنّ حرّية الصحافة مهما كان ثمنها، تشير إلى مجتمع ناضج. واعتقاد المواطنين بأنّ الردّ الوحيد على السخرية أو الإهانة يكون بموت كاتبها، يضع مجتمعنا أمام تساؤلات خطيرة”. ثمّ حيّى الكاردينال رجال الشرطة الذين استُشهدوا خلال تأديتهم واجبهم، ولم ينسَ دعوة الكاثوليك إلى الصلاة لأجل ضحايا الإرهابيين وأزواجهم وأولادهم وعائلاتهم، والصلاة لأجل البلاد كي يثبت فيها الاعتدال، كما الصلاة على نيّة الإرهابيين الذين يكتشفون حقيقة حُكم الربّ. وفي النهاية، حضّ رئيس الأساقفة الجميع على “عدم الانجرار إلى سهولة مطابقة بعض المتعصّبين بديانة كاملة”، داعياً الرب لنكون فاعلي سلام، إذ يجب ألّا نيأس من السلام إن كنّا نبني العدالة.